يوصف الإعلام في العالم العربي بأنه (السلطة الرابعة)، فهو يأتي بعد السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وفي السابق كان للإعلام نفوذ محدود، كما كان تحت سيطرة محددة، ولكن الوضع اختلف تمامًا اليوم، فقد أصبح إعلامنا العربي إعلامًا جماهيريًا، وأصبح جزءًا كبيرًا منه خارج إطار السيطرة أو التحكُّم، خصوصًا ما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعية، والتي أصبحت تلعب دورًا رئيسًا في التأثير على السلطات الأخرى. على الرغم من أهمية الإعلام التي لا يختلف عليها اثنان، ودوره وتأثيره على كثير من القرارات والإجراءات، إلا أن علاقة بعض المسؤولين بالإعلام يعتريها الخلل، بل إن بعضهم يأبى إلا أن يجعل هذه العلاقة متوترة، وذلك من خلال تصريحاته الاستفزازية تارة، أو من خلال امتناعه عن التجاوب مع الإعلاميين والتهرب منهم تارة أخرى، بل إن بعضهم وبالرغم من تسلمه مهام وزارة أو إدارة أو مؤسسة خدمية لها ارتباط مباشر بالجمهور، إلا أنك لا تكاد تجده يظهر في يومٍ ما في وسيلة إعلامية، ويترك الأمر بأكمله لإدارة العلاقات العامة أو الناطق الإعلامي. بعض المسؤولين يفتقد إلى كثير من مهارات التعامل مع الإعلام والإعلاميين، فهو يعتقد أنه عندما يواجه الإعلاميين فإنه يُواجه موظفي الإدارة التابعة له، فهو يريدهم تبعًا له، يوافقون على كل ما يقوله، ولا يعترضون على أي قرار، ولا يسألون أي سؤال إلا بعد موافقته، فهو يعطي الإذن بالكلام كما يعطي الأمر بالسكوت، كما يعطي لنفسه الحق للتحدث عما يريد، والامتناع عن التعليق عن أي موضوع لا يراه مناسبًا، وفي حال مواجهته بأخطائه وانتقاده؛ فإنه يرفض تلك المواجهة وذلك النقد، فإما أن يُقدِّم التبريرات المبهمة أو أنه يعتبر ذلك النقد تطاولًا، فتجده يحتد في تعابيره، ويُطلق التصريحات الاستفزازية هنا وهناك، ويجعل من الإعلام خصمًا له. يجب على المسؤول أن يعي بأنه سيكون الخاسر الأكبر إن دخل مع الإعلام في معركة، إذ يجب عليه أن يكون حذرًا وواعيًا وفطنًا عند التعامل مع الإعلام، وأن لا يجعل منه عدوًّا له، فمهما مَلَك المسؤول من علاقات قوية مع وسائل الإعلام، فإن بعض التصريحات الاستفزازية التي تُطلق هنا وهناك، يمكنها أن تكون معولًا لهدم تلك العلاقة، كما يجب على المسؤول أن يُدرِّب نفسه على مواجهة الإعلاميين، وأن يهيئ نفسه ويُحضر معلوماته ويُقدِّمها بأسلوب سهل هيّن وليّن بعيدًا عن التكبُّر والخيلاء. كما أن للإعلام دور مهم في إبراز الإنجازات، فله دور آخر لا يقل أهمية، وهو توضيح الحقيقة عند حدوث أزمةٍ ما، وبكل مصداقية بعيدًا عن التوتر والاستفزاز. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :