خطيب الحرم المكي: «عاصفة الحزم» والتحالف الإسلامي دليل العزم على مواجهة الإرهاب

  • 4/2/2016
  • 00:00
  • 31
  • 0
  • 0
news-picture

قال الشيخ الدكتور خالد بن علي الغامدي إمام وخطيب المسجد الحرام، إن في "عاصفة الحزم" والتحالف الإسلامي ورعد الشمال أوضح دليل على العزم والحزم والحسم في مواجهة الإرهاب العالمي والإقليمي والتطرف والطائفية، ورد العدوان في نحر الكائدين والحاقدين للحفاظ على أمن بلاد الحرمين وبلاد المسلمين. وطالب في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أمس، المسلمين بمعرفة صديقهم من عدوهم، وتكاتف جهودهم للحفاظ على أمن المجتمع في جميع بلاد المسلمين، وبالأخص في بلاد الحرمين أرض النبوة والوحي والأمن والأمان. وأكد أن الحفاظ على أمن بلاد الحرمين فريضة واجبة على كل مسلم ومسلمة، فقد جعلها الله قياما للناس، وأمنا للعالمين ومهوى أفئدة المسلمين، فلا يجوز بأي حال من الأحوال إثارة الفوضى والتفرق والخصومات، أو الفت في عضد ولاة الأمر القائمين على أمنها بكل ما يستطيعون، ولا يجوز الطعن في عقيدتها ومناهجها التي مصدرها الكتاب والسنة أو تشويه صورتها بالأكاذيب والتهم الباطلة والدعاوى المضلة لأن قيام الأمور في بلاد الحرمين يعد في الحقيقة أمنا للأمة كلها واستقرارا وثباتا لمجتمعات المسلمين. وبين أن البشرية تعاني اليوم موجات عنيفة من الصراعات الفكرية والثقافية والثورات المحمومة والحروب النفسية والعسكرية التي نتجت عنها ألوان من الخوف والجوع وسفك للدماء ونقص من الأموال والأنفس والثمرات. وأوضح أن هذه الصراعات المختلفة تؤثر في كثير من الناس في عقائدهم وتصوراتهم وثقافاتهم وأخلاقهم، ما كان سببا في اختلالات ظاهرة في الأمن الاجتماعي الذي أصبح تحقيقه في المجتمع والحفاظ عليه يشكل الهاجس الأكبر في حياة الأفراد والمجتمعات اليوم، وتسعى كل الممالك والأمم إلى إرسائه ليعيش المجتمع حياة الهدوء والاستقرار والعمل المنتج البناء، ويأمن الفرد على نفسه وأسرته وعمله ومعيشته. وقال الشيخ الغامدي، إن الأمن الاجتماعي غاية من أجل الغايات الشرعية، ومقصد عظيم من مقاصد الدين، وهو منة إلهية كبرى يضرب الله بها، وهو فريضة وضرورة من ضرورات العمران البشري والاستخلاف والنهوض الحضاري، ولذلك قرن الله بين نعمة العيش والأمن وامتن بهما على عباده وجعلهما من أهم أسباب التمكين من عبادة الله، وسوف يسأل الناس جميعا عن نعمة هذا الأمن، وهذا كله أثر من آثار شيوع الأمن الاجتماعي؛ فينعكس ذلك إيجابا على الأمة فتظهر بمظهر العزة والقوة بسبب تلاحم أفرادها وترابطهم وتعايشهم فيما بينهم بالحب والمودة والتناصح والتباذل والتعاون والستر والصفح والعدل والإنصاف والعفو عن المسيء. وأفاد بأن أمن المجتمع ضرورة حياتية للعيش الهنيء الرغيد والسعادة والسلوك الحسن والتقدم والرقي فلذلك توالت النصوص من القرآن والسنة في التأكيد على الأمن الاجتماعي والحرص عليه لينعم المجتمع بأسره بالهدوء والاستقرار وليتمكنوا من إقامة شرع الله وتسخير الأرض وعمرانها في تحقيق الخير والصلاح، ولن يصلح لهم ذلك إلا بالتعاون على البر والتقوى والحذر من التعاون على الإثم والعدوان، وهو أساس عظيم من أسس بناء الأمن الاجتماعي. وأشار إلى أن من أجل ما يبنى عليه أمن المجتمع أن يقوم على قاعدة راسخة ثابتة من الأخوة الإيمانية التي تؤسس العلاقات بين أفراد المجتمع تأسيسا قويا ثابتا فتشيع بينهم أواصر المحبة والإيثار والتناصر والتناصح والتعاون وحب الخير بعضهم لبعض، وتنتشر بينهم صور الإحسان والبر للوالدين والأرحام والجيران والتكافل الاجتماعي ورعاية الأيتام والأرمل والمساكين والسعي في تفريج كربات وحوائج الناس وقضاء ديونهم وإنظار معسرهم والستر على مخطئهم، وغير ذلك من صور الإحسان والأخوة الإيمانية التي هي من أعظم مقومات المجتمع الآمن. