عبقرية المكان محرّض جمالي يصنع الوعي الثقافي

  • 2/10/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا يزال نادي الباحة الأدبي ينتقي بعناية عناوين ذات بعد مفاهيمي واسع يمكن من خلالها استقراء إيقاع وقوع الواقع في كل جوانب الحياة، واحسب أن هذا العنوان الذي اختاره وتبناه النادي يحسب له كندوة ثقافية فنية معرفية كما هو واضح من مسماها (تنامي الوعي الثقافي في منطقة الباحة ومواكبة رؤية 2030 حيث بسط ضيوف الندوة شروحا وافية وأضافوا من معارفهم ما يجعل المتلقي يدرك حقيقة الواقع ، فإذا كان الوعي هو ردود أفعال تجاه الوسط والمحيط الكلي للحياة ، فإننا هنا ننتقل من وعي عفوي تلقائي إلى وعي تأملي يتطلب الحضور الذهني والفاعل واستدعاء جوانب كثيرة من واقع الجغرافيا والتاريخ، بمعنى آخر أنه يقع على المثقف ربط الواقع الحسي بالجهد الذهني لتنامي الوعي الثقافي على أن يصاغ هذا الربط في قوالب ثقافية معرفية ويتداول من خلال المؤتمرات والندوات والأمسيات وأوراق العمل وورش العمل التفاعلية وغيرها، وبالتالي يكون ربــط كل المدركات أيا كانـت تنــموية أو ثقــافية أو غيرها ، لتكون محوراً للدرس والمداولة، عند ذلك نخلق حالة من الانفتاح الذهني الذي سوف يمتد نحو كل العطاءات التنموية والثقافية في المنطقة، وستحظى هذه الندوة كغيرها إلى ردود أفعال إيجابية متداولة عند النخب الثقافية وستفضي إلى طاقة معرفية وتصل إلى المتلقي والجمهور بشكل مكثف ويشاهد من خلالها كل النواحي الثقافية والتنموية للحياة وبشكل أفقي لكل منطقة الباحة، عند هذا ندرك تلقي الواقع عند المثقف وأثره في الوعي الثقافي، فالأشكال المرئية والمثمنات المنجزة لم تأت بمحض الصدفة سواء كانت ثقافية أو كانت تنموية كل ذلك كان متصلا بعطاء الإنسان وجهوده المبذولة، فما كان متصلا بالتنمية ومشاهد التطور والعمران، فهي لجهود جبارة من مؤسسات وجهات مختلفة في مرافق الدولة حتى وصلت إلى حقيقتها الماثلة كمنجزات وطنية كما نراها اليوم، أما إذا كانت في الاتجاه الأخر في الجوانب الثقافية فإن ذلك يحسب على الإرث الثقافي المتنوع في منطقة الباحة، وتأتي مثل هذه المبادرات الواعية لتدرج كل منجز في دائرة الضوء فالرؤية الوطنية منحت الجميع مساحة كبيرة كافية لإبراز عبقرية المكان الحاضن لكل أنساق الحياة المختلفة، المكان المعزز بجماليات مختلفة التي تُهيأ وصولنا للمعرفة والوعي وحتى للسعادة أحياناً إذاً ما استدعينا جوانب من الموروثات الثقافية كالفنون الشعبية بأهازيجها والأزياء الجميلة بألوانها والحلي بأنواعها، فالثقافة تتضمن معارف وفنونا وعادات وقيما مجتمعية يتشارك فيها الجميع، فمن يطوف الباحة ويدرج في الأماكن المختلفة يدرك هذه الحقيقة وأزعم أن زائر البــاحة لا يبذل عناء ولا جهدا ليصل إلى وجهها المشرق وجيدها المليح، فالبيئات المتنوعة متقاربة جداً وتظل الباحة بيئة محفزة لإبراز المكون الثقافي المتناثر في كل أرجاء المنطقة وخصوصاً أن المسافة الفاصلة بين البيئات متقاربة حد التجاور، ففي الشرق تتكون البيئات النجدية، وفي الغرب يمتد الساحل المحاذي لسفوح الجبال بعفويته الجميلة وبمناظره الخلابة وبطبيعته البكر، وما يتوسط البعدين تقع سلسة جبال السروات بكل جمالياتها الفنية والثقافية، ففي الوقت الذي تتباين فيه البيئات في الباحة إلا أنها في ذات الوقت تتشابه في تناغم فريد والفارق البسيط هو الذي منح المنطقة حالة من التفرد عن غيرها، ولعل في هذا الطرح دعوة لاستمرار مثل هذه اللقاءات الثقافية والندوات الفكرية من كل الجهات المعنية التي تجعلنا ندرك واقع التنمية ونعيش البعد الفني والثقافي لمنطقة الباحة.. وإلى لقاء. أدبي الباحة وحراك أثرى الفكر وساهم في نشر الوعي الثقافي

مشاركة :