أدلى الرئيس اللبناني ميشال سليمان بدلوه أمس في شأن الاتصالات الدائرة حول إمكان تجنب حكومة حيادية ترفضها قوى 8 آذار، فسأل: «هل عدم التوافق على حكومة جامعة، كما أردتُ طوال عشرة شهور، يحتّم علينا أن نبقى من دون حكومة؟ هل يقتصر دور رئيس الجمهورية على أن يستمر في رفض التشكيلات التي يقترحها رئيس مكلف من 124 نائباً؟ وأضاف: «ألا يحق للبنانيين الذين لا ينتمون إلى أطراف وأحزاب سياسية أن يساهموا من ضمن حكومة حيادية بإنهاض البلد وحمايته؟ هل هم محرومون من حقوقهم الوطنية السياسية؟». ولفت سليمان في كلمة له عصر أمس خلال رعايته افتتاح مقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان في حضور رئيس الحكومة المكلف تمام سلام ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس الغرفة محمد شقير ووزراء ونواب حاليين وسابقين وشخصيات رسمية واقتصادية وأمنية، إلى «أن لدينا حساباً أمام الشعب نؤديه حول الشأن الوطني، وكذلك علينا احترام ذكاء المواطنين وأن نَصْدُقهم القول والفعل». وسأل: «هل يعقل أن تكون مبادرة مجموعة الدعم الدولية والسعودية وإيطاليا قريباً لدعم لبنان وجيشه تهدف إلى التمديد أو إلى المقايضة بحكومة من لون معين وشكل معين، سياسية كانت أم حيادية أم تكنوقراط؟ وهل يمكن إقناع الناس بأن هذه الدول في حاجة من أجل استقرارها إلى التمديد لرئيس الجمهورية أو إلى حكومة معينة في لبنان؟». وإذ لفت إلى أن «المواطن أذكى من أن يقتنع بأن تشكيل الحكومة يتحكم بانتخاب الرئيس»، أشار إلى أن «باب التشاور ما زال مفتوحاً». وأمل أن «يتوصل رئيس الحكومة المكلف «في أقرب وقت ممكن إلى إيجاد صيغة جامعة تُخرج البلاد من أزمتها الدستورية وتساهم في مواجهة التحديات التي تعترضنا على الصعد الأمنية والاقتصادية، إضافة إلى مشكلة اللاجئين السوريين». وقال سليمان: «نواجه اليوم مجموعة من التحديات، منها معضلة اللاجئين السوريين، والتداعيات السلبية للأزمة السورية، ويتوجب علينا تكثيف الجهود لضبط الأمن ووقف التفجيرات الإرهابية كالتي حصلت الأسبوع الماضي من اغتيال الوزير محمد شطح والتفجير في حارة حريك ومحاولة قتل الكلمة من طريق إحراق مكتبة السائح للأب سروج، والتخفيف من حدة الخطاب السياسي وجمع الشمل، وذلك في إطار «إعلان بعبدا». وأضاف: «لا بد من أن نسأل أنفسنا هل بذلنا الجهد المطلوب لحماية وحدتنا الوطنية؟». وسأل: «هل تصرفنا بمسؤولية توازي التكليف الذي مَنَحَنا إياه المواطنون المؤيدون والمحازبون؟ هل ندرك أن الأشلاء التي تتطاير في لحظة انفجار، وكائناً من كان الفاعل، قد تكون لعزيز أو حبيب أو مؤيد أو محازب». وشدد على ضرورة القيام بورشة إصلاحية شاملة تهدف إلى إطلاق رؤية اقتصادية خلاقة تتناغم مع الواقع وتعد لمستقبل حاضن لتنمية مستدامة تكافح البطالة والفقر. ولفت إلى أن «الطريق لتحقيق هذه الأهداف يمر حكماً عبر مؤسسات قوية متراصة تقوم بدورها الدستوري على الصعيدين التشريعي والتنفيذي وتلتقي إنتاجيتها بإنتاجية