واشنطن - سلطت مجلة 'فوربس أفريكا' الضوء على انجازات المملكة المغربية في القطاعات الرئيسية ضمن عدد خاص تحت عنوان "المغرب: إطلاق الفرص في ملتقى القارات"، مستعرضة ما يتوافر عليه المغرب من ثروات متعددة وإرادة ملكية كانت وراء التحولات الضخمة التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة. وأظهر الاقتصاد المغربي قدرة على الصمود في مواجهة صدمات اقتصادية عنيفة بدء من تداعيات الأزمة الصحية العالمية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا وصولا إلى كارثة زلزال الحوز وتداعيات الاضطرابات الجيوسياسية الإقليمية والدولية ومنها الحرب الروسية على أوكرانيا التي تسببت في ارتباك مالي خطير في معظم دول القارة الافريقية على وجه الخصوص بسبب قفزة كبيرة في أسعار الوقود والحبوب والمواد الغذائية. وأشارت المجلة إلى أن المغرب أصبح وجهة مثالية للاستثمارات لما يتمتع به من مؤهلات في عدة قطاعات من بينها السياحة إضافة إلى ما أظهره من قدرات في مجال الطاقة المتجددة واليد العاملة المؤهلة متعددة اللغات. ولا يتوقف الأمر على هذه المؤهلات فحسب، إذ تشير 'فوربس' في تقريرها إلى موقع المغرب الاستراتيجي الذي يربط بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط. كما أكدت أن المملكة باتت تحظى بمكانة هامة على الساحة الدولية بما اكتسبته من ثقة عالمية، مذكّرة باستضافتها لفعاليات دولية كبيرة مثل احتضان مدينة مراكش في أكتوبر/تشرين من العام الماضي الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. واختيار المؤسستين الماليتين العالميتين لعقد اجتماعاتهما السنوية في المغرب لم يكن اختيارا اعتباطيا بل مدروس وبناء على الثقة العالية في قدرات الرباط التنظيمية وقد جرت الفعاليات في أجواء ايجابية من الناحية الأمنية والتنظيمية واللوجستية. وقالت المجلة إن هذا "الحدث البارز الذي جمع نخبة عالم المال يجسد قدرة المغرب على استضافة مؤتمرات ذات صيت عالمي وأيضا الأهمية المتزايدة التي تحظى بها المملكة في المحافل الدولية". وعرضت كذلك إلى التحولات الضخمة التي تشهدها المملكة في السنوات الأخيرة وهي التحولات الاقتصادية النوعية التي يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس وفق رؤية استشرافية ومقاربة تنمية شاملة بدأ المغرب يجني ثمارها سياسيا واقتصاديا. وقد رسمت مبادرة الأطلسي التي أطلقها الملك محمد السادس ملامح المرحلة القادمة التي من المتوقع أن تحدث نقلة نوعية ليس في المغرب فحسب بل في الدول الافريقية التي انخرطت في المبادرة قناعة منها بصواب التوجه والتخطيط المغربي وبالفوائد التي ستجنيها. وقالت 'فوربس أفركا' إن المغرب تحول في السنوات الأخيرة إلى "قوة" إفريقية على المستوى الصناعي، وأضحى مرجعية خاصة في قطاعي السيارات والطيران. وتحدث المجلة في تقرير آخر عن المعجزة الاقتصادية التي حققها المغرب وقالت تحت عنوان "النموذج المغربي" إن هذه المعجزة هي ثمرة قيادة حكيمة، مضيفة أن "المغرب يدافع عن إمكانات نجاح القارة، من خلال توجيه الاستثمارات نحو اتفاقيات التجارة الحرة وتطوير البنيات التحتية والخدمات المالية"، مضيفة أن المملكة التي باتت تحظى بمكانة إقليمية كبيرة أصبحت أبرز المستثمرين في القارة الافريقية. وأظهر الاقتصاد