قرار أوروبي يقوض جهود تونس في استرجاع الأموال المنهوبة

  • 2/1/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بروكسل - أصدر مجلس الاتحاد الأوروبي قرارا برفع قيود عن ثلاثة أشخاص من أقارب الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، ما يمهد لرفع التجميد عن ممتلكاتهم وأموالهم في الدول الأعضاء للاتحاد، ما من شأنه أن يقوض جهود تونس التي تعاني من صعوبات مالية واقتصادية، من أجل استعادة الأموال المهربة خارج البلاد. ويلغي القرار الذي نشر في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي وبدأ سريانه بالفعل منذ يوم 30 كانون الثاني/يناير 2024، تلك القيود المفروضة منذ تاريخ الخامس من شباط/فبراير عام 2011 باقتراح من الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية . ويشمل القرار الجديد سميرة الطرابلسي شقيقة ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس الراحل، بالإضافة الى ابنتيه سيرين ودرصاف بن علي.. وقالت منظمة أنا يقظ في بيان نشرته على حسابها في موقع إكس أن هذا القرار أتى في أعقاب قرار مماثل اتخذه الاتحاد الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأول 2022 برفع التجميد عن أموال سبعة أفراد من عائلة بن علي، وفي ظل فشل لجنة لاسترجاع الأموال المنهوبة والتي لم تنجح في إيقاف نزيف رفع التجميد منذ تأسيسها بأمر من رئيس الجمهورية منذ 2020. ومنذ الإطاحة بنظام بن علي عاش أفراد عائلته في عدد من الدول بعيدا عن الأضواء. وكانت العائلة تضع يدها على 21 بالمئة من اقتصاد البلاد، حسب تقرير للبنك الدولي صدر عام 2014. وعملت مختلف الحكومات التونسية بعد الثورة، على ملف استرجاع أموال عائلة الرئيس الأسبق لكنّها فشلت في مسعاها. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحث وزير الخارجية التونسي نبيل عمار مع نظيره السويسري ايغناسيو كاسيس مسألة استعادة الأموال "المنهوبة" في زمن بن علي. وتطرق عمّار خلال اللقاء إلى ملفّ الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج بما في ذلك سويسرا والتي تقدر بنحو 5 مليارات دولار. وأكد، بحسب البيان على "الأولوية المطلقة التي توليها السلطات التونسية للتسريع في مسار استرجاع هذه الأموال واستكماله، وهو ما سيساهم في تمكين تونس من معاضدة جهودها التنموية بالتعويل على إمكانياتها الذاتية". من جانبه، أكّد الوزير السويسري استعداد بلاده لمزيد توثيق التشاور والتعاون مع تونس في مختلف المجالات وخاصة الاقتصادية والتنموية. وعبّر عن تفهّمه الكامل للأهمية التي يكتسيها موضوع استرجاع الأموال المنهوبة بالنسبة لتونس. ويعدّ ملف الأموال المنهوبة المودعة في الخارج من أولويات الرئيس قيس سعيّد، الذي تحدّث في مناسبات عديدة عن ضرورة العمل عليها واستعادتها، باعتبارها ملكًا للشعب التونسي. في 20 مارس/آذار 2022 أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، إصدار مرسوم رئاسي يتعلق باسترجاع الأموال المنهوبة ممن أسماهم "المدانين بنهب أموال الشعب التونسي". وصرح سعيد حينها، بأن "قيمة الأموال المنهوبة من البلاد تقدر بـ13.5 مليار دينار (نحو 5 مليارات دولار)". وشدد على أنه "يجب إعادتها مقابل صلح جزائي مع رجال الأعمال المتورطين في نهبها". وأضاف أن "عدد الذين نهبوا أموال البلاد 460 شخصا وفق تقرير صدر عن اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد"، دون تسميتهم. وتتمركز معظم الممتلكات والأموال "المنهوبة" بكل من سويسرا وفرنسا وكندا وبلجيكا، بالإضافة إلى ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا ولبنان ولوكسمبورغ، بحسب ما كشفه البنك المركزي التونسي في عام 2015. وفي مارس/آذار 2021 أعلنت الرئاسة التونسية أن السلطات السويسرية حولت جزءا من الأموال "المنهوبة" في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقالت في بيان آنذاك، إن سويسرا "حولت نحو 3 ملايين دينار ونصف (1.27 مليون دولار) إلى حساب الدولة التونسية بالبنك المركزي". وصعد بن علي إلى السلطة في تونس عام 1987 وتنحى عن الحكم في انتفاضة شعبية في 14 كانون الثاني/يناير عام 2011 ، وغادر البلاد مع عائلته الى المملكة السعودية حيث توفي في عام .2019 وحظي أقاربه وأصهاره بنفوذ واسع في البلاد وفي النسيج الاقتصادي لا سيما منذ اقترانه بزوجته الثانية ليلى الطرابلسي في بداية تسعينيات القرن الماضي. ويتهم عماد وبلحسن الطرابلسي شقيقا ليلى بن علي زوجة الرئيس الأسبق، بأنهما كوّنا ثروة طائلة عبر الاستيلاء على ممتلكات وطنية في تونس مما مكن العائلة من إنشاء إمبراطورية تستحوذ على عقارات عامة ومسالك توزيع وشركات اتصالات وإعلام و(وكالات) بيع سيارات. ويعتبر بلحسن (58 عاما) "عرّاب" العائلة وأكثر رجال الأعمال ثراء، وقد هرب في يخت اتجاه إيطاليا في 14 يناير/كانون الثاني، ثم انتقل لكندا حيث سكن شقة في مبنى بمدينة مونتريال حتى عام 2016 حين رفضت السلطات منحه اللجوء، وغادر البلاد لاحقا. وقدم بلحسن لهيئة "الحقيقة والكرامة" التي شكلت للنظر بملف العدالة الانتقالية في تونس (1955-2013) طلبا للمصالحة مقابل إرجاعه مبلغا ماليا يقدر بمليار دينار (حوالي 350 مليون يورو) ولكن المصالحة لم تتم. وأوقفته السلطات الفرنسية في مارس/آذار 2019 جنوب البلاد بعد 3 سنوات من الفرار في قضية تبييض أموال، وينظر القضاء الفرنسي حاليا في طلب قدمته السلطات التونسية لإعادة بلحسن الذي يواجه أحكاما غيابية بالسجن 33 عاما في بلاده بملفات أموال مشبوهة. أمّا عماد الطرابلسي (46 عاما) الأكثر شهرة بالأوساط التونسية، فلا يزال مسجونا في تونس منذ 2011. وقد أوقف في المطار يوم سقوط بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011، وكان متجها مع عدد من أفراد عائلته لفرنسا. ويعتبر عماد الوحيد من الوجوه البارزة في عائلة بن علي الذي تمّت مقاضاته والحكم عليه بعقوبات تصل الى السجن مئة عام. وبجانب ليلى هناك شقيقان آخران لم يكونا معروفين كثيرا، هما المنصف الطرابلسي الذي مات في السجن جرّاء سرطان بالدماغ عام 2013 عن عمر ناهز 63 عاما، ومراد الذي عانى من أمراض كثيرة قبل أن يموت في أبريل/نيسان 2020 بسبب الإهمال الذي لحقه في السجن، بحسب العائلة.  

مشاركة :