حكم الإضراب في الإسلام ( 1- 2)

  • 4/1/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بيّن الإسلام علاقة الإنسان بربه وعلاقته بالخلق، فكان منها العبادات ومنها المعاملات، والله تعالى قال: ما فرطنا في الكتاب من شيء، وقال عليه الصلاة والسلام: الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات. - من أجل ذلك فإن الشريعة الإسلامية حاربت وتحارب استغلال القوي للضعيف، وكذلك استغلال الضعيف للقوي، فالغني قد يحمله غناه وسلطته على أن يظلم الفقير الذي يعمل تحت يده، فيبخسه حقه. والفقير قد تحمله حاجته أو حسده على ألا يعطي العمل حقه، ويطالب الغني دائماً بزيادة الأجور بسبب أو من دون سبب بحكم أن الغني قادر، وينسى أنه مقيد بما ورد في العقد. - وقد تعلم الناس اليوم أن يضربوا عن العمل، فما الإضراب في الشريعة الإسلامية، وما حكمه، ومتى يجوز الإضراب؟ - قبل أن نبين حكم الإضراب، يستحسن أن نبين حقوق العامل على الدولة أو على القطاع الخاص، وهي إيجاد العمل والكسب لكي لا يجلس الناس عاطلين عن العمل، وهم أمام التزامات أسرية واجتماعية. - ومن جانب آخر على الدولة أو على القطاع الخاص أن يوفر الحماية لهذا العامل، فلا يتعرض للمخاطر لا في جسمه ولا في صحته ولا في كرامته، فالله تعالى يقول: ولقد كرمنا بني آدم. - ومن حقه أيضاً أن يأخذ أجره بالكامل ومن غير إهانة ولا مذلة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه. ومن الظلم أن يعطى للعامل أجر أقل من حجم عمله وجهده، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره. - ومن حق العامل على رب العمل أن يراعي ظروفه الصحية فلا يكلفه فوق طاقته، فالله تعالى يقول: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها. - ومن حقه على رب العمل أن يستمر في عمله حتى لو كبر في السن أو ضعف، لأن الوفاء يقتضي أن يحافظ عليه في وقت ضعفه ومرضه كما كان في وقت صحته وقوته. وقد حصل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أن رجلاً أرهق جملاً له في العمل فهرم فأراد أن يذبحه ليستريح من مؤنته، فقال عليه الصلاة والسلام: أكلت شبابه حتى إذا عجز أردت أن تنحره؟ فتركه الرجل. إذن هذا هو موقف الإسلام من الحيوان فكيف الإنسان؟ - ومن حق العامل أيضاً إذا ظلمه رب العمل أن يشتكي ويقاضيه، إذ إن الظلم محرم شرعاً وقانوناً، ورفع الظلم واجب شرعي وإنساني، فالله تعالى يقول في حديث قدسي: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا.. الحديث. - نفهم من كل ما ذكر أن لرب العمل على العامل أن يخلص له في العمل ويتقن عمله ويحافظ عليه، وإذا قصر أو أتلف فهو ضامن، وفي المقابل للعامل على رب العمل ما ذكرناه، وإذا لم يعطه رب العمل حقوقه، فإن له أن يطالب بها سلمياً ومن خلال الجهات القضائية. إذ إن القاعدة تقول: الضر يزال، ولكن الضرر لا يزال بضرر أكبر، ولم نجد شيئاً في كتب السلف عن مشروعية إضراب العامل عن العمل عن طريق إتلاف الأموال أو إحراق الممتلكات العامة أو الخاصة. - فالإضراب هو امتناع العامل عن أداء مهامه من غير سابق إذن من رب العمل لغرض الحصول على حقه الذي يفترض أن يكون عادلاً.

مشاركة :