سعاد إزعيتراوي لـ"العرب": المجلات ساهمت في تنوير الحركة الثقافية بالمجتمع المغربي

  • 2/12/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الرباط - سعاد إزعيتراوي، اسم يتلألأ في سماء مديرية الأخبار بالقناة الثانية المغربية، قطعت أشواطا طويلة داخل عالم الإعلام مليئا بالتحديات والتضحيات، لتصل إلى قمة النجاح بفضل عملها الجاد والمثابر على مدار سنوات عديدة. وتؤكد الإعلامية أن “المغرب يستحق برامج ثقافية من طراز رفيع لأنها مملكة غنية ثقافيا وفنيا، وهبها الله هذا الثراء المتجذر في تاريخها، فالفن مثلا في شمال المغرب يختلف عن جنوبه وشرقه يختلف عن غربه، بلد يغري بإعداد الكثير من البرامج الثقافية، وما هو موجود بإعلامنا قليل جدا. وتولت سعاد مهمة مراسلة نقلت من خلالها قصص الحياة والواقع من أقصى القرى إلى أرجاء البلاد، تجاوزت حدود الجغرافيا لتصل إلى قلوب الناس، بتغطيتها المتميزة للأحداث والقضايا. ولم تكن سعاد إزعيتراوي مجرد صوت إعلامي، بل كانت قائدة لفريقها التقني، تفتح آفاقا جديدة للإعلام الوطني، وكانت أول من وطأت قدماها قرية إنفكو، في ظل فاجعة موت أطفالها بسبب شدة البرد، لتبقى علامة بارزة في سجل الإنجازات الإعلامية. بإرادتها الصلبة وروحها القوية، استطاعت سعاد إزعيتراوي أن تثبت أن الإرادة والعمل الجاد يمكنهما تحقيق المعجزات، وأن الإنسانية تبقى عنوانا لكل من يحمل راية الإعلام والتواصل. وتحدثت الإعلامية سعاد إزعيتراوي لـ“العرب” حول رحلتها في مجال الصحافة الثقافية “بدأت رحلتي في مجال الصحافة الثقافية منذ سنوات من خلال تغطية مجموعة من الأحداث الثقافية، من ندوات ومهرجانات ومعارض تشكيلية ومعارض الكتب وغيرها في المغرب وخارجه، إذ أن التجربة تطورت واستوت على ما هي عليه اليوم مع إعداد فقرة ضيف الأحد التي تستضيف مبدعات ومبدعين في مجالي الثقافة والفن، فقرة ضيف الأحد موعد أسبوعي يبث في نشرة ظهيرة كل يوم أحد على القناة الثانية، اعتبره تجربة متميزة تعلي من شأن الحقل الرمزي، وتقرب الجمهور من مبدعين ومبدعات في مجالات ثقافية وفنية متعددة وتجعل السؤال الثقافي مركزيا في أي تحول بالمغرب”. سعاد إزعيتراوي: فن البورتريه يسمح لك بالدخول في عوالم المبدعين والمنشغلين بحقل الإنتاج الرمزي سعاد إزعيتراوي: فن البورتريه يسمح لك بالدخول في عوالم المبدعين والمنشغلين بحقل الإنتاج الرمزي وأضافت أن “قسم الأخبار كان فاتحة عملي بالقناة الثانية عام 2005، لم أغادره إلى اليوم، تنقلت في قسم الأخبار بين العمل في مركز القناة في بداية التحاقي بها والعمل كمراسلة ميدانية في مدينتي فاس والرباط ثم العودة إلى المقر بالدار البيضاء، فتقديم البورتريه فرضته طبيعة فقرة ضيف(ة) الأحد، بحيث يتم إعداد بورتريه وبثه أثناء الحوار مع الضيف في استوديو الأخبار”، متابعة “جنس البورتريه استهواني كثيرا ووجدت فيه متعة حقيقية، هو تنقيب في سيرة الضيف الفنية والثقافية وإعادة صياغتها برؤيتي الخاصة، إنه فن يسمح لك بالدخول في