تحليل إخباري: مراقبون فلسطينيون وإسرائيليون: هجوم إسرائيل على رفح سيحمل تداعيات جسيمة

  • 2/12/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يستعد الجيش الإسرائيلي لشن هجوم بري على مدينة رفح عند الحدود مع الأراضي المصرية جنوب قطاع غزة والتي تشكل الملاذ الأخير للسكان الفلسطينيين الذين نزحوا من مختلف أنحاء القطاع خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة. ورأى مراقبون فلسطينيون وإسرائيليون أن الهجوم الإسرائيلي الوشيك على مدينة رفح سيحمل تداعيات جسيمة ومن شأنه التأثير على علاقات إسرائيل الخارجية. ونشرت الإذاعة العبرية العامة اليوم أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هيرتسي هاليفي أبلغ الوزراء خلال جلسة الحكومة بأن الجيش صادق على خطط لعملية عسكرية في منطقة رفح وأنه سيعرضها على الوزراء عندما يحين ذلك. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب من الجيش إعداد خطة مزدوجة لعملية عسكرية في المدينة تشمل إجلاء المدنيين وملاحقة عناصر حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وقتل ما يزيد عن 100 فلسطيني خلال سلسلة غارات وهجمات إسرائيلية على أنحاء متفرقة من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، فيما تمكن الجيش الإسرائيلي من تحرير أسيرين اثنين في هجوم مركب على رفح. وقالت وزارة الصحة في غزة في بيان تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه اليوم "قتل 100 فلسطيني على الأقل، فيما أصيب ما يزيد عن 160 أخرين بسبب الغارات العنيفة التي نفذها الطيران الحربي الإسرائيلي في المدينة". وقال شهود عيان فلسطينيون إنهم فوجئوا بتنفيذ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات عنيفة بعد منتصف الليل والتى استمرت لما يقارب 40 دقيقة. وأوضح شهود العيان أن القصف المستمر كان لتوفير غطاء لعملية تسلل إلى حي الشابورة لإنقاذ أسيرين إسرائيليين اثنين في أيدي حركة حماس. وقالت مصادر أمنية برفح إن قوات إسرائيلية وصلت سرا إلى المبنى الواقع في قلب مدينة رفح وبعد اشتباكات مع عناصر حماس تم تحرير الأسيرين، موضحة أنه حتى الآن لا يوجد أي تقدم بري وكل ما حصل هو ضربات جوية متتالية من الطيران لمنازل ومساجد في رفح. وفي السياق ذاته، قال بيان لرئاسة الوزراء الإسرائيلي ليلة الجمعة إنه "لا يمكن تحقيق هدف الحرب وهو تدمير حماس في حين يتم إبقاء أربع كتائب تابعة لها في رفح"، مضيفا أن عملية عسكرية مكثفة في رفح تلزم إجلاء السكان المدنيين من مناطق القتال. وردا على ذلك، حذر مصدر قيادي في حماس في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) من أن أي هجوم للجيش الإسرائيلي على رفح يعني نسف مفاوضات التبادل. واتهم المصدر نتنياهو بمحاولة "التهرب من استحقاقات صفقة التبادل بارتكاب إبادة جماعية وكارثة إنسانية جديدة في رفح"، مشيرا إلى أنه "ما لم يحققه نتنياهو وجيشه خلال أكثر من أربعة أشهر، لن يحققه مهما طالت الحرب". -- دوافع إسرائيل وقال الكاتب والمحلل السياسي من غزة طلال عوكل إن نتنياهو يدرك أن وقف الحرب أو الوصول إلى تهدئة مؤقتة سيعني نهاية حياته السياسية ولذلك يفضل الاعتراض على أي وساطات للتهدئة باتجاه شراء وقت يمكنه من تحقيق الحد الأدنى من الأهداف التي وضعت لغزة.  وذكر عوكل لـ((شينخوا)) "إذا تمكن نتنياهو من الوصول إلى بعض المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس أو تآكلت قدرة الأخيرة على التأثير العسكري حينذاك ستكون بيده أوراق قوة ربما تساعده على البقاء في السلطة أو الخروج الآمن منها بدون أي ملاحقات قضائية".  وتابع أن "التلويح بالعدوان على رفح يهدف للضغط على حماس لتخفيف اشتراطاتها بشأن موقفها من التهدئة وحتى يقال، إن إسرائيل ومن خلفها نتنياهو متمسكون بمواقفهم ولن يرضخوا لأي ضغوط من أي جهة". ولاقت تهديدات إسرائيل بشن هجوم على رفح برفض فلسطيني وعربي ودولي وأممي واسع. وحذرت أوساط عديدة من أن مثل هذا الهجوم قد يحدث أوضاعا كارثية وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا. وتعج رفح التي تصلها المساعدات الغذائية والأدوية من دول أجنبية وعربية ومؤسسات أممية عبر معبر رفح البري بالخيام التي تنتشر في الأراضي الفارغة والزراعية والمدارس وعلى قارعة الطرق. -- صورة نصر وقال الكاتب والمحلل السياسي من رام الله أحمد عوض إن شن هجوم على رفح محاولة للحصول على صورة نصر في المدينة باعتبارها المعقل الأخير لحركات المقاومة الفلسطينية وبالتالي ملاحقاتها واقتلاعها. وأضاف عوض لـ((شينخوا)) أن نتنياهو يحاول الوصول لإنجاز كبير لتسويقه للإسرائيليين من أجل ترميم صورته المنهارة