الرباط - تدور أحداث فيلم "أنين صامت" للمخرجة المغربية مريم جبور في حي شعبي قرب البحر، حيث يعيش "يونس" مع والده الصياد "إدريس" إذ يعاني "يونس" البالغ من العمر 28 سنة من مرض التوحد الذي يتسبب له في اضطرابات تجعله يدخل في عالم مرضي معقد، وفي الوقت الذي يقضي فيه "إدريس" معظم يومه في البحر، بينما يحاول "إدريس" بإمكانياته الخاصة وثقافته البسيطة معالجة ابنه بطرق تقليدية. تم اختيار فيلم "أنين صامت" في المسابقة الرسمية المشاركة في مهرجان الإمارات للأفلام الذي سيقام قريبا، وعلى إثر ذلك قامت "ميدل إيست أونلاين" بإجراء حوار مع المخرجة المغربية مريم جبور حول أبرز المشاهد واللقطات التصويرية. وفيما يلي نص الحوار: لماذا اخترت موقع الحي الشعبي قرب البحر كمسرح لأحداث فيلمك؟ ليس هناك شيء محددة أحاول الوصول إليه من خلال اختيار الحي الشعبي قرب البحر، بل يعكس هذا الاختيار قرارا إبداعيا يستند إلى ايقاع القصة ليتناسب مع السياق العام. كيف استخدمت تقنيات الإخراج في مشاهد "يونس" وهو يعاني من مرض التوحد مع والده الصياد؟ تأتي تلك التقنيات في شكل اعتمادي على الكاميرا المتحركة، خاصة في المشاهد التي تصور نوبات "يونس"، حيث ساعدتني في نقل تأثيرات تلك النوبات بشكل واقعي ومؤثر، كما اعتمدت الصمت كغموض يجر الجمهور إلى عالم "يونس"، مع التركيز على الأحاسيس بدلا من الحوارات الكلامية، مما أضفى طابعا خاصا وعميقا على تجسيد تجربة "يونس" وعلاقته مع والده. لماذا قررت تقديم شخصية "يونس" بعمر 28 سنة، وكيف يؤثر ذلك على رؤية المشاهدين لتجربته مع الأب "إدريس"؟ نعم، اخترت هذا السن بهدف إبراز جانب جديد ومختلف من تجربة التوحد، حيث أن معظم الأعمال الفنية تركز على قصص الأطفال الصغار الذين يعانون من التوحد، فإن اختيار عمر "يونس" البالغ من العمر 28، وهذا يعكس تحولا فنيا ويسلط الضوء على التحديات التي قد تستمر مدى الحياة. ويؤثر هذا الاختيار على رؤية المشاهدين لأنه يظهر العزلة والتحديات التي يواجهها "يونس" كشخص بالغ، وتفاعله اليومي مع أبيه، كي يتسنى للجمهور فهم أعمق العقد النفسية التي يواجهها الأفراد الذين يعيشون مع التوحد وكيف يؤثر ذلك على حياتهم وحياة من حولهم. أين تكمن أهمية التفاصيل البسيطة في تصوير حياة "يونس" ووالده "إدريس"؟ تكمن في إبراز عمق العلاقة بين الأب والابن، وهذا من خلال تسليط الضوء على التفاصيل اليومية واللحظات الصغيرة، إذ يتم نقل قوة الحب والارتباط بينهما، وهذه الاخيرة تكشف عن الروابط العاطفية وتبرز جوانب إنسانية تجعل الجمهور يشعر بالتعاطف والتفاعل مع شخصيات الفيلم. ما هي التحديات التي تواجه الممثل في تقديم هذا النوع من الاداء؟ تتمثل التحديات في تجسيد شخصية مصابة بالتوحد بشكل واقعي، حيث يتطلب ذلك فهما دقيقا للسلوكيات والعادات المميزة للأفراد ذوي هذا الاضطراب، حيث في هذه الحالة يضطر الممثل للتعمق في البحث والدراسة لفهم الطريقة التي يتفاعل بها الأفراد المصابون بهذا النوع من المرض، مما يتطلب جهدا إضافيا لتقديم أداء يعكس تجربة هؤلاء الأفراد بشكل حساس ودقيق. ما هو المميز في علاقة "إدريس" مع "يونس" خاصة في ظل ثقافته البسيطة وقيمه العائلية؟ المميز هو علاقتهما بالبحر، ف"يونس" يعيش في عالمه الخاص داخل غرفته الصغيرة، منشغلا في صناعة البواخر الصغيرة، بينما يقضي والده يومه في صيد السمك، من جهة أخرى، يظهر هذا التفاعل من خلال علاقة الحب التي تجمعهما خاصة في غياب الأم. لماذا يختار "إدريس" استخدام الطرق التقليدية في محاولته علاج ابنه، وكيف يظهر ذلك في سياق الحياة اليومية؟ تظهر عندما يقوم الأب بإحضار فقيه معالج بالرقية الشرعية، نتيجة جهله بأعراض التوحد. كيف أظهرت آلة التصوير تفاعل "يونس" مع العالم الخارجي؟ تم تصوير عزلة "يونس" أولا داخل منزله، وهو يعيش بمفرده وسط قطع خشب ومسامير يستخدمها في صنع مراكب خشبية، ثم جاءت محاولات والده لإخراجه من هذه العزلة، وهذا يشكل التحدي الذي تم التغلب عليه في نهاية الفيلم. لماذا وجهت تركيزك على قضايا التوحد وتأثيره على المجتمع؟ يحمل الفيلم مجموعة من المشاعر والأحاسيس مثل الألم، والمعاناة، والسعادة، وهذه المشاعر هي التي أردت مشاركتها مع الجمهور من خلال العديد من المشاهد، وتعتبر هذه التجارب جزءا من تجربتي الشخصية، إذ يبرز أيضا كيف تأثر رجل يواجه صعوبات مع ابنه المصاب بالتوحد، فالقصة مستوحاة من أحداث حقيقية، ولكن تم تقديمها بتفاصيل فيلمية تقريبية.
مشاركة :