العوالم الحميمية للمبدعين والمنشغلين بحقل الإنتاج الرمزي، فيه أحسست بتفجر طاقاتي في الإبداع وصقل تجربتي الصحفية”. وتعتبر إزعيتراوي أن الإعلام الثقافي له دور كبير جدا في أي مجتمع كان، وفي المغرب ظهر الإعلام الثقافي في ستينيات القرن الماضي من خلال ملحق العلم الثقافي، تكررت التجربة في جرائد أخرى كالاتحاد الاشتراكي والبيان وأنوال، وكذلك في التجارب الفرنكفونية للصحافة الحزبية أو المستقلة التي كانت متعاطفة مع اليسار خاصة، كانت تخصص حيزا هاما من صفحاتها للثقافة، بالإضافة للملحق الثقافي الذي يصدر أسبوعيا. وظهرت أيضا بعض المجلات الثقافية من أقدمها مجلة آفاق ثم ظهرت أنفاس وأقلام ولامالف وغيرها من المجلات، ومجلة أوراق مثلا للكاتب محمد صوف، وعلى قصر عمر التجربة فقد كانت ملاذا للكتاب الشباب آنذاك كمحمد شكري ومحمد زفزاف ومبارك ربيع. وهذه المجلات الثقافية أنجبت كتابا وشعراء ونقادا وساهمت بشكل كبير في تنوير الحركة الثقافية بالمجتمع المغربي. وأوضحت الإعلامية "إذا ما تحدثنا عن البرامج الثقافية في الإعلام المرئي نجد بعض البرامج على قلتها كبرنامج مشارف للشاعر ياسين عدنان، وبرنامج صدى الإبداع وبرنامج الناقد للإعلامي أحمد زايد، وبرنامج المشهد الثقافي للشاعرة وداد بن موسى، وبرامج على قلتها تحسها كمن يروي عطش ساحة جرداء، أما بخصوص تيك توك وما شابه يحضرني هنا مثل مصري يقول ‘عقلك في راسك اعرف خلاصك’،الإغراءات المعروضة كثيرة وعلى المرء أن يختار ما يناسبه وما يشبع روحه وفكره". وكشفت عن كواليس أعدادها لبورتريه فقرة "ضيف الأحد" الأسبوعية "تبدأ العملية باختيار الضيف أولا، فضيوفنا من المجالين الثقافي والفني وبما أننا نقدم الفقرة في نشرة الأخبار فنحن نختار من الضيوف من لهم أخبار جديدة مثل إصدار أدبي، إخراج فيلم، عمل فني جديد أو الحصول على جائزة أو ما شابه، أي أننا لا نشتغل بشكل عشوائي، بل بالحدث الثقافي الحي، أي الأثر الأدبي بالمفهوم الصحفي، ثم أتصل بالضيف لتحديد أماكن التصوير وتحديد المتدخلين من أصدقائه وزملائه للإدلاء بشهادات في حقه. البورتريه يكون مطعما بالشهادات وبأرشيف الضيف إذا كان ممثلا أحضر أرشيفه مسبقا، وعادة ما يكون متوفرا بالقناة، بالإضافة إلى البحث عن الصور التي توثق اللحظات المهمة من مسار الضيف، وأبحث عن المتميز والجديد والطريف أيضا، إذ في البورتريه يجب أن يكون الصحافي عين وذاكرة الجمهور المتلقي. وتابعت "بعد التصوير أقوم بنفسي بتوضيب البورتريه وكتابته، وأحاول أن أبتعد في الكتابة عن عرض السيرة الذاتية بالشكل البيبليوغرافي التقليدي المتعارف عليه، أحاول أن تلامس كتاباتي روح الضيف". وفي حديثها عن أبرز الشخصيات الثقافية التي أغنت بأدبها وفنها بورتريهاتها تقول “كان لي شرف إعداد بورتريهات لأسماء أدبية وفنية أقدرها كثيرا، أذكر هنا على سبيل المثال، المخرج والراقص لحسن زينون الذي رحل عنا قبل أيام فقط، سيرة هذا الرجل نموذج في التحدي والإصرار على تحقيق الحلم مهما كلف الأمر، سيرة