يذخر تاريخ الاعلام اللبناني بالاعتداءات عليه منذ أيام الوصاية السورية في عهدي حافظ وبشار الأسد، مروراً بالاستقواء غير الشرعي المتجسد بـحزب الله، وصولاً الى الأشكال الميليشياوية المختبئة في عدد من الأحزاب والهيئات المدنية، إلا ان الفارق يبقى في حجم الاعتداءات ونوعيتها، إلا ان الهدف واحد وهو اسكات صوت الحق وإيقاف الحقائق التي تكشف الوجوه الحقيقية لدول الممانعة. اعتداء الشبان المنضويين تحت شعارات مدنية على صحيفة الشرق الأوسط لا يخرج عن سياق الاعتداءات التي سبق وتعرض لها اعلام المستقبل في احداث 7 مايو 2008 من قبل أزلام النظام السوري في لبنان، وللأهداف ذاتها أسقط عدد من القتلى في تاريخ الصحافة اللبنانية، عندما اعتدى نظام حافظ الأسد على جريدتي المحرر وبيروت، ومصادرة عدد من المستندات. لم يردع صوت السلاح والتهديد الصحافة اللبنانية والعربية عن قول الحق في زمن الوصاية، ولن ينجحوا في زمن الاستقلال والحزم. أبناء النظام السوري وأوضح عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل والمحلل السياسي راشد فايد في تصريح لـاليوم انه اذا كنا نريد الاعتراض على الكاريكاتور الصادر في الشرق الأوسط، ومع ذلك هذا لا يمنع ادانة من نفذ عملية الهجوم على مكاتب جريدة الشرق الأوسط، قائلاً: للأسف هذه إحدى نتائج وجود سلاح خارج اطار الدولة، ولا يتهمني أحد بأنني موتور بموضوع السلاح لأنه الواقع، كون السلاح اعلى درجات التمرد على الدولة، قد يكون هناك تمرد بالامتناع عن دفع الضرائب او الرسوم، ولكن هذا التمرد بالانشقاق عن الدولة، وهذا يشجع سواء أكانوا أصحاب السلاح او المتمادين في المجتمعات للسيطرة على هذه المجتمعات. وأضاف فايد: ليس بالضرورة ان يكون من هاجموا مكاتب الشرق الأوسط من جماعة حزب حسن نصرالله، ولو ان الأغلبية من جماعته، ولكن على الأقل وجود قوة تنافس الدولة على إدارة شأن البلد يسمح لجماعات ان تتمرد وتحاول التسلل من هذا الانشقاق بين الدولة وبين ما هو منشق عنها، ليفرضوا آراءهم او يسجلوا مكاسب لهم، وهذا يفسر معنى انتشار الفساد في هذه المرحلة في البلد بطريقة لم تعد خافية على عين. وحول اعتداءات سابقة على الصحافة اللبنانية، أجاب فايد: أصبح هناك اعتداءات إبان الاحتلال الاسدي للبنان على صحيفتي المحرر وبيروت، حيث أُحرقت الصحيفتان وتمت مداهمة مبنى جريدتي السفير والنهار، وصودرت ملفات ارشيفية ووثائق، وكذلك قبل تلك الفترة وبرعاية المخابرات السورية، وفي عهد حافظ الأسد اصبح هناك مداهمة لصحف ضد الدور السوري بتلك المرحلة، وتم تحطيم مكاتبها. ورأى ان من فعل ما فعلوه (الاعتداء على الشرق الأوسط) هم من تربية أبناء النظام السوري الديكتاتوري، معتبراً ان الفارق بمقياس الضرر، فهناك فارق طبيعي بين تحطيم مكاتب وبين احراق مطبعة ومبنى، وذهب بسببه ضحايا «أربعة قتلى في جريدة بيروت»، عندما دخل الجيش السوري عام 1976 الى لبنان تمت مداهمة كل جرائد المعارضة، لتدخّلهم في تلك الفترة، لأنه لم يكن هناك تفاهم بين نظام الأسد والحركة الوطنية اللبنانية، فداهموا جريدة بيروت والمحرر. وختم: نحيي الشرق الأوسط لأنها لم تتخذ رد فعل انفعاليا، ولم تقرر اغلاق مكاتبها وقررت الاستمرار، ونتمنى ان يفهم الجميع