اعترافات الكاتب الفرنسي جان دورميسون

  • 4/2/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

صدر حديثا للكاتب الفرنسي الشهير جان دورميسون (ولد عام 1925) كتاب جديد هذه المرة عن دار غاليمار وليس دار روبير لافون ناشره الرسمي، وضع له عنوانا شاعريا «أقول رغم كل شيء أن الحياة كانت جميلة» وهو مقتبس من بيت شعري للشاعر أراغون. يمكن تجنيسه ضمن صنف المذكرات، نوع من الاعترافات تصدر عن كاتب فرنسا الأكثر شهرة وعن سن تفوق التسعين. ورغم طابعها التوثيقي إلا أنها كتبت بأسلوب مبتكر وهو أسلوب الحوار، إذ دفع الكاتب ضمير المتكلم إلى المحاكمة «الأنا» تقف أمام «الأنا العليا». إنه حوار بين «الأنا» و«الأنا». «الأنا العليا» لجان دورميسون ليست فرويدية تماما. وبدلا من ذلك، فإنها تقوم بدور المحاور الجريء، الذي يستفز «الأنا» في كثير من الأحيان، محاور يعامل أناه بذكاء وخداع. وفي السياق نفسه يفسح الكاتب للأكاديمي المفضل لدى الفرنسيين التعامل مع جميع الأسماء بطريقة كرنفالية. قد تبدأ بقسوة منظمة حتى مع نفسه. نسمعه يخاطب نفسه قائلا: «متكبر دائما، يا هذا، ومتعيٌ؟» أو: «وأنت تحاول أن تتشبه بفقاعة، تسعى إلى استثارة شفقة المحكمة...». وليبرر دوافع اختياراته الأدبية يقول: «أغلب كتبي كانت شيئا ما طويلة، لكنها أبدا ليست مملة. كتبتها كي أحارب الاندفاع نحو الخفة واللامبالاة». كانت حياة دورميسون في شبابه صاخبة وفي فترة من الفترات كانت تبحث عن المتعة والحياة بجموح كبير. رافق هذه الحياة ظهور أدباء وتيارات واختيارات. كانت من جهة خلاقة إبداعيا، ومن جهة أخرى عنيفة بجنوحها نحو الاختلاف والتجريب والمغامرة دفع ثمنها عدد من الأدباء المرموقين إما انتحارا أو موتا في حوادث عبثية. القراء الأوفياء لجان دورميسون ، يقدرون الجهد الذي بذله الكاتب على امتداد 486 صفحة. هناك رغبة صارمة من طرف الكاتب لقول الحقيقة، كي تشمل هذه المحاورة الرائعة والعميقة العديد من الجوانب السيرذاتية والأدبية والسوسيوثقافية بدءا بالطفولة ووصولا إلى الشهرة الأدبية والأكاديمية. خلال هذه المسيرة هناك الكثير من تفاصيل أبجديات حرفه الأول وجغرافياته التعلمية والعاطفية. تميزت اعترافات دورميسون بالحشمة والأدبية الخالصة مراعيا القيمة البيوغرافية والجمالية ومتمثلا قارئا متنوعا من مختلف الأعمار. كما حاول أن يطوب المجد المدرسي لكل من تعاقب على تعليمه من معلمين وأساتذة وأدباء وأصدقاء معترفا لهؤلاء بالأثر العميق معرفيا وإنسانيا. واستحضر في خضم ذلك عددا كبيرا من الأدباء العظماء السابقين له أو من عاصروه ساردا أيضا تجربته في الأكاديمية الفرنسية التي دخلها عضوا في سن الـ43 عام 1973 بعدما حصل بروايته الشهيرة «مجد الإمبراطورية» على جائزة الأكاديمية الفرنسية، ثم انتهى به الأمر ليصير رئيسا لها. اعترافات كاتب فرنسا المدلل وصائد الجوائز والشهرة وصاحب الكتب الأكثر مبيعا في فرنسا، ذات قيمة أدبية وتاريخية للقراء والباحثين على حد سواء، لأنها توثق مراحل من التاريخ الشخصي لكاتب أضحى أيقونة أدبية، وتستعرض مراحل من تاريخ فرنسا الثقافي والسياسي. * كاتب ومترجم مغربي

مشاركة :