كان حلماً.. كان حديثاً لا يغيب عن الهموم الوطنية في كثير من المناسبات وحوارات لا تنقطع في الوسط الاجتماعي.. حوارات تمتد إلى داخل الأسرة الواحدة.. ثم تتوقف أمام السؤال إجابات اجتهادية وسطحية.. وبعضها يمكن أن يتوه في محاور أسئلة تعجز عن التنفيذ وان احسنت الإجابة. كانت وماتزال حالة المجتمع السعودي منذ بداية الخطة الخمسية الأولى للتنمية: وهي كيف يكون لنا مداخيل قومية من خارج النفط الذي يشكل المرتكز الأوحد لمملكة مترامية الأطراف تجاوزت كل التحديات في طفرة البناء.. إضافة إلى المسؤوليات الإسلامية من خلال خدمة الحرمين والمشاعر المقدسة التي تشكل نفقاتها واحدة من أهم ما تحرص عليه المملكة لخدمة الإسلام والمسلمين. لقد بقيت كل تلك الأحلام تدور في فراغ من استراتيجيات وخطط ودراسات لرؤية نتائجها على الأرض.. وذلك رغم اعترافنا جميعاً حكومة وشعباً أن النفط قابل للنضوب.. وقابل لكثير من اخطار العواصف الاقتصادية في العالم الذي لاشك أننا جزء منه. كما أننا وان كنا دولة نفطية إلاَّ أننا أيضاً ضمن مجموعة من الدول المماثلة في شراكة أوبك التي لاشك أنها أيضاً حملت نفس الهموم منذ زمن بعيد وأخذت على عاتقها تعدد المصادر المساندة لصناعة النفط. كما أن هناك دولاً منافسة من خارج اوبك كما هو الحال للدول المنتجة لبترول بحر الشمال التي عادة ما تنقض على استغلال الفرص للاستفادة من أزمات الأولى. واليوم ونحن أمام الهاجس القديم لتعدد مصادرنا الاقتصادية تحديداً. فإنه يبرز أمامنا مشروع الصندوق السيادي السعودي الذي وصفه الأمير محمد بن سلمان بأنه سيكون الأكبر في العالم. والذي يوفر استثمارات تعمل على إبعاد الأمن الاقتصادي عن ضغوط الطاقة النفطية وهنا تظهر رؤية حادة نحو مستقبل مختلف يضيف إلى استراتجية التحول الاقتصادي قدرة على تفعيل المشروعات المتكاملة ضمن هذه المهمة التي كانت كما أشرت من أبرز ما يشغل الدولة والمواطن منذ زمن بعيد أمام سؤال يقول: ماذا نفعل أمام مخاطر المصدر الأوحد للدخل.. وهل يمكن أن يكون لنا مصادر متعددة؟. اليوم اعتقد أن الترقب الذي تشهده المملكة لانطلاق التحول بكامله كمشروع طموح هو الذي يمكن أن يجيب على الاطروحات القديمة والجديدة. وتقلبات السوق البترولية التي عاشت ومازالت ترسم خرائط العبور والمد والجزر نحو التغيير في مسارات الاقتصاد الدولي الذي يكون أول من يتأثر بانعكاساته هي الدول المنتجة سواء كانت هذه الانعكاسات سلباً أو إيجاباً. فهل نحن أمام تحد اضافي أمام الوضع الراهن بكل مجرياته فنذهب في الاتجاه المعاكس.. وفي قارب من نوع آخر. نرتدي طوق نجاة من أمواج تلك الأخطار وذلك من خلال التحول الذي ينتظره الجميع بعد أسابيع من الآن طبقاً لما أشار إليه سمو ولي ولي العهد. وهل سيكون في مخرجاته ما يتناسب مع الطموحات القديمة الجديدة. نعم هناك الكثير ممن اشاروا إلى أن الشركات التي تم اختيارها للمشاركة في دراسة الاستراتيجية. ليست من تلك الخبرات السابقة والمعروفة على المستوى الدولي. لكننا لا نراهن على غيبيات كانت وما تزال بعيدة التفاصيل قبل أن نرى منظومتها وخطط تنفيذها. ويبقى الترقب الحذر في الوقت الذي يجب أن تستمر عملية تعدد المصادر تحديداً..أولاً وعاشراً مهما كانت نتائج المحاولات.
مشاركة :