ان ما يقوم به البعض لا يمثل الرأي العام اللبناني ككل، ولكن ما يقوم به هذا البعض ليس لانه يمثل الرأي العام اللبناني، ولكن لانه يستقوي بالسلاح الذي يملكه حزب الله. إسكات الأصوات ورأى الكاتب والمحلل السياسي وعضو مجلس نقابة المحررين يوسف دياب في تصريح لـاليوم ان الغاية من الاعتداء على الشرق الأوسط واحدة والهدف واحد، وهو اسكات أي صوت يخالف الرأي لمحور الممانعة، سواء في لبنان او المنطقة، هناك تصويب على كل وسائل الاعلام التي تقريباً في محور المعارضة لسياسة حزب الله وايران في المنطقة، وفي الوقت ذاته ترفض ان يكون لبنان رهينة مشروع ولاية الفقيه في طهران او نظام البعث في دمشق. واعتبر ان الاعتداءات التي حصلت على مؤسسات المستقبل في 2008، وما تلاها من حملات على تليفزيون العربية عندما اعتبر اجتياح قوى الامر الواقع لبيروت، والتنكيل بأهلها هو عمل ميليشياوي، جرى في يومها تضييق على وسائل اعلام عربية بما فيها قناة العربية التي كان اعلام حزب الله يطلق عليها تسمية غريبة، ومنذ ذلك اليوم بدأت التهديدات ومحاولة اسكات الأصوات المناهضة لفكرة اخضاع الدولة اللبنانية للمشاريع الإقليمية التي تتعارض مع مصالح اللبنانيين في لبنان والخارج. وقال: ما حصل بالنسبة الى الشرق الأوسط يأتي في هذا السياق، خصوصاً انه سبقه بساعات قليلة جدا قرار قناتي العربية والحدث بإقفال مكاتبهما في لبنان بسبب تهديدات امنية، وهذا يشير الى ان هذا القرار اتخذ بعدما تبين ان الأجهزة اللبنانية غير قادرة على حماية هذه المؤسسات من المخاطر التي تتهددها، وللأسف ان اقتحام مكاتب الشرق الأوسط وتخريبيها سبقه حملة مبرمجة وخطيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعملية تحريض ممنهجة تدعو الى الحشد والتجمع امام مكاتب الشرق الأوسط، ولم تحرك الدولة اللبنانية ساكناً او تتخذ إجراءات امنية لتلافي ما حصل. وشدد على ان الجريدة مستمرة في الصدور والبيان الذي صدر عنها واضح، وان الاعتداء لن يثنيها عن دورها، ومكاتب بيروت مستمرة في عملها. توقيف حشاش وذكرت الوكالة الوطنية للاعلام أن عدداً من الشبان من جماعة الحراك المدني، أقدموا على اقتحام مكاتب جريدة الشرق الأوسط الطابق الـ11 في مبنى برج الغزال، بالتباريس الأشرفية، أثناء غياب معظم جهاز التحرير، وعملوا على تمزيق عدد الجريدة، احتجاجا على الرسم الكاريكاتوري الذي نشرته في متن صفحاته. وعرف منهم: عباس زهري، بيار حشاش، حسن قطيش، وشخص من آل حرز كان قد حاول سابقا اشعال النار في نفسه أمام المحكمة العسكرية، ومصور من تليفزيون الجديد من آل زين الدين وبلال علاو. واضافت الوكالة: حضرت دوريات من مفرزة استقصاء بيروت وشعبة المعلومات وآمر فصيلة الأشرفية في قوى الأمن، وبدأت التحقيقات مع موظفتين وشاب كانوا في الطابق الـ11، واستمعوا إلى أقوالهم، وعملت وحدة المباحث على تصوير التداعيات التي خلفها الاقتحام. وفي هذا السياق، أوقف فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي بناء على اشارة القضاء المختص الناشط في الحراك المدني بيار حشاش اثناء تواجده في سوق البترون، على خلفية اقتحامه مع آخرين مكاتب جريدة الشرق الاوسط في برج الغزال في بيروت، وتكسير محتوياتها.
مشاركة :