قطاع خاص لا بد من إشراكه في وضع السياسات الملائمة بعيداً من السياسة»، مشدداً على أنه «يستحيل ذلك من دون تشكيل حكومة قادرة على إدارة الشأن العام وإعادة طمأنة المستثمرين ومواكبة الاستحقاقات الدستورية، من انتخاب رئيس للجمهورية وتنظيم انتخابات نيابية تشكَّل على أثرها حكومة يفترض بها إعادة بناء الثقة وصوغ بيان وزاري تبرز فيه المراحل العملية الواجبة التنفيذ تمكيناً لاستكمال عملية الاستنهاض والإنقاذ». وسأل: «هل أن إبقاء الوطن من دون حكومة جديدة وإبقاء الحكومة مستقيلة وأنا وقعت على مراسيمها، يؤمّن انتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 أيار (مايو) أم العكس؟ وهل أنه في حال عدم التوافق على حكومة جامعة كما أردت طوال عشرة شهور يحتم علينا أن نبقى من دون حكومة؟». وأضاف: «هل إن التوافق على الحكومة يعني تحقيق الوفاق الوطني؟ وإذا تعذر تشكيل حكومة سياسية جامعة، ألا يحق للبنانيين الذين لا ينتمون إلى أطراف وأحزاب سياسية أن يساهموا من ضمن حكومة حيادية بإنهاض البلد وحمايته؟ هل هم محرومون من حقوقهم الوطنية والسياسية؟ وهل هم يضربون الوفاق الوطني هم وحدهم؟». وأضاف: «ما هي المدة القصوى التي يملكها رئيس الجمهورية في التأجيل إذا لم يكن في يديه حل آخر؟». وسأل: «هل أنتم مقتنعون أن تشكيل الحكومة يتحكم بانتخاب الرئيس؟». وأجاب: «كلا، المواطن أذكى من ذلك». وأكد أن «المواطن يعلم كيف تم تعطيل الاستحقاقات وكيف تم اللجوء إلى التمديد وتعطيل المجالس وإفقاد النصاب». وإذ لفت إلى أن «الدولة قامت منذ مطلع هذا العهد، بطرح إطار شامل، للعمل الوزاري والتشريعي الخاص بالشأن الاقتصادي»، دعا إلى «وضع تصوّر يسمح بالحدّ من التقلّبات، وذلك لإعادة توازن فُقد لمصلحة الاقتصاد الريعي والخدمات على أن يبقى الحرص قائماً على الحفاظ على حيويّة القطاعات العقاريّة والمصرفيّة»، مشدداً على «ضرورة إعادة نظر في المبادئ كما في آليّات وضع موازنة الدولة». وقال: «نتوقع أن يكون لمجرّد توقيع عقود التنقيب عن الغاز، رد فعل فوري إيجابي للغاية، يترجم بتدفق مبالغ مهمة على لبنان»، مشدداً على «ضرورة التوصل إلى حل سريع لأي نزاع على الحدود البحرية، بشكل يحفظ حقوق لبنان». ونبّه من «أن التسرع في التلزيم، يحول نعمة الغاز والنفط إلى نقمة. التخمة تحول دون الحصول على أسعار تنافسية، كما تقضي الفورة النفطية على سائر القدرات الاقتصادية، وتكشف عجز الدولة وأجهزتها عن مواكبة فورة استخراج الغاز، من النواحي الفنية والعلمية والمالية والاقتصادية والإدارية والبيئية». وأعلن أن «لبنان يحتاج اليوم، وفقاً لما أظهرته الدراسات، إلى ما يقارب سبعة بلايين دولار، لمجابهة عواقب الأحداث في سورية على الاقتصاد اللبناني»، معاهداً «أن لا نوفر أي جهد، كي نعطي الأولوية لهناء المواطن وأمنه واستقراره، آملاً بأن لا يسمح الشعب، بخطف أحلامه وتعريض مستقبله ومستقبل أبنائه للخطر، من قبل من يسعى لجره نحو منزلقات الفتنة والاقتتال».
مشاركة :