مذاق القهوة

  • 1/7/2014
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

هاجر عادل «القهوة لا تشرب على عجل.. القهوة أخت الوقت.. تحتسى على مهل.. القهوة صوت المذاق.. صوت الرائحة.. القهوة تأمل وتغلغل في النفس والذكريات» محمود درويش. في باكورة صباح مشرق يملؤه عبق التفاؤل المنعش، جلست أحتسي فنجان قهوة نسجت كل لطيف وبديع في مخيلتي.. لتطل أثناء انسجامي معها كلمات للراحل الأديب محمود درويش.. كلمات كشفت عن سر نشوة قهوة سوداء غامضة اللون متمركزة في جوف فنجان أبيض طاهر اللون.. فجعل العلاقة علاقة تكامل بينهما بلا شك حين كتب.. «خذ القهوة إلى الممر الضيق بحنان وافتتان في فنجان أبيض.. فالفناجين الداكنة اللون تفسد حرية القهوة». هذا الاهتمام من محمود درويش وهذا الوصف جعلني متسائلة! هل القهوة تعتبر وسيطة روحية ما بين الفكر والقلم؟ هل لابد من حضورها حتى تكتمل طقوس الإلهام عند الكاتب؟ هل هي بمنزلة صديقة لكل من نوى إمساك قلم ثرثراته المترجمة على صفحات بيضاء؟ زادتني هذه الأسئلة فضولا لمعرفة ما كتبه الكتاب وتناوله الأدباء في حق هذه القهوة.. ودفعتني لأبحث وأقرأ فلم أجد كلمات تضاهي روعة ما كتبه درويش. (القهوة عند محمود درويش) في كتابه (ذاكرة للنسيان) القهوة مطلب شخصي وأساسي أدمنها حتى أصبحت مفتاحا لنهاره في ظل ظروف حرب قاسية وظامية ودامية.. فها هو يقول بروحه المتراجفة التائهة.. «أريد رائحة القهوة.. لأتماسك.. لأقف على قدمي..» وفي موضع آخر يقول «لم يعد لي مطلب شخصي غير إعداد فنجان قهوة».. وأخرى يقول «القهوة لمن أدمنها مثلي هي مفتاح النهار» بهذا المقدار كان شغفه بها وحبه لها. تتواصل وتستمر عصافير حروف كلمات محمود درويش محلقة في سماء القهوة عاليا.. بأحاسيسها الشجية.. حتى يقف هو عند سؤال يطرحه متعجبا.. يتساءل.. «كيف تكتب يد لا تبدع قهوة»؟؟!.. علني بتساؤله هذا أكون قد أيقنت أن القهوة عند محمود درويش جزء لا يتجزأ من طقوس إبداعاته الكتابية.. يا لفخر هذه القهوة لافتتان شاعر شعر الثورة والوطن العربي بها، عاشق فلسطين، هذا الرجل المعطاء الذي يحتفل السجل العربي بإنجازاته وبشخصيته المناضلة. إذن إن القهوة عند محمود درويش تعتبر وسيطة روحية ما بين فكره وقلمه.. إن القهوة عند محمود درويش كانت بمنزلة جرعة شافية لروحه الملهمة. فهل يا ترى هي كذلك عند البقية؟

مشاركة :