شكّل قرار الاتحاد القطري لكرة القدم استبدال المدرب البرتغالي كارلوس كيروش بالإسباني تينتين ماركيز لوبيز قبل شهر على انطلاق بطولة كأس آسيا على أرضه رهانا كبيرا، لكنّ العنّابي بات الآن على بعد فوز واحد من الدفاع عن لقبه بنجاح. وقد حجز أصحاب الأرض مقعدهم في النهائي الكبير السبت بمواجهة الأردن. الدوحة - استبعد معظم المحللين القطريين قبل انطلاق بطولة كأس آسيا لكرة القدم وصول العنّابي حامل اللقب إلى النهائي، عطفا على إخفاقه في موندياله وتغيير مفاجئ طال مدربه، وهو ما أشار إليه بحزن النجم أكرم عفيف بعد قيادته بلاده إلى الفوز على إيران في نصف النهائي. ورغم السعادة التي أظهرها في الملعب، عبّر المتألق عفيف (5 أهداف) عن حزنه لعدم ترشيح قطر قائلا “حزين لأنه لم يرشّحنا أحد قبل البطولة، وحزين لعدم الثقة بمنتخبنا”. كما في 2019 حين توّج بأوّل ألقابه الكبرى، خالف المنتخب القطري كل التوقعات وبلغ النهائي ضاربا موعدا تاريخيا مع الأردن السبت في ملعب لوسيل المونديالي. بعد تصدّره مجموعته بثلاثة انتصارات على لبنان وطاجيكستان والصين من دون استقبال أي هدف، تجاوز فلسطين، ثم أوزبكستان بركلات الترجيح، قبل أن يطيح بإيران العنيدة في مباراة دراماتيكية أظهرت ارتفاع نسقه الفني. وحقق المنتخب القطري رقما قياسيا بوصوله إلى 13 مباراة متتالية دون خسارة، لكنه بتعادله سلبا مع أوزبكستان في ربع النهائي (حُسمت بركلات الترجيح) أخفق في الوصول إلى رقم نظيره الإيراني الفائز 12 مرة تواليا بين 1968 و1976 حين توج باللقب ثلاث مرات. ويضيف عفيف، أفضل لاعب في آسيا 2019، “استمعت إلى بعض المحللين وهم يرشحون إيران لأنها تملك بعض المحترفين في أوروبا أو قوّة بدنية، لكن المهم أن تملك الروح”. مصالحة الجماهير ◙ إسعاد الجماهير غاية لا تدرك إلا في حالات كهذه ◙ إسعاد الجماهير ولم يأتِ استبعاد الخبراء والمحللين منتخب قطر من فراغ؛ إذ يؤكد فهد العمادي، مدير تحرير صحيفة “الوطن”، أن الترشيحات لم تصب في مصلحة العنابي “عطفا على النتائج الأخيرة وتغيير المدرّب، لكن هذا الأمر كان نقطة تحول للاعبين بعدما ابتعدوا عن الضغوط”. وتابع “رأينا المنتخبات التي كانت مرشحة، مثل السعودية والعراق واليابان وكوريا الجنوبية، كيف خرجت من (سباق) البطولة”. شكّلت الاستعانة مجددا بالمدرسة الإسبانية، عبر تعيين الإسباني تينتين ماركيز لوبيز خلفا للبرتغالي كارلوس كيروش قبل شهر على انطلاق البطولة، فأل خير على المنتخب القطري الذي كان مدعوا إلى مصالحة جماهيره الحزينة بعد خروجه المخيّب من بطولة كأس العالم التي استضافها على أرضه قبل نحو عام، حين تكبّد ثلاث هزائم وخرج بخُفَّي حُنين من الدور الأول. ◙ لوبيز، القادم من تدريب نادي الوكرة، طبع بصمته مع الأدعم فارضا بعض التغييرات التكتيكية التي اعتمدها كيروش بدأ المدرب ماركيز عمله مع المنتخب القطري في أواخر ديسمبر، إلا أنّ ارتباطه بالكرة القطرية طوال عقد من الزمن جعل عمله أسهل. وبات المنتخب القطري قاب قوسين أو أدنى من إحراز اللقب القاري للمرة الثانية على التوالي بعد الخروج المخيّب للآمال من الدور الأول لبطولة كأس العالم 2022 التي استضافتها الدولة الخليجية الغنية بالغاز. وقال ماركيز إنّ “الطريق لم تكن سهلة أبدا”، منوّها باللاعبين لمساعدتهم له طوال هذا المشوار. وقال المدرّب البالغ 62 عاما “اللاعبون طبقوا تعليماتي وفلسفتي وأفكاري