علبة سجائر بـ65 ريالاً

  • 2/5/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لابد أن تأخذ لجنة مكافحة التبغ بنصائح منظمة الصحة العالمية، وتعمل على رفع أسعاره، وفق مقترحها الخاص، وبنسبة 150 %، إلى سعر 65 ريالاً أو ما يساوي 17 دولاراً؛ لأن عقب السيجارة يحتوي على سبعة آلاف مادة كيميائية سامة، ونفاياتها تصل لستمائة وثمانين مليون طن، وتؤدي إلى إحداث أضرار خطيرة بالبيئة والناس.. في الأول من فبراير الجاري، نشرت صحيفة الوطن السعودية، أرقاماً عن التدخين في المملكة، وقالت: إنها رصدت بمعرفة منظمة الصحة العالمية عام 2022، وفي التفاصيل أن نسبة المدخنين في الداخل السعـودي 17 %، وخارجياً اُعتبرت إندونيسيا الأعلى في استهلاك التبغ، على مستوى العالم، وبما نسبته 74 %، ووصفت نيجيــــريا بأنها الأقل بنسبـــة 3 %، والتقـرير الأممي يخص من أعمارهم 15 عاماً فأعلى، وأتصور أن بعض أرقامه لم تنقل بالشكل الصحيح. المدخنون في الأراضي السعودية يقدرون بنحو أربعة ملايين من الجنسين، وصندوق الاستثمارات العامة قام في 2023 بتأسيس شركة (بدائل) التي ستعمل على خفض أعدادهم بنسبة 25 % في 2032، عن طريق إنتاج بدائل خالية من التبغ وأقل ضرراً، وبما يوفر ستة مليارات ريال، أو مليار وستمائة مليون دولار، من نفقات الرعاية السنوية الخاصة بأمراض التدخين، والأردن -وليست إندونيسيا- يعتبر الدولة الأكثر استهلاكاً للتبغ في العالم، ويدخن الأردني 550 سيجـــــارة كل شهـــــر، وهو رقـم فلكي، وتأتي بعده عربياً على التوالي وبفارق واسع، سورية ولبنان وتونس ومصر، والخسائر العالمية للتدخين تقدر بحوالي تريليون وثمانمائة وخمسين مليون دولار سنوياً، ما يعني أنه مسألة مؤرقة وتحتاج لحلول جذرية. الأعجب أن شركات التبغ ولزيادة مبيعاتها، وظفت التدخين ثقافياً وسياسياً، فقد كان هتلر وموسوليني لا يدخنان في الحرب العالمية الثانية، والنازيون قادوا حملة كبيرة لربط التدخين بالسرطان، والتأكيد على مضاره الصحية، بينمــــا نجد أن تشرتشل وستالين اشتهرا بالتدخين المفرط، والشركات استثمرت هذه الجزئية في التسويق، وفي اتهام الأصوات المعادية للتدخين بمناصرة الفاشية، والتدخين تحول من رمز للمرأة سيئة السمعة في القرن السابع عشر الميلادي، إلى إشارة لحريتها ومساواتها بالرجل في القرن العشرين، وتم تصديره كسفير للحلم الأمريكي إلى بقية العالم، وقد اشتكت الصين عام 1995، من أن شركات التبغ الأميركية، وفي محاولتها لتجاوز القيود القانونية في أميركا وأوروبا، اتجهت لتسويق نفسها في الدول النامية، وزاد المدخنون فيها بنسبة 67 %، ولدرجة أن العـــــامل الآسيوي كان يضحي براتب يوم كامل، حتى يشتري عبوة سجائر أميركية، تعطيه إحساساً لحظياً بأنه أميركي. أول استخدام للتبغ كان في القرن الأول قبل الميلاد، من قبل شعوب المايا، واعتبروه بمثابة نبات مقدس يتواصل فيه السحرة مع الآلهة، وفي زمن العثمانيين عام 1833، وصفه فقهاء الدين بأنه مؤامرة ضد الإسلام، لأن مصدره بلاد مسيحية، وأنها تورده بعد وضعه في دهن خنزير وكحوليات، ونتيجة لما سبق أمر السلطان العثماني مراد الرابع، بإعدام كل من يضبط وهو يدخن، وبالفعل أعدم أكثر من 25 ألف مدخن، وفي 1886 قيل: إن المدخنين سيأتون يوم القيامة بوجوه مسودة، وإنهم عند فتح قبورهم وجــــــدوها مملوءة بالدخان، والموتى فيها يحترقون، ويجب ملاحظــــة أن العثمانيين وظفوا التدخين سياسياً، واستخدموه كعلامة تدين، خلال صراعهم مع الشيعة الصفويين على زعامة العالم الإسلامي. اللافت أنه ورغم صدور تشريعات تمنع إعلانات التبغ في التلفزيون، وبالأخص في الفضائيات والمحطات الرسمية وأفلام هوليـــــــود، إلا أن شـــــركات التبـغ عاودت ظهورها بالاستخـــــدام الذكي لمنصات البث الرقميــة، ومن أمثلتهـــا، (نتفليكـس) و(أتش بي أو)، وهــذه المنصات أكثـر من 79 % من أبطـــال عـــروضها مدخنون، والأصعب أن أعمارهم ما بين 15 و24 عاماً، كمسلسل (ذا سترينجر ثينغز) الذي حقق موسمه في 2022، مليـــاراً وأربعمائة مليــــون مشاهدة، واحتوى على ما يزيد على 180 مشهد تدخين، ومعه مسلسل (ثانوية النسيم) في موسمه الأول بمنصة (شاهد)، واستهداف الأطفال والمراهقين ليس اعتباطياً ويتم بطريقة مدروسة، لإحلالهم محل المدخنين المتوفين، وضمان استمرار تدفق واستقرار المكاسب، فقد أثبتت الدراسات الأممية أن 90 % من مدخني العالم، يبدؤون التدخين للمرة الأولى قبل وصولهم لسن 18 عاماً. العقوبات التي أقرتها المملكة في نظام مكافحة التدخين ليست كافية، وتتراوح غراماتها ما بين 200 ريال و20 ألف ريال، أو من 53 دولاراً لأكثر من 5 آلاف دولار، ومتوسط سعر علبة السجائر الواحدة في السوق السعودي لا يقل عن 26 ريالاً أو ما يعادل 7 دولارات، ولابد أن تأخذ لجنة مكافحة التبغ بنصائح منظمة الصحة العالمية، وتعمل على رفع أسعاره، وفق مقترحها الخاص، وبنسبة 150 %، إلى سعر 65 ريالاً أو ما يساوي 17 دولاراً؛ لأن عقب السيجارة يحتوي على سبعة آلاف مادة كيميائية سامة، ونفاياتها تصل لستمائة وثمانين مليون طن، وتؤدي إلى إحداث أضرار خطيرة بالبيئة والناس، وقد أثبتت التجربة المحلية، أنه ومنـذ فرض الضرائب على التدخيـــــن في 2017، تراجعت أعداد المدخنين إلى قرابة 33 %، والمتوقع تراجعها مجدداً بزيادة أسعاره، بخلاف أن أستراليا رفعت قيمة علبة السجائر إلى 40 دولاراً، أو ما يصل إلى 150 ريالاً، وبالتالي لا يمكن اعتبار الأمر غير منطقي مع وجود سوابق من هذا النوع.

مشاركة :