يلجأ كثير من الناس إلى شراء البضائع المستعملة من الأسواق المتخصصة بذلك، سواء كانت ملابس، أو أجهزة كهربائية، أو مستلزمات الأثاث المنزلي، وغيرها، ومن بينهم من لا يأبه بالتصريح بذلك، بينما نجد آخرين يتعاملون مع فكرة شرائها من باب الخصوصية، فلا يحبذون البوح بأنها مستعملة أو حتى مكان شرائها، وما بين هذا وذاك تعددت الآراء. كثير منا فكر بشراء البضائع المستعملة أو اشتراها فعلاً، فهناك عدد لا بأس به من المواقع الإلكترونية المتخصصة لبيع جميع أنواع البضائع المستعملة من أصحابها، فضلاً عن محال الملابس التي تتدرج بين ما هو جديد لديها وما هو مستعمل، فما يميزها أنها تحمل علامات تجارية مشهورة تجعلها جذابة لمحبي هذا النوع من العلامات، بل وتنتشر محال بيع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والأثاث المنزلي وتوابعها في الدولة، لتكون تلك البضائع بمتناول الجميع ممن هم بحاجة إليها وبأسعار أدنى من أسعارها الحقيقية بكثير، حتى وإن استخدمت ليوم واحد فقط. حين يُقبل الناس على شراء حاجاتهم من تلك البضائع، ربما يعتبرون الأمر خاصاً جداً ولا يرغبون بالتصريح به، ومنهم الشابة سالي محمد الطالبة الجامعية التي تقول: أشتري الملابس المستعملة ذات العلامات التجارية الشهيرة، التي تتسم بغلاء أسعارها في متاجرها الأصلية، لذلك لا أرى في شرائها من محال الملابس المستعملة ضيراً، لكن في الحقيقة لا يمكنني أن أصرّح بذلك لمن يسألني من أين اشتريتها، لأن الأمر مخجل ويظهر الشخص وكأنه عاجز عن شراء الجديد، لكنني في ذات الوقت أجد في تلك البضائع سبيلاً لأظهر بأجمل حلة، من دون أن يهمني مصدرها، ما دامت تبدو بمظهر أنيق ونظيف ولا يعيبها شيء. وتنحصر مشتريات سالي في الملابس، فكونها شابة جامعية لا يجعلها تهتم سوى بهذا النوع من البضائع، لكنها في الوقت ذاته ترفض شراء الإلكترونيات كالهواتف المتحركة المستعملة، لعدم ثقتها بعمرها الافتراضي وزمن استخدامها، وتفضل بذلك شراء الجديد منها. ولمحمد السماني، موظف، رأي يشبه سابقته، فهو لا يشتري المقتنيات الشخصية كالإلكترونيات والأجهزة اللوحية والهواتف النقالة والحواسيب والأسرّة والملابس المستعملة، لكنه لا يمانع شراء السيارة للفرق الكبير في السعر عن الجديدة منها. ويوضح ذلك قائلاً: للبضائع المستعملة مزاياها الكثيرة، فهي أرخص سعراً بالدرجة الأولى، وبنفس الوقت بعضها يمكن تفحصه جيداً لأجل اتخاذ القرار بشرائه، ومثال ذلك المقاعد والثلاجة، وأثاث غرفة المعيشة، فكل قطعة منها يمكن تفحصها جيداً قبل الشراء، فضلاً عن أن عدم جودة البضاعة بحال من الأحوال يمكّن المشتري من إرجاعها ضمن مدة زمنية محددة، وهذا ما يميز الشراء من محال البضائع المستعملة عنه من الأشخاص. ويشير إلى أن السيارة لا يمكن إخفاء كونها مستعملة، وبنفس الوقت لا يخجل من التصريح بشراء ما هو مستعمل ما دام على ثقة بجودته. ولا يمانع النيجيري أبيودن أوغنديب، أن يشتري أي بضاعة مستعملة ما دامت بحالة جيدة، حتى الهواتف النقالة أو الحواسيب لا يمانع في شرائها في حال كانت مدة الاستخدام واضحة على المنتج، إذ يوفر عدد من محال بيع الإلكترونيات المستعملة ملصقاً للمنتج بتاريخ شرائه من قبل مشتريه الأصلي، وذلك ترغيباً للناس في الشراء، حتى إنهم يضعون الضمان الخاص بتلك القطعة. ويضيف أوغنديب: تتيح البضائع المستعملة لمشتريها أن يتعرف إلى مصدرها ومن أي محل بالأصل تم شراؤها، حتى لو أراد أن يكمل باقي القطع فإنه يتمكن من ذلك، فلو اشترى مثلاً خزانة ملابس من أحد المتاجر، بإمكانه سؤاله من أين يمكنه أن يكملها بسرير، فيدله إلى المتجر الأصلي للقطعة، وبالنسبة للشراء من أشخاص عبر المواقع الإلكترونية، فهم يكونون على نسبة جيدة من الصدق بشأن مدة استخدام القطعة المراد بيعها ليجنبوا أنفسهم المشكلات، ذلك