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الأخوة الإيمانية الصادقة من أهم أسس فشو الأمن الاجتماعي فيشعر كل مسلم أنه في مجتمع أفراده بررة رحماء متعاطفون متحابون هينون لينون مشفقون متباذلون يكرمون المحسن ويعينونه، ويسترون على المخطئ ويرحمونه، ولا يقابلونه بالتشهير والتعنيف والإقصاء ولا يعينون عليه الشيطان، فهو ما زال أخا لهم، فينشأ من ذلك كله مجتمع آمن مستقر متماسك قوي. وبين أن هذا الشعور بالاستقرار والأمن والمعاملة الحسنة لا يختص بالمسلمين فقط، بل هو حق مكفول لكل من يعيش بينهم من أهل الأديان الأخرى كاليهود والنصارى والمعاهدين والمستأمنين، فقد ضمن لهم الإسلام الأمن والعيش والاستقرار وأن يعاملوا بالعدل والإنصاف والرحمة والإحسان، وهذه صورة مشرقة ناصعة من محاسن الإسلام وحرصه على شيوع الأمن الاجتماعي لكل أفراده ولمن يعيش تحت كنفه، فأين من يتهم الإسلام بالإرهاب ويحاول وصم أهله بذلك، زورا وبهتانا. وأوضح أن أمن المجتمع لن يتحقق ويسود بين جميع شرائحه إلا إذا كانت شريعة الله هي الحاكمة والمهيمنة، وكان لها من قوة السلطان والدولة ما يجعل لها الثبات والشمول والهيئة فتطمئن النفوس وتهدأ الخواطر ويشعر كل فرد أنه آمن على دينه ونفسه وأهله فيعيش بحرية وكرامة وعزة، ولذلك جاءت الشريعة بحفظ مكانة أهمية الحاكم والأمير المسلم وأمرت بطاعته في المعروف وإجلاله وإكرامه، وحرمت عصيانه والخروج عليه وإظهار عيبه والتشهير بأخطائه تشغيبا وتأليبا عليه، ورغبة في زعزعة أمن المجتمع وفشو الفوضى والاضطراب، وانفراط قاعدة من أهم قواعد بناء الأمن الاجتماعي. وقال إن المجتمع الآمن هو الذي يقوم على طاعة الله وطاعة رسوله وأولي الأمر، ومن أطاع الأمير فقد أطاع الرسول ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله، وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، والشريعة تحث وتأمر بأن تنشأ المحبة والوئام والثقة بين الراعي والرعية والحاكم والمحكوم فتعيش الأمة في أمن وارف وظل ظليل من الاستقرار والتمكين والثبات. وذكر أن من أعظم ما حرصت عليه الشريعة لبناء المجتمع الآمن هو الصيانة الفكرية للأمة من فتنة الشبهات والأفكار الضالة، وأفكار التطرف والغلو التي تسبب العنف والقسوة والجنوح والتعامل مع المجتمع، وهذا من أخطر ما تواجهه المجتمعات الآمنة فتجبلها إلى مجتمعات ثورية فوضوية متمزقة متناحرة متقاتلة، ما يشكل أعظم مناقضة لمقصد الشريعة العظيم أن تكون الأمة جسدا واحدا قويا متماسكا. وقال الشيخ الغامدي إن من أهم وسائل الشريعة لحفظ الأمن الاجتماعي وبنائه نظام العقوبات وإقامة الحدود وتمكين القضاء العادل وتقوية الحرس والجيوش والشرط والعناية بذلك والعمل بالإجراءات التي تردع الظالم والمعتدي وتأخذ الحق للمظلوم والضعيف فيعيش المجتمع آمنا مستقرا مكفولة حقوقه محاطا بسياج العدل والرحمة والإحسان. وأوضح أنه لبناء مجتمع آمن لا بد أن يتعاون الجميع على بناء اقتصاد قوي متنوع مزدهر يشارك في بنائه كل من له قدرة وطاقة ومعرفة لتحقيق القوة الاقتصادية والرقي الحضاري لتكون الأمة آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، ولتكون مهابة مرهوبة الجناب بين الأمم، مؤكدا أن صناعة الأمن الاجتماعي من الضرورات التي لا تقبل المساومة والمراجعة وهي ليست مسؤولية جهة دون جهة ولا فرد دون فرد بل هي مسؤولية الجميع، خاصة في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تمر بها الأمة. وفي المدينة المنورة عدد الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ إمام وخطيب المسجد النبوي، جوانب من حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على حماية جناب التوحيد، وإرشاده الناس بأمور دينهم الذي يستوجب صرف العبادات كافة لله وحده، موردا صورا وممارسات محرمة يقع فيها البعض تناقض أصل التوحيد، وفيها شرك بالله وإحباط للعمل. وقال في خطبة الجمعة أمس، إن تحقيق العبودية الكاملة لله رب العالمين هو الأساس الذي به يسعد المسلم، وبتحقيقه ينجو وبتحصيله يفلح، فلأجلها خلق ومن أجلها وجد. ودعا إلى الإلزام بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لا تتلاعب بالمرء المسلم الأهواء، وتتقاذف به الآراء، فلا عصمة من ذلك إلا بنهج منهج هذه الوصية الغراء، التي تربى عليها صحابة النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ حتى بلغ بهم كمال التوحيد في تطبيق هذه الوصية، مشددا على ضرورة اللجوء إلى الله عند الشدائد والكروب والتعلق به ـــ سبحانه وتعالى ـــ دون مَن سواه عند الملمات والخطوب.

مشاركة :