أمام جمهوره الإسرائيلي. وبشأن إمكانية التراجع عن الهجوم، رأى عوض أن ذلك ممكنا حال كان هناك ضغط حقيقي على نتنياهو من قبل الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والجمهور الإسرائيلي. وأوضح أن أمريكا والإتحاد الأوروبي والدول العربية حذرت من القيام بتلك الخطوة لكن دون ممارسة ضغط حقيقي وبالتالي نتنياهو قد يرتكب خطيئة تاريخية كبرى باقتحام رفح من أجل الحصول على نصر أو إنجاز. وفر آلاف الفلسطينيين في الأيام الأخيرة إلى رفح التي تستضيف أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة وفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة. وقال مسؤولون في المكتب الأممي إن معظم الوافدين الجدد "يعيشون في مبان مؤقتة أو خيام أو في العراء"، مشيرين إلى أن رفح أصبحت الآن بمثابة "وعاء ضغط من اليأس ونحن نخشى مما سيحدث بعد ذلك". -- خيارات النازحين في رفح رأى الكاتب والمحلل السياسي من رام الله جهاد حرب أن النازحين في رفح أمام عدة خيارات في حال شن عملية عسكرية الأول دفعهم نحو مصر والثاني هو إتخاذ طريق البحر أو إعادتهم إلى شمال القطاع وهو الأمر الذي لن تقبله إسرائيل. وقال حرب لـ((شينخوا)) إن الحكومة الإسرائيلية الحالية "مجنونة ولا يمكن التكهن بتصرفاتها فقد تذهب نحو اجتياح رفح وربما لا، لكن الأكيد أن نتنياهو يرغب في إطالة أمد الحرب حتى لا يتم محاكمته". ويعتقد حرب أن إسرائيل حال دخولها رفح والضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة قد يكون هناك موت جماعي للمحتجزين الإسرائيليين لديهم. ورغم الإجماع الإسرائيلي على الحرب في قطاع غزة، إلا أن المواقف تباينت بشأن الهجوم على رفح خشية التأثير على العلاقات الخارجية خاصة مع مصر. وتتزامن الخلافات مع تصاعد الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي التي تطالب بصفقة تبادل شاملة تفضي لإعادة جميع الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس. -- ردود فعل اعتبر رئيس القسم الدولي والشرق أوسطي في معهد السياسات والإستراتيجية في جامعة رايخمان الإسرائيلية الدكتور شاي هارتسفي أن هجوم الجيش الإسرائيلي على رفح سيثير ردود فعل دولية وإقليمية حادة لم تشهدها إسرائيل بعد. وقال هارتسفي في مقال على صحيفة ((معاريف)) الإسرائيلية إن الأيام الأخيرة شهدت تصاعدا بالتوتر في العلاقات بين إسرائيل ومصر على خلفية الحديث عن توغل بري في رفح، الذى يثير ردود فعل حادة ليس في مصر فقط، بل بين الدول العربية الأخرى أيضا، فضلا عن الولايات المتحدة وأوروبا. وأضاف أن "السخط المصري ينبع من الخوف من أن يؤدي الاجتياح في منطقة شديدة الكثافة إلى إلحاق ضرر كبير بالنازحين وكما سيسمح بالتهجير القسري للغزيين تحت ذريعة الدوافع الإنسانية". وتابع أنه منذ بداية الحرب على غزة هناك استياء كبير في مصر من الأفكار التي يسمعها في إسرائيل الوزراء وأعضاء الكنيست بشأن التعامل بشكل أحادي مع محور فيلادلفيا، مشيرا إلى أن بعض المسؤولين المصريين يعدّون هذا خطا أحمر ويشكل تهديدا للأمن القومي المصري مما قد يعرقل استمرار التعاون بين البلدين ويمس اتفاقية كامب ديفيد للسلام الموقعة بين مصر وإسرائيل. وأشار إلى أن مصر تلعب دورا أساسيا في المفاوضات الرامية إلى صياغة مخطط جديد لإعادة الإسرائيليين أحياء، معتبرا أن الهجوم على رفح سيكون له تداعيات سلبية على المفاوضات في صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار وحتى بكل ما يتعلق بمستقبل غزة في اليوم التالي للحرب. وأفادت الإذاعة العبرية العامة بأن منسق ملف الأسرى والمفقودين الإسرائيليين دفيد ميدان يعارض شن هجوم على رفح لأن من شأنه تعريض معاهدة السلام مع مصر للخطر، وتؤدي إلى تدهور العلاقات مع الدول العربية. وأوضح أن لعملية كهذه دلالات استراتيجية إقليمية على خلفية معارضة واشنطن والقاهرة. وقال الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي جاسبر فيند إن الهجوم على رفح يحتاج إلى تخطيط محكم من أجل التخفيف من عدد الضحايا الذين قد يسقطون، في وقت حرج بالنسبة لإسرائيل حيث لم تعد تتمتع بذات الدعم الدولي الذي متاحا في بداية الحرب في شمال غزة. وذكر فيند في مقال أن إسرائيل ستواجهها معضلة وهي عدم معرفتها بخريطة الأنفاق الواصلة بين رفح وخانيونس، لافتا إلى أن ضغط الجيش على رفح سيؤدي إلى نقل مقاتلين عبر الأنفاق إلى خانيونس مرة أخرى. وأضاف أن الكتائب الأربع الموجودة في رفح ستقاتل بشراسة لأنهم يحملون على عاتقهم بقاء مشروع حماس حيا في المستقبل، مشيرا إلى حتمية التنسيق مع مصر التي تخشى أن يؤدي الهجوم لاجتياز سكان رفح للحدود نحو شبه جزيرة سيناء.

مشاركة :