في رفح مئات آلاف النازحين يتكدسون في الشوارع والشقق والخيام

  • 2/2/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ويعيش في المدينة التي كان عدد سكانها أصلا يبلغ ربع مليون، أكثر من 1,3 مليون شخص حاليا، وفق أرقام الأمم المتحدة، بعد أن نزح إليها مئات الآلاف الذين يتكدّسون في شقق سكنية إما استأجروها وإما ينزلون فيها عند أقارب وأصدقاء، أو في خيام منتشرة في الشوارع الرئيسية والفرعية، في المتنزهات، في الملاعب الرياضية والساحات العامة. وتقول نهى المدهون (47 عاما) التي نزحت من مخيم بيت لاهيا في شمال القطاع مع عائلتها المكونة من تسعة أفراد الى منزل أقارب لها في رفح، "هذه أسوأ شهور في حياتنا.... أعيش مع بناتي وأطفالي في منزل أقاربنا مع نحو أربعين شخصا. زوجي وأبنائي الأكبر ينامون في خيام. لا يتسّع المكان للجميع. ننام على الأرض ونشعر بالبرد. الأغطية ليست كافية والجو بارد. دخول الحمام معاناة". لكنها تستدرك "لكننا أفضل حالا من الذين يعيشون في الخيام... لا توجد شقق كافية ولا أماكن حتى لنصب خيام إضافية". وتمتد مدينة رفح على مساحة 65 كيلومترا مربعا تقريبا. وتتركّز الكثافة السكانية في الأحياء الواقعة في وسط المدينة حتى غربها بينما يتلاشى الازدحام تدريجيا مع الاتجاه نحو الشرق نحو الحدود مع إسرائيل ونحو الشمال حيث تقع مدينة خان يونس التي تشهد عمليات عسكرية مكثّفة. وطلب الجيش الإسرائيلي منذ الأسابيع الأولى للحرب التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر إثر هجوم غير مسبوق لحماس على الدولة العبرية، من سكان شمال قطاع غزة التوجه جنوبا. وانتقل مئات الآلاف على مراحل في اتجاه خان يونس ورفح، ثم نزح كثيرون مجددا من خان يونس حيث تتركز المعارك منذ أسابيع. ويقول عبد الكريم مصباح (32 عاما) الذي كان يقيم أصلا في مخيم جباليا في شمال القطاع، "هربنا الأسبوع الماضي من خان يونس من الموت، من دون أن نحضر شيئا معنا. لم نجد مكانا للمبيت. نمنا في الشارع أول ليلتين، ونامت النساء والأطفال في مسجد". ثم حصلت العائلة على خيمة من "فاعل خير"، ف"نصبناها قرب الحدود المصرية. لا يوجد مكان. لا يفصلنا سوى جدار عن مصر من الجنوب والبحر من الغرب. نموت من شدة البرد في الليل. أطفالي الأربعة يرتجفون من البرد ويشعرون بالمرض والتوعك طوال الوقت". "ازدحام مرعب" وتسبب هجوم حماس بمقتل قرابة 1160 شخصا في إسرائيل، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام رسمية. وترد إسرائيل بقصف مدمر وهجوم بري على قطاع غزة حيث قتل منذ بداية الحرب 27019، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، ونزح 1,7 مليون، وفق الأمم المتحدة. وتعجّ شوارع رفح بالناس. وهم يعيقون تماما حركة سير المركبات الى حدّ أصبحت القيادة تحديا حقيقيا. ويبدو شبه مستحيل على السائقين تجاوز المارة في الشارع الممتد في وسط المدينة على نحو خمسة كيلومترات نحو الغرب حيث شاطئ البحر الأبيض المتوسط. على كرسيها المتحرّك، تنتظر أمجاد عبد العال (28 عاما) أمام مركز جمعية للحصول على أغطية وفرش للنازحين في طابور طويل يضمّ عشرات الأشخاص. وتقول الشابة التي ارتدت سترة زرقاء وقدماها حافيتان بينما كان شقيقها يجرّ كرسيها "كان الازدحام مرعبا. استغرقتنا الطريق بالسيارة نحو ساعتين. لا يوجد عدد كبير من السيارات بسبب نقص الوقود، الجميع يمشي أو يركب شاحنة أو عربات تجرّها حمير". ونزحت عبد العال مع 11 شخصا آخرين من أفراد عائلتها من مدينة غزة الى مدرسة تابعة للأونروا في حي الجنينة على بعد بضعة كيلومترات من هنا، وهي مسافة كانت تستغرق عادة بالسيارة مدة 15 دقيقة. وتقول نعيمة البيومي (38 عاما) المتجهة الى مستشفى في غرب المدينة من أجل زيارة ابنة شقيقتها إنها قطعت نصف المسافة من دون أن تجد وسيلة نقل. وتضيف منهكة "تعبت من المشي، مشيت لنحو ساعتين وما زالت أمامي ساعتان. الطريق مزدحم... ركبت عربة مع حمار بضع مرات وسقطت على الأرض من شدة التزاحم". "الموت أرحم" ولا يمكن للسيدة التي نزحت من شرق مدينة خان يونس أن تحبس دموعها وهي تسترجع كل المعاناة التي مرّت بها عائلتها. "استشهد توأمي أحمد ومحمد عندما سقط سطح المنزل علينا من القصف. أنجبتهما في الأسبوع الأول من الحرب بعد 13 عاما من الزواج، تمّ إنقاذي مع زوجي، واستشهد الطفلان". وتتابع "تحقّقت أمنية حياتي بأن أصبح أما، لكن ذلك لم يستمر لأكثر من شهر. أقيم حاليا مع زوجي في خيمة من القماش. في الحقيقة، لم أعد أرغب بالعيش". يتطوّع مواطنون لتنظيم المرور وفضّ مشاجرات متفرقة بين سائقين ومارة وأصحاب بسطات يفاقمون حركة المرور. ويقول مهران دبابيش (41 عاما)، وهو سائق سيارة تاكسي نزح من خان يونس، "سيارتي تكسّرت من شدة الازدحام... والأمر يزداد سوءا كل يوم. الطريق بين خان يونس ورفح كانت تستغرق 20 حتى 30 دقيقة في أسوأ الاحوال، اليوم أقصر مشوار داخل رفح يستغرق ساعة ونصف وحتى ساعتين". ويقول ابراهيم خضر النازح من مدينة غزة والذي يعيش مع 28 فردا من عائلته في خيمة في أقصى غرب المدينة "أتيت للسوق لشراء طعام لعائلتي. مشيت أكثر من ساعتين. الأسعار نار". في الطريق، تصعد سيدة مع طفلها الرضيع، بمساعدة شبان، الى مؤخرة شاحنة تنقل عشرات الركاب الواقفين. تتشبث بجانب الشاحنة حتى لا تقع، وهي تصرخ "حسبنا الله ونعم الوكيل، الموت أرحم من هذه الحياة".

مشاركة :