مسؤول فلسطيني لـ ^: «الاعتقال الإداري» و«العزل الانفرادي» سيف تسلطه إسرائيل على المعتقلين

  • 4/1/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكد عبدالناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم الاعتقال الإداري والعزل الانفرادي، كسيف مسلط على رقاب المواطنين الفلسطينيين، تزامناً مع ممارستها سياسة الاهمال الطبي بحق المعتقلين الفلسطينيين داخل سجونه التي تفتقر لأي من مقومات الحياة الإنسانية الكريمة. وأوضح فروانة وهو المختص في شؤون الأسرى وأسير محرر خلال حوار مع «اليوم» أن سلطات الاحتلال جعلت من «الاعتقال الإداري» وسيلة للعقاب الجماعي، محذراً من خطورة الأوضاع داخل السجون واحتمالية انفجارها بشكل قد يفاجئ الجميع، نتيجة الضغط من قبل إدارة السجون على المعتقلين، وتصعيد إجراءاتها القمعية ضدهم. وقال فروانة إن الأوضاع المأساوية في السجون «لم تعد تُحتمل على الاطلاق، كما لم يعد بالإمكان القبول أو التعايش مع ما تقترفه ادارة السجون من انتهاكات جسيمة وما تمارسه من اهانة واذلال». فيما يلي نص الحوار.. ¸ لماذا تلجأ إسرائيل لخيار الاعتقال الإداري ضد المواطنين الفلسطينيين؟ أولاً يجب أن نؤكد على أن السياسة الإسرائيلية منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية تستهدف كل ما هو فلسطيني، والاعتقالات وسيلة من وسائل القمع والتنكيل التي تمارس ضد الفلسطينيين بهدف السيطرة عليهم، وفي هذا الإطار إسرائيل اعتقلت مئات الآلاف من الفلسطينيين وزجت بهم في سجونها. ومن ضمن اشكال الاعتقالات «الاعتقال الإداري»، وهو إجراء موروث عن الانتداب البريطاني، وإسرائيل لم تلتزم حتى بما هو موروث، عقب احتلالها الأراضي الفلسطينية عام 1967، وأصدرت مجموعة من القرارات لتسهل إجراء «الاعتقال الإداري» وتوسيع تطبيقه بحق الفلسطينيين. و «الاعتقال الإداري» هو إجراء يعني اعتقال الفلسطيني وحرمانه من حريته بشكل تعسفي دون أي تهمة أو محاكمة وفقاً لإجراءات إدارية تعرف باسم «الملف السري». وأصبح هذا النوع من الاعتقال سياسة رئيسية في تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين واعتباره سيفا مسلطا على رقابهم. وتلجأ إسرائيل لـ «الاعتقال الإداري»، كخيار بديل وسهل عن الإجراءات الجنائية، سيما وأنه لا يحتاج إلى مبرر، ومبني على قرار من المخابرات الإسرائيلية. وهو خيار يتيح اعتقال أي مسئول أو قائد أو كاتب أو سيدة أو طفل فلسطيني في أي وقت وأي زمان، بدون معرفة الأسباب وهنا تكمن الخطورة. والأخطر في «الاعتقال الإداري» أن المعتقل لا يعرف تاريخ الإفراج عنه، وربما في اللحظة الأخيرة التي يكون المعتقل يجهز نفسه للخروج من السجن يجدد له الاعتقال فوراً، هناك من جدد قرار اعتقالهم الإداري عشرات المرات، وهناك من أمضوا ما يزيد على سبع سنوات متواصلة في الاعتقال الإداري، وهناك من أمضوا عشر سنوات على فترات غير متواصلة. وبالمناسبة هناك أسرى أنهوا فترة الحكم وجرى تحويلهم للاعتقال الاداري، بمعني أن إسرائيل تعاقبهم عدة مرات، الأولى بفترة الحكم والثاني بعد الحكم، هناك أسرى خضعوا إلى التحقيق والتعذيب لم يثبت عليهم أي اتهامات وجرى تحويلهم للاعتقال الاداري. ¸ ما أبرز الفترات التي شهدت تصاعدا في عمليات الاعتقال الإداري؟ حسب ما هو موثق فإن إسرائيل منذ عام 1976، اتخذت أكثر من 50 قراراً بالاعتقال الإداري، وهذا شكل من أشكال العقاب الجماعي، حذر منه القانون الدولي. وعمليات الاعتقال الإداري لا تجرى بشكل منتظم فهي مرهونة بالاوضاع الأمنية والظروف السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وفي انتفاضة الأقصى عام 2000 تصاعدات عمليات الاعتقالات الإدارية، ومن بين الـ50 الف اعتقال حوالي 24 الفا خلال الانتفاضة، والاعتقال الإداري شمل كل فئات الشعب الفلسطيني، وأغلبهم شخصيات أصحاب رأي وأكاديميين ولم يستثن الأطفال والنساء، وخلال انتفاضة القدس الحالية تواصل، واستخدم بحق بعض النشطاء من القدس المحتلة. ¸ حاليا كم معتقلا إداريا داخل السجون الإسرائيلية؟ يجب أن أؤكد هنا أن هذا الاعتقال مخالف لكل المعايير والقوانين الدولية، وإسرائيل تضرب بعرض الحائط كل القوانين واستغلت القانون ووسعت من ممارستها لعمليات الاعتقال الإداري، وحالياً يوجد أكثر من 700 فلسطيني معتقلين إدارياً بدون تهمة أو محاكمة، تحت مسمي «الملف السري»، وهذا يقودنا للحديث حول أن المعتقل الإداري لا يعرف التهمة الموجهة له ولا يطلع على أسباب اعتقاله ولا يحق له الدفاع عن نفسه في المحاكمة السرية التي تعقد حول الموضوع، ولا يتمكن المحامي الخاص فيه بالاطلاع على ملفه، وبالتالي يصادر حقه المكفول في الدفاع عن نفسه، ويبقى رهن الاعتقال وفقاً لقرار المخابرات الإسرائيلية. ويجب هنا أن نركز على غياب المحاكمة العادلة للمعتقلين الإداريين. ويجب التأكيد على أن احتجاز المعتقلين الإداريين يكون في ظروف قاسية، مخالفة لما ورد في القانون الدولي. والقانون يسمح لهم بالتحدث مع أهاليهم والمحامين، وتوفير شروط حياتية مناسبة. والتعامل مع المعتقلين الإداريين هو نفس التعامل مع الاخرين من حيث الجرائم والانتهاكات التي تقترف بحقهم. ¸ كيف يصنف سلوك إسرائيل بشأن استخدامها سياسة الاعتقال الإداري؟، وهل من جهود لوقف هذا الشكل من الاعتقال؟ نحن نتحدث عن اعتقال أصبح وفقاً للسلوك والممارسة الإسرائيلية، جريمة بمعنى إسرائيل تواصل استخدام هذا الشكل من الاعتقالات لتنفيذ الجريمة بحق الفلسطينيين، وهذا موثق لدينا وفقا لشهادات حية. والان في ظل هذه الانتهاكات هناك جهود قانونية وبذلت، وهناك مواقف من بعض الجهات الدولية كان اخرها موقف منظمة العفو الدولية، والتي قالت إن قرار الاعتقال الاداري هو قرار سياسي يستخدم للانتقام من الفلسطينيين. وسبق هذا الموقف موقف اخر للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طلب عبره ضرورة وقف الاعتقال الإداري والإفراج عن المعتقلين الإداريين فوراً أو تحويلهم للمحاكمة إذا كان هناك ما يدينهم، لكن كل هذه المواقف بقيت حبرا على ورق ولم تغير في الواقع ولم تلزم حكومة الاحتلال في تغيير سياستها. ¸ طالما أن إسرائيل لم تغير سياستها تجاه المعتقلين الإداريين، ما أبرز الخطوات التي يقوم بها هؤلاء المعتقلين للاحتجاج على اعتقالهم التعسفي؟ استمرار هذه السياسة دفع مجموعة من المعتقلين إلى الذهاب إلى الخيار الأصعب وهو الاضراب المفتوح عن الطعام لفضح هذه السياسة، وانتزاع حريتهم، وهذا الخيار قاس وكان آخر الذين عاشوه المعتقل الإداري الصحفي محمد القيق، وفي هذه الأوقات هناك مجموعة من المعتقلين يخوضون إضرابات فردية عن الطعام لوقف اعتقالهم إدارياً، في ظل غياب الموقف والضغط الدولي على سياسة الاحتلال. والتقصير الدولي تجاه المعتقلين الفلسطينيين يدفع سلطات الاحتلال نحو الاستمرار في سياساتها التعسفية القمعية بحق المعتقلين. وطالما لا توجد قوة سياسية تجبر إسرائيل على تطبيق القرارات الدولية بشأن الأسرى فإن الانتهاكات ستبقى مستمرة. ¸ هل الاعتقال الإداري يكون مقدمة لممارسة سياسة العزل الانفرادي؟ في الاساس هدف الاعتقال الإداري عزل المعتقل عن مجتمعه الخارجي أولاً، وداخل السجون تمارس أيضا ضده سياسة العزل الانفرادي، ولا ينال حقه في شروط الحياة الكريمة ولا يتلقون رعاية طبية ولا يسمح لهم بالتواصل مع ذويهم، والعزل الانفرادي يمارس بحق المعتقلين الإداريين وغير الإداريين كوسيلة عقابية. وقلنا إن هؤلاء المعتقلين لا ينالون حقهم في الحياة، ولا يحصلون على حياة كريمة ولا يتلقون الرعاية الطبية، ولا يسمح لهم بالتواصل بشكل دائم ومستمر مع ذويهم، من خلال الزيارات أو الاتصال وكذلك مع المحامين، هناك مضايقات كثيرة وهناك شروط حياتية قاسية، هناك معاملة لا إنسانية، هناك إهمال طبي وعدم تقديم الرعاية الطبية للمرضى منهم، هناك عدم مراعاة لكبر سنهم أو حتى وضعهم الاجتماعي ومكانتهم في مجتمعهم الفلسطيني، مثل النواب والوزراء وأساتذة الجامعات أو حتى النساء لم ينلن حقهن في هذا الإطار. العزل الانفرادي هو إجراء يمارس بحق المعتقلين الإداريين ويمارس أيضا كوسيلة عقابية بحق الآخرين، فهو ليس مقتصرا على المعتقلين الإداريين، وإنما يمارس بحق الجميع، فهو وسيلة عقابية أحيانا ووسيلة انتقامية أحيانا أخرى، مما قام به هذا الشخص أو ذاك من عمليات فدائية نفذها أو شارك في تنفيذها قبل اعتقاله، وأحيانا لإبعاد هذا القائد أو المسئول عن التأثير الجمعي للحركة الوطنية الأسيرة وبالتالي يحاولون إبعاده حتى لا يؤثر على الحركة الأسيرة بآرائه وأفكاره أو تحريضاته من وجهة نظرهم، وبالتالي نتحدث عن ثلاث فئات أساسية مورس بحقها التعذيب، حيث ان العزل الانفرادي قاس جدا ويلحق الأذى بصحة الأسير الجسدية والنفسية، وبتقديري لا يمكن للأسير أن يمضي فترات طويلة في العزل في زنزانة ضيقة، قد تمتد إلى سنوات، دون أن تترك آثارها السلبية عليه. الآن هناك 14 أسيرا يقبعون في العزل الانفرادي في سجون مختلفة، في ريمون وفي الرملة وفي مجدو وغيرها، ويعيشون ظروفا قاسية من حيث التواصل والشروط الحياتية، ويؤسفنا أن نقول إن الأسير في الانفرادي أصبح كل حلمه أن يخرج من العزل وما عاد يفكر في الحرية، خصوصا في ظل العجز القانوني والحقوقي حيث لجأ البعض إلى خوض الإضرابات الفردية بسبب الظروف المفروضة عليهم لإنهاء معاناتهم في العزل الانفرادي. ¸ ماذا عن خطورة الإهمال الطبي من قبل إدارة السجون في حق الأسرى؟ فيما يتعلق بالإهمال الطبي، فهو إجراء متبع بحق جميع الأسرى والمعتقلين، حيث إن المعاملة الإسرائيلية لا تميز ما بين طفل قاصر مثل ديما الواوي 12 سنة، وما بين شيخ، مثل الأسير فؤاد الشوبكي عمره 77 سنة، أو امرأة مثل لينا الجربوني قضت 14 عاما وما زالت في السجن، أو معتقل مريض، لا تمييز بين هؤلاء. الإهمال الطبي هو جزء من مشكلة أكبر في السجون وهي مشكلة الأوضاع الصحية هناك، حيث وصلت من السوء والقمع ما لم تصله سجون أخرى في العالم، نتحدث عن افتقار السجون للعيادات وللمختصين وللأدوية المناسبة، والمماطلة في تقديم العلاج، والرعاية والعمليات العاجلة، مما يحول الأمراض البسيطة التي تحتاج إلى رعاية لامراض مستعصية يصعب علاجها، مما يؤدي إلى أن تصبح أمراضا مزمنة أو تؤدي إلى الوفاة داخل أو خارج السجن، حيث استشهد 207 أسرى داخل السجون نتيجة التعذيب والإهمال الطبي والقتل المتعمد، بالإضافة إلى عشرات آخرين استشهدوا بعد خروجهم من السجون نتيجة لأمراض ورثوها عن هذه السجون. وفي ظل الحديث عن هذا الملف القاسي والمؤلم الذي يؤدي إلى معاناة مزدوجة، معاناة الألم ومعاناة السجن، نتحدث عن أكثر من 1600 مريض في السجون يعانون أمراضا مختلفة، بينهم حوالي 25 يعانون مرض السرطان، وبينهم العشرات ممن يعانون إعاقات جسدية ونفسية وحسية، وهناك حوالي 19 أسيرا متواجدون بشكل دائم في ما يسمى مستشفى الرملة، لا تتوافر لهم الرعاية اللازمة ولا تقدم لهم الأدوية الضرورية، كما يتم وضع عراقيل أمام إدخال الأدوية أو الأطباء من الخارج، إلا بقرار من المحكمة ونادرا ما يصدر هذا القرار، مع العلم أن هذه المشكلة لا تحل فقط بإدخال طبيب لأننا نتحدث عن جيش من المرضى في السجون في ظل استمرار الظروف المحيطة، وفي ظل وجود حوالي نصف عدد الأسرى الفلسطينيين (3000 معتقل تقريبا)، في سجون الجنوب والنقب القريبة من الصحراء ومن مفاعل ديمونا النووي ومناطق دفن المخلفات النووية، وكل ذلك له تأثير على هؤلاء الأسرى وهذا ربما يفسر انتشار الأمراض الغريبة والخبيثة في أوساط المعتقلين لا سيما في الفترات الأخيرة، من جانب آخر لا يزال هناك اعتقاد بين كل الفلسطينيين بأن إسرائيل تستخدم أجساد الأسرى كحقول تجارب، هناك الكثير من الشهادات تؤكد أن بعض الأسرى تلقوا أدوية لا يعرفون مصدرها أو اسمها، وهناك من أكد أن بعد تلقيه لبعض الأدوية أو الحقن ظهرت عليه أعراض غريبة كتساقط الشعر مثلا، وبعض خبراء الأدوية يتحدثون عن أدوية منتهية الصلاحية أو ليس لها علاقة بنوع المرض... ولكن للأسف ليس هناك من دليل مادي على هذه الشهادات لأن إسرائيل لم تسمح بمعاينة هؤلاء الأسرى لحظة حدوث الواقعة، كما لم تسمح للأطباء أو وسائل الإعلام أو اللجان الدولية بدخول السجون والتحقيق فيما يجري، كما لم تسمح لمنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر اللتين اتخذتا قرارا عام 2010 بتشكيل لجنة لزيارة الأسرى المرضى، والاطلاع على الأوضاع الصحية في السجون، وبالتالي تبقى كل الاتهامات لإسرائيل في هذا المجال مشروعة طالما بقيت أبواب السجون مغلقة أمام هذه اللجان، وهذا يستدعي مواصلة الضغط على الجهات الدولية المختصة كي تتحرك وتتحمل مسئولياتها وتضغط على سلطات الاحتلال كي تسمح بإدخال وفود للاطلاع على الأوضاع داخل السجن. ¸ ما الإحصائية النهائية لأعداد وتصنيفات الأسرى داخل سجون الاحتلال؟ الاعتقالات في الاشهر الأخيرة وخصوصا خلال انتفاضة القدس ارتفعت بشكل كبير وغير مسبوق، أي أنه منذ الأول من أكتوبر الماضي وحتى اليوم، حوالي 4500 حالة اعتقال سجلت، غالبيتها في القدس والضفة الغربية من بينهم أكثر من 1700 طفل، هذا بخصوص الفترة الأخيرة. أما بشكل عام فما زال في السجون حتى اللحظة 7000 أسير بينهم 67 أسيرة أقدمهن الأسيرة لينا الجربوني، المعتقلة منذ 14 عاما، ومن بينهم أيضا 480 طفلا تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 18 عاما، أصغرهم الطفلة ديما الواوي من الخليل، ومن بينهم أكثر من 1600 أسير يعانون الأمراض، بينهم 6 نواب من المجلس التشريعي، ووزير سابق، وهناك أيضا أسرى قدامى معتقلون منذ ما قبل اتفاق أوسلو، كما يوجد 40 أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من 20 سنة، من بينهم 17 أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من 25 سنة، ومن بين هؤلاء الـ17 يوجد 7 أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من 30 عاما أقدمهم الأسير كريم يونس المعتقل منذ يناير 1983. ومن بين الأسرى أيضا هناك حوالي 700 معتقل إداري دون تهمة ودون محاكمة، وهناك أيضا 14 أسيرا في العزل الانفرادي، وأيضا 19 أسيرا كانوا يعملون في وسائل إعلام مختلفة. أطفال فلسطينيون يطالبون بالإفراج عن آبائهم تظاهرة لأهالي المعتقلين

مشاركة :