المغربي قدرة عالية على الاستجابة بفاعلية للصدمات في السنوات الأخيرة وصمودا يعتبر استثنائيا في خضم أزمات متتالية، بينما لا تحجب هذه القدرة العالية على امتصاص الصدمات الاقتصادية وجود تحديات بعضها ناجم عن مشاكل محلية وأخرى ناجمة عن الاضطرابات الجيوسياسية المتناثرة. وفي كل الحالات تبدو المؤشرات الحالية ايجابية لجهة التعافي وتحقيق نسب نمو مدفوعة بخطة تحولات يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي يعتمد على مقاربة تنموية متوازنة وواقعية إضافة إلى رؤية استشرافية تعطي أولوية للدولة الاجتماعية. ودشن المغرب الذي يستعد لاحتضان فعاليات كأس أمم افريقيا 2025 وكأس العالم بالشراكة مع اسبانيا والبرتغال في 2030، جملة من المشاريع التنموية الضخمة تشمل تطوير البنية التحتية الرياضية والبنية التحتية للنقل البري والبحري والجوي بما يشمل توسيع شبكة الطرقات والموانئ والمطارات وتعزيز أسطول الخطوط الجوية الملكية بطائرات من طرازات حديثة كما يواصل بثبات تنفيذ مشاريع واعدة في أقاليمه الجنوبية وهي المشاريع التي ستحول على المدى المنظور الصحراء المغربية إلى قطب عالمي للاستثمار. وعدل المغرب كذلك بوصلته صوب الاستثمار في الطاقات البديلة والنظيفة من خلال محطات ضخمة للطاقة الشمسية ومزارع الرياح والتي من المتوقع أن تحدث نقلة نوعية في تلبية احتياجات السوق المحلي من الطاقة وتصدير الفائض منها. وتستعد بريطانيا والمغرب لمدّ أطول كابل كهربائي عبر البحر في العالم بطول 3800 كيلومتر وبكلفة قد تصل إلى ما يعادل 21 مليار دولار والذي من المتوقع أن يوصل التيار الكهربائي المولد من الطاقة الشمسية من محطات الصحراء المغربية إلى نحو 7 ملايين شخص في المملكة المتحدة. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، توقع البنك الدولي في تحديث لتوقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، أن يرتفع معدل النمو في المغرب في العام الحالي إلى 3.1 بالمئة ارتفاعا من 2.8 بالمئة في العام الماضي وإلى 3.3 بالمئة في العام 2025، بينما يأتي هذا التقييم استنادا إلى واقع التحولات التي يشهدها الاقتصاد المغربي وإلى مؤشرات تعافيه من تداعيات الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا وهي الأزمة التي تسببت في أزمات مالية واقتصادية في دول العالم. ويقول البنك الدولي إن معدل النمو سيرتفع في بعض البلدان خاصة في جيبوتي والمغرب وتونس، لكنه حذّر في الوقت ذاته من أن الصراع في الشرق الأوسط يزيد من حالة عدم اليقين، مشيرا إلى أن اشتداد الصراع سيكون له تداعيات سلبية غير مباشرة على بعض دول الجوار من بينها تنامي نسبة اللجوء والنزوح. كما أوضح أن من بين منغصات النمو في الشرق الأوسط وشمال افريقيا ما يتعلق بالكوارث الطبيعية والتغير المناخي. وتعرضت منطقة الحوز في المغرب إلى زلزال في الفترة الماضية أسفر عن دمار وسقوط قتلى، لكن السلطات أظهرت قدرة عالية على التعاطي مع الأزمة الطارئة والتأقلم السريع مع متطلباتها. لكن في المقابل فإن المملكة المغربية تعاني من جفاف سيكون له تأثير على الإنتاج الزراعي خاصة على محصول القمح وهو ما قد يثقل كاهل الدولة إذا استمرت موجة الجفاف. وقد اتخذت السلطات جملة من الإجراءات في مواجهة حالة الإجهاد المائي.
مشاركة :