زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما التاريخية إلى كوبا، وهي الأولى لرئيس أميركي في منصبه منذ عام 1928، تعد في عدد من الأوجه، أكثر الخطوات الدبلوماسية الخارقة المشحونة بالرموز طوال عهده الرئاسي. وتفتقت أولى طلائع الطاقة الإيجابية، منذ لامست طائرة سلاح الجو رقم واحد أرض هافانا، أخيراً، في زيارة استثنائية وطبيعية بشكل استثنائي. وعلى الرغم من غياب الضمانات كلياً، بوصول الأمور إلى ما وصلت إليه، أبلغ أوباما الأميركيين عام 2008، حين كان مرشحاً للرئاسة، بأنه سيعمل على إذابة الجليد، ويتبنى استراتيجية جديدة حيال كوبا، إذا انتخب رئيساً. وتوجد خلف صور الوجوه الباسمة لأفراد العائلة الأولى، وهي تستمتع بمشاهد هافانا القديمة، على وقع تصفيق الحشود، بعض الحقائق المتفاوتة. ويجادل النقاد محقين بأن أوباما قد غض النظر عن سجل حقوق الإنسان من أجل تحقيق أهدافه. وتنعكس الأهمية الحقيقية لزيارة أوباما في توجه كوبا نحو تفكيك نظامها الاستبدادي، وأكثر في ملامح ابتعاد أميركا عن موقفها القديم. وقد أقر أوباما بأن السياسة التي قضت بعزل كوبا على امتداد خمسين عاماً، لم يرتجَ منها أي فائدة، ليس لأنها فشلت في تحقيق النتائج المقصودة منها، بل لكونها أصبحت عائقاً أمام دفاع أميركا عن مصالحها في أميركا اللاتينية. وحقق أوباما بزيارته إلى هافانا، خطوة ضرورية، ويبقى على عاتق كوبا القيام بالتحرك التالي، لا سيما أن الشباب الكوبي يتوقع من تطبيع العلاقات بين البلدين، أكثر من مجرد صور تذكارية. ثورة كوبا انتهت، لكن النظام لا يزال يفرض سيطرته، لا سيما أن البرلمان يستعد لمؤتمر الحزب الشيوعي في أبريل المقبل. لا تقتصر زيارة أوباما إلى كوبا، على حفظ حسن الجوار بين الدولتين، ولا رفع أعباء الماضي، بل إنها تبادر الشعب والنظام الكوبيين بسؤال حول نوع المستقبل الذي يريدان جعله ممكناً.
مشاركة :