لخصها في سيرته الذاتية الحلم الممنوع، وإعداد بورتريه عن الكاتب أحمد المرزوقي صاحب الرواية الشهيرة الزنزانة رقم 10 كان فرصة طيبة حقا، المرزوقي قضى عشرين عاما من عمره في سجن تزمامارت ومع ذلك يمنحك جرعة رهيبة من التفاؤل وحب الحياة". وتابعت "لم يكن من السهل مثلا إقناع عالم السيميائيات سعيد بن كراد لاستضافته (بالمناسبة بن كراد درسني مادة السيميائيات في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس)، فهو اسم وازن في مجاله على المستوى العربي، وهو أيضا رجل يحب الاشتغال في الظل. وذكرت الكاتب والإعلامي عبدالعزيز كوكاس الذي أعتبره قدوتي في المجال الإعلامي والأدبي والإنساني، والفنان الجميل يونس مكري الذي عشنا سنوات نستمتع بأغانيه الهادئة، قبل أن تبعده عنا السينما وتحرمنا من جديده الغنائي". ◙ المجالات الثقافية أنجبت كتابا وشعراء ونقادا وساهمت بشكل كبير في تنوير الحركة الثقافية بالمجتمع المغربي وأضافت أن "اللقاء بيونس ميكري أعادني إلى الزمن الذي كنا نستمتع فيه بأغنية (ليلي طويل ويا مراية). الجميل هو هذه الإحاطة بمسار الضيوف وإبراز بعض الجوانب التي يجهلها الجمهور، أنا بدوري وفي رحلة البحث عن الضيوف اكتشفت بعض الأسماء ووقفت عند جوانب خفية من مسارها أثناء إعداد البورتريه، هي أسماء كبيرة لكنها تفضل الاشتغال في الظل ولا تسعى أبدا للظهور". وتتميز سعاد إزعيتراوي بإتقانها اللغة العربية الفصحى وتثري تقديم البورتريه بأسلوب جميل وجذاب يشد الانتباه، وقد عبرت عن هذا بالقول “أظن أن اللغة العربية الفصحى تمنح جمالية خاصة لأي تقرير صحفي كيفما كان نوعه، وأجد أن البورتريه يحتاجها بشكل خاص، ألمس ذلك في عيون ضيوفي بعد بث البورتريهات، ألمسها في رسائل المتابعين لضيف الأحد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وجلهم من الوسط الثقافي والفني، كثيرا ما يعلقون على أسلوب البورتريه، فهذا يعكس رغبتهم في سماع اللغة العربية الفصحى". وتنوه إزعيتراوي بالشخصيات التي تلهمها في عملها الصحفي، معبرة بالقول “تلهمني الشخصيات العصامية، تلهمني الشخصيات المتواضعة أيضا، والشخصيات الحكيمة أجد نفسي مشدوهة بها، يعجبني كثيرا الاشتغال مع الضيوف الكبار في السن، أحب أن أرى عمرا من التجارب ملخصا في كلامهم في حكمتهم ونظرتهم للواقع وللآن". وتشير الإعلامية المغربية حول التخطيط لتطوير أساليبها وتقنياتها في تقديم البورتريه موضحة “هو ليس تخطيطا بقدر ما هو ضرورة، كلنا مطالبون بذلك، كل واحد من منصبه ومكان اشتغاله، كيف لنا أن نتقدم دون تطوير أساليبنا وتقنياتنا، فالبورتريه الذي أعددته قبل ست سنوات أكيد لا يشبه مطلقا الذي أعده الآن، هناك تغيير من ناحية الأسلوب ومن ناحية طريقة الإلقاء وحتى من ناحية الحيز الزمني المخصص للبورتريه". وتختم الإعلامية الثقافية الحوار حول مشروعها القادم في مجال الصحافة الثقافية منوهة “لدي فكرة برنامج ثقافي جديد مازالت تنتظر فرصتها، لعل القادم أجمل لنتسلح بالتفاؤل”.

مشاركة :