على الملعب ويستحقون الشكر”. وأضاف “لدينا خطوة واحدة أخيرة متبقية من أجل أن نحقق هدفنا المطلوب”. وأحرز المنتخب القطري لقب كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه عام 2019 تحت قيادة مدرب إسباني آخر، هو فيليكس سانشيز الذي بقي على رأس الفريق حتى نهاية مونديال 2022. لكنّ العنابي تلقى ثلاث هزائم متتالية في المونديال، وهو الرصيد الأسوأ لأي بلد مضيف لكأس العالم في تاريخ المسابقة. وحلّ كيروش مكان سانشيز لكنّ النتائج جاءت متفاوتة، حيث خسرت قطر من إيران برباعية نظيفة في نهائي دورة ودية في الأردن خلال أكتوبر. وغادر مدرب ريال مدريد السابق، كيروش، بعد شهرين ليُعيّن الاتحاد القطري ماركيز بديلا عنه. ونُقل عن لسان قائد المنتخب حسن الهيدوس قوله بعد الفوز على إيران الأربعاء إنّ “الجميع عملوا معا” بعد استلام ماركيز مهامه. تجربة صعبة ◙ مدرب محنك ◙ مدرب محنك يؤكد أكرم عفيف (27 عاما) أن التجربة في بطولة كأس العالم كانت صعبة؛ فـ”كل بطولة نخوضها يجب أن نتعلم منها، وبطولة كأس العالم كانت أول مشاركة، وكانت صعبة علينا”. في المقابل يرى العمادي أن بلوغ النهائي للمرة الثانية تواليا هو بمثابة مصالحة كبيرة وتاريخية “رغم أننا كنا نعذر المنتخب في بطولة كأس العالم بحكم أنها أول مشاركة، وبسبب الضغوط الجماهيرية الكبيرة، لكن في كأس آسيا صالح العنابي الجماهير من الباب الكبير، وأوفى بالوعد وأصبح قاب قوسين أو أدنى من نيْل اللقب”. اغرورقت عينا المعز علي، أفضل لاعب في النسخة الماضية وهدافها (9)، بالدموع بعد نهاية المباراة، وعن ذلك يقول “تعرّضنا لضغوط كبيرة قبل البطولة، وكان البكاء أمرا طبيعيا بعد إعلان تأهلنا إلى النهائي، هو أمر رائع للغاية أن نتواجد مرتين وإن شاء الله نكون أبطال آسيا للمرة الثانية تواليا”. ◙ تجربة بطولة كأس العالم كانت صعبة على المنتخب القطري وكل بطولة خاضها العناني وجب أن يتعلم منها الدرس ويصف المعز، الذي سجل هدف الحسم في المرمى الإيراني، البطولة بـ”الصعبة”، مضيفا أن “النسخة الحالية أقوى من الماضية، وبالتالي التواجد في النهائي لم يكن أمرا سهلا”. وفيما لفت مدير تحرير صحيفة “الوطن” إلى أن مجرد وصول حامل اللقب إلى نصف النهائي كان بمثابة إنجاز، اعتبر محمد وعد، أحد نجوم المنتخب القطري في هذه البطولة، أن “الكأس لن تخرج من لوسيل”. وقال وعد (25 عاما)، وهو أحد الوجوه الواعدة التي حجزت مكانا أساسيا في تشكيلة العنابي، لفرانس برس “كانت مباراة وملحمة كروية كبيرة والهدف كان الوصول إلى النهائي الذي لعبنا وخضنا البطولة من أجله”. بسرعة طبع لوبيز، القادم من تدريب نادي الوكرة القطري، بصمته مع “الأدعم” فارضا بعض التغييرات التكتيكية التي اعتمدها سلفه كيروش، وقبله مواطنه فيليكس سانشيز، فلجأ إلى التدوير المستمر في المباريات مع تثبيته الثلاثي لوكاس منديش والمهدي علي وبيدرو ميغيل في الدفاع، فضلا عن جاسم جابر ومحمد وعد في الوسط، والثنائي المعز علي وأكرم عفيف في الهجوم. وبثت خطة لوبيز الحيوية في صفوف اللاعبين، مع لجوئه الدائم إلى تنويع الخطط وتغيير اللاعبين. ولم يعتمد على لاعب معيّن إلا وفق الظروف التي تناسبه، مثل الجوكر خوخي بوعلام، أحد نجوم البطولة السابقة الذي جلس احتياطيا معظم فترات البطولة قبل أن يشركه لوبيز في نصف الساعة الأخير من لقاء إيران معززا ترسانته الدفاعية أمام المدّ الإيراني.
مشاركة :