بهدف التخلص منها بأسهل وأسرع الطرق وأسلمها. ويشير الشاب الصغير مجتبى محمد، إلى أن شراء بعض البضائع المستعملة لا يحمل أي مشكلات، وهو هنا يتحدث عن اهتماماته الشخصية، مثل الدراجات الهوائية والوسائل الرياضية الأخرى كالزلاجات المنفردة وغيرها، لكنه يحرص على أن تكون جديدة المظهر لكيلا يسأله أصدقاؤه من أين حصل عليها. ويوضح قائلاً: هناك كثير من الشباب الذين يبيعون تلك الأشياء لغرض استبدالها بغيرها ممن تستهويهم أكثر أو لأنهم ملّوا منها وليس بالضرورة بسبب عطلها أو قدمها، ذلك أن أغلبيتها تكون بحالة جيدة، والغرض من بيعها هو شراء شيء أفضل بنظرهم، لذلك لا مانع لدي من شراء ما هو أرخص من مثل تلك الأشياء المستعملة ليتسنى لي شراء غيرها مما هو جديد كالإلكترونيات، وبذلك أخفف الضغط عن أهلي. ولعل من المثير أن نجد من يعرض بضائع مستعملة بشكل مجاني على المواقع الإلكترونية، وهذا ما يميزها عن المتاجر المتخصصة، بحسب ما تقول فائزة علي (أم محمد)، التي كانت تبحث عن قطع أثاث لمنزلها عن طريق أحد تلك المواقع. وتضيف: فوجئت بعرض البعض لقطع مجانية، ربما لداعي السفر، لذلك لا بد من التخلص منها بسرعة، أو لأغراض إنسانية لمن يحتاج إليها، أو لصعوبة تخزينها ونقلها من المنزل. أفضل الشراء من المواقع الإلكترونية لأنني سأكون على معرفة على الأقل نسبياً بمستخدميها ومدى نظافة الاستخدام ومدته، فالمنزل الذي تباع منه القطعة يمنحني فكرة عن مستخدميها، وأفضل دائماً شراء القطع من الأُسر التي لا تضم أطفالاً فتكون بحالة أفضل، وكذلك من منازل السيدات أو استخدامهن حيث يهتمن بنظافة القطع، ولقناعتها بمصدر القطعة لا تجد أم محمد عيباً في التصريح بشرائها مستعملة لو سألها أحدهم عن ذلك، لكنها تحبذ ألا تصرح بالأمر. الأم هنادي غريب، ترى أن شراء الملابس عموماً وملابس الأطفال المستعملة بشكل خاص لا يمكنها تقبله بأي حال من الأحوال، فمن وجهة نظرها ربما تحمل تلك الملابس الأمراض والتحسس الجلدي لها ولأبنائها، وفي ذات الوقت تعتقد بالفأل السيئ من وراء تلك الملابس التي ربما تكون لأشخاص متوفين أو غير ذلك. تقول: حين أنجبت ابني لم أجد ما يمكنني أن أسد فيه حاجته إلى الملابس وبنفس الوقت وجدت أن كل مقتنيات الأطفال سواء المقاعد أو العربات أو الأسرّة ذات أسعار عالية جداً، لكنني حرصت على أن أوفرها له لأنه لا بديل لدي، وبنفس الوقت احتفظت بما هو جيد منها لأخيه المقبل، وذلك بالنسبة لي أوْفَر وأفضل من أن اشتري المستعمل. وتنوه إلى أنها ربما تلجأ إلى شراء الأثاث الخشبي لكونه لا يتأثر كثيراً بالاستعمال، أما ما يتضمن الفرش مثل القماش والإسفنج، فلا تشتريه بتاتاً لنفس الأسباب التي لا تشتري الملابس المستعملة من أجلها، كما أن الأخشاب لا تبدو مستعملة لو أحسن اختيارها. المتاجر الإلكترونية للمتقاعد سعيد الحاج، رأي بشأن شراء البضائع المستعملة عن طريق المواقع الإلكترونية والمتاجر المتخصصة، إذ يقول: لاحظت من خلال محاولتي شراء عدد من البضائع المستعملة أن أسعار القطعة ذاتها أغلى من المواقع الإلكترونية، إذ يعرضها أصحابها للبيع بأسعار لا يقل كثيراً عن أسعارها الأصلية، فكل شخص يعتقد ويقيِّم بضاعته على أنها الأفضل، لذلك يعرضها بسعر لا يود فيه أن يخسر كثيراً من سعر الشراء، وهذه حال الأغلبية في تلك المواقع عدا بعض الحالات التي أقتنصها للحصول على فرصة جيدة. أما في المحال المتخصصة فأجد الأسعار أقل وأكثر قدرة على التفاوض بشأنها، وذلك لأنهم يشترونها من الأشخاص الراغبين في بيع مقتنيات منزل كامل لأغراض السفر أو غيرها، بأسعار بخسة ويبيعونها بالضعف ومع ذلك تظل أرخص من المواقع الإلكترونية. ويلفت الحاج إلى أنه ليس من الضرورة التصريح بشراء قطعة مستعملة، فهو أمر شخصي وليس من الأهمية أن يعرفه الجميع.
مشاركة :