زيارة خادم الحرمين تبدد أوهام الوقيعة بين القاهرة والرياض

  • 4/4/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

خلال مؤتمر "فكر 18" والذي عقد بالقاهرة في ديسمبر الماضي، وصف مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل، قوة ومتانة العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية، قائلا إن "هناك محاولات للوقيعة بين مصر والمملكة ، إلا أن أملهم خاب في كل مرة"، مشددا على أن "علاقات مصر والسعودية مرت بمراحل، وستبقى دوما قوية ومتينة". وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، المرتقبة لمصر لتؤكد كلمات الأمير خالد الفيصل، حيث يرى المراقبون أنها تعد أبلغ رد على محاولات البعض تعكير العلاقة بين البلدين، ومن بينها تقارير أميركية زعمت وجود توتر في علاقات القاهرة والرياض على خلفية وجود خلافات في وجهات النظر في بعض الملفات بالمنطقة. وأكد المراقبون أن الزيارة تعد ردا على المزاعم حول وجود خلافات مصرية سعودية، وهي مزاعم لا يمكن فصلها عن محاولات إيران لزعزعة الأمن القومي العربي، مشيرين إلى أن طموحات التمدد الإيراني في المنطقة العربية لن تتحقق إلا في حال إشعال الخلافات العربية - العربية، وفي القلب منها السعودية ومصر، والترويج لمثل هذه المزاعم من شأنه أن يصب في مصلحة المطامع الإيرانية". معاهدة الصداقة يقول العميد السابق لمعهد الدراسات الآسيوية، وأستاذ التاريخ بجامعة الزقازيق الدكتور عبد الحكيم الطحاوي، إنه "لا صحة مطلقا لتلك التقارير، ومنها ما نشره موقع "ميدل إيست بريفينج "الأميركي، وزعمت خلالها وجود توتر في العلاقات بين البلدين، فعلى الصعيد العربي تؤكد الخبرة التاريخية أن القاهرة والرياض هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي، والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، كما أن التشابه في التوجهات بين السياستين المصرية والسعودية يؤدى إلى التقارب إزاء الكثير من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية مثل الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، ومن هنا كان طبيعيا أن تتسم العلاقات السعودية المصرية بالقوة والاستمرارية على مدى عقود". وأضاف الطحاوي أن "مواقف المملكة تتسق دوما مع مبادئها التي أرساها المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود -يرحمه الله- ويسير عليها من بعده أنجاله جيلا بعد جيل خاصة تجاه مصر، ووصيته لهم بشأنها لأبنائه حيث قال لهم "أنظروا إلى مصر، إذا ظلت قوية فنحن أقوياء، وإذا ضعفت سيضعف معها جميع بلاد العرب"، كما قال أيضا أنه لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب، وكان حريصا على توقيع معاهدة الصداقة مع مصر في عام 1936". وصية المؤسس ويشير الطحاوي إلى أن"وصية الملك المؤسس ظلت عاملا حاكما في إدارة علاقة البلدين، ولا ننسى ما قام به الملك سعود بن عبد العزيز-يرحمه الله- عندما وقع اتفاقية دفاع مشترك مع مصر في 27 أكتوبر 1955، كما قدم لمصر 100 مليون دولار في 27 أغسطس من عام 1956 دعما لقرار مصر بتأميم قناة السويس قائلا كلمته الشهيرة بأنه" إذا نكست مصر رأسها فلا يمكن لأحد في الأمة العربية أن يرفع رأسه"، كما لا ننسى ما قام به الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز عقب العدوان الإسرائيلي على مصر في عام 1967، حيث توجه بندائه الشهير إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب مصر، وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود، واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر 1973، حيث ساهمت المملكة في الكثير من النفقات التي تحملتها مصر قبل الحرب، وقادت المملكة معركة البترول لخدمة ما أسفرت عنه الحرب، وهناك أيضا الدعم الدبلوماسي والمالي الذي وفرته المملكة لمصر، في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز -يرحمه الله- بعد 30 يونيو 2013". دور عريق ويقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الدكتور عبد الله الأشعل، "إن العلاقات السعودية المصرية متينة ومثالية، كما أنها تتعزز وتتقدم يوما بعد يوم من خلال مسيرتها التي بدأت في عهد الملك المؤسس عبد العزيز، والذي وضع أسسا عالية في التآخي الإسلامي والتعاضد العربي بين بلدين عربيين تربطهما وشيجة الدين واللغة والمصالح المشتركة ووحدة المصير، ذلك أن ثقلي البلدين السياسي والاقتصادي وعراقة دورهما الدبلوماسي والسياسي والإنساني في المشهد العربي يؤهلانهما لتقديم هذا النموذج الناصع في الترابط والتواصل عبر مسارات عدة تصب في خدمة الشعبين السعودي والمصري وتعزيز القوى العربية، ولا تنسى دفاتر التاريخ زيارة الملك عبدالعزيز للملك فاروق، والتي تعد أول زيارة له لبلد عربي أو غير عربي إذا ما استثنينا زيارته النادرة للبحرين في بداية توليه الحكم. ارتباط تاريخي ويضيف أن هذه الزيارة كانت اللبنة الأولى القوية التي أسست بقوة للارتباط التاريخي بين الحكومات المتعاقبة في البلدين، فقد كان صدى الزيارة مدويا ومميزا قرأ الجميع من خلاله أن العلاقات السعودية المصرية ستكون الأقوى على مر العقود القادمة، وهي العلاقة ذاتها التي عبر عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس عبد الفتاح السيسي بأنها علاقة أكبر من أي محاولة لتعكيرها، وأن ما يربط البلدين يعد نموذجا يحتذى به في العلاقات الإستراتيجية والمصير المشترك". ويقول الأشعل "إن اختلاف الآراء في بعض القضايا لا يمكن أن يؤثر أبدا على العلاقات الإستراتيجية بين القاهرة والرياض، لأن العلاقات الإستراتيجية تتيح دائما مساحة للحركة بين الدول المتحالفة دون أن تتآكل العلاقات بينهما، بل ويمكن لهذه الاختلافات في بعض الآراء أن تساهم في ضبط إيقاع ميزان المنطقة".

مشاركة :