الوثاق – عبدالرحمن بن محمد الحمد اثبت الباحث الاسرائيلي، شلومو زاند، في كتابه “اختراع أرض اسرائيل” بالدليل القاطع أن الحركة الصهيونية تقوم على تحويل التعابير الدينية إلى مفاهيم قومية جيوسياسية اخترعتها لتبرير مشاريعها الاستيطانية في فلسطين المحتلة، وقد تساءل الباحث باستغراب في كتابة السالف الذكر عن مدى أحقية قيام ما تسمى اسرائيل ..!؟ استناداً على “ادعاءات واهية على غرار أنها أرض الآباء والأجداد، أو من خلال التذّرع بحقوق تاريخية منذ آلاف السنين، كشف التاريخ القديم والمعاصر زيفها وبطلانها” حيث يذكر من جهة أخرى “طومسون” في كتابة “التاريخ القديم للشعب اليهودي” “أن تاريخ أرض فلسطين قد خلى من وجود أثر لليهود في فترة العصر الحديدي الثاني، التي زعم اليهود بقيام مملكة بني إسرائيل الأولى آنذاك”، كما ظهر اسم فلسطين لأول مرة في العصر البرونزي المتأخر قبل 3200 عام بحسب المؤرخ الفلسطيني البريطاني نور مصالحة. ومن جانب آخر، أكد الدكتور خزعل الماجدي في مؤلفاته “تاريخ الشعوب الأصلية التي سكنت فلسطين” أن الشعوب التي قطنت أرض فلسطين قديماً هم: الأموريون والكنعانيون والشوتو والبلستو والعرب، أما اليهود فلم يكونوا سوى أقلية بجوار هذه القبائل المتعددة”، ويضيف الماجدي “أن الاكتشافات الأثرية المُعلن عنها من قِبَل علماء الآثار التوراتيين لا تزيد عن كونها شقفات فخار من هنا وهناك، بلا نصوص مكتوبة أو دلائل مادية واضحة تدعم ما يدعونه من مزاعم تاريخية على أرض فلسطين”. وبالعودة لكافة التصريحات التي تطلقها حكومة الاحتلال نجد أنها خالية من تعبير “الحق القانوني” بل تزدلف مباشرة لمزاعم الحقوق الدينية أو الثقافية أو التاريخية، وقد اثبت المؤرخون قطعاً بأنها ادعاءات واهية لا أساس لها من الصحة مقارنةً بالأسانيد القانونية، والتي تأسست عليها أطر الدول (الحقيقية) المعترف بها في عصرنا الحالي، وليس《الكيان المصطنع》 .. الذي لم يتأسس على حق قانوني بل جاءت نشأته بغير شرعية نتيجةً لعوامل عدة أهمها: الاطماع والمصالح السياسية لدى الدول الغربية تجاه المنطقة وذلك بجعلها في حالة غليان مستمر من جهة أخرى معاداتهم للسامية في تلك الحقبة؛ الأمر الذي جعلهم يخططون بشكلٍ ممنهج للتخلص من اليهود ونفيهم بعيداً عنهم عبر بواخر “صدئة” وانتهى بهم المطاف إلى أرض فلسطين إبان حكومة الانتداب البريطاني، ليؤسسوا بعد ذلك عصابات وميليشيات باسم الهاجاناه والبالماخ الصهيونية والتي كانت بداية ما يسمى الآن بالجيش الاسرائيلي. وما فتئت حكومة الاحتلال بمحاولاتها اليائسة التلاعب بالألفاظ القانونية من قبل مسؤوليها في المحافل الدولية أو أبواقها المستعربة عبر وسائل التواصل الإجتماعي لتكريس مفهوم (جيش الدفاع) أمام العالم وخاصةً العالم العربي لاضفاء الشرعية على ميليشيا الهاجاناه والبالماخ الصهيونية إلا ونجد أن المجتمع الدولي والشارعين العربي والغربي لا ينفي عنهم صفة (الاحتلال) وسلب الأرض وتهجير الشعب الفلسطيني قسراً من أرضه بلا مسوغات قانونية ولا مستندات تاريخية، ولهذا نرى بأن الصهاينة دائماً ما يحاكون في خطاباتهم مسألة (الدين) كعامل استقطاب يمكن من خلاله استمالة اليهود المناهضين لفكرة أحقيتهم الدينية على أرض فلسطين في الوقت الذي لايلبي الغالبية العظمى منهم لتلك الدعوات لأنهم يرونها غير قانونية ولا تتواءم مع مزاعم اسرائيل في الحق التاريخي والديني والثقافي والسياسي على أرض فلسطين. وهذا ما يفسر عدم التزام اسرائيل بتطبيق القرارات الدولية وعدم احترامها يوماً للقوانين الإنسانية منذ نشأتها لعلمهم اليقين بأنهم كيان لم ينشأ بصبغة قانونية، فلا غرابة من اعتداءاتهم الوحشية التي نشهدها حاليا على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، والاستهتار الصادم بأرواح المدنيين والتدمير الممنهج للبنى التحتية في القطاع الأمر الذي اضفى الشرعية على الانتهاكات الإسرائيلية دون أدنى شك وفقاً لمنظمات حقوقية غير حكومية. ولعلنا شاهدنا في الآونة الأخيرة مزاعم “السلام والتعايش” التي ينشرها أبواق الاحتلال عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن “الدين للأشخاص والوطن للجميع” في محاولةٍ يائسة لرأب الصدع ما أمكن بينهم وبين المجتمع الدولي بعد أن كشف العالم بأن سلوكيات المسؤولين الاسرائيليين لا تتجلى سياقاتها مع لغة “السلام والتعايش”، إضافةً إلى تجاهلهم لكافة الدعوات الدولية الرامية إلى تسوية النزاع من خلال مبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة في عام (2002م) لحل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين على خطوط الرابع من يونيو لعام (1967م) وعاصمتها القدس الشرقية، إلا أن الاحتلال ما زال غائراً في قطاع غزة والذي يعد جزءً لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة. وقد جمعت بعض المقولات من مصادر متفرقة ما يدحض معها مزاعم اسرائيل في التعايش والسلام وهي على النحو الآتي: 1) “أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أرى فيه شيئاً غير أخلاقي”، دافيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لحكومة الاحتلال (1938). 2) “كل العرب لا يساوون يهودياً واحداً”، مِئير كَهانا، زعيم حركة كاخ (1932- 1990). 3) “لقد وصلنا أورشليم وما زال أمامنا يثرب وأملاك قومنا فيها”، موشه ديّان، وزير دفاع سابق في الكيان الصهويني (1915- 1981). 4) “إنه من الخطأ أن نوهم شبابنا أن سلاماً يمكن أن يكرّس بيننا وبين العرب”، إسحاق شامير، الرئيس السابع لحكومة الاحتلال (1915-2012). 5) “العرب أفاعٍ سامة، يجب إبادة العرب”، عوفاديا يوسف، كبير الحاخامات السفرديم في تل أبيب (1920-2013). 6) بعد تنامي ظاهرة البصق على دور العبادة للمسيحيين (..) علق وزير الأمن القومي لحكومة الاحتلال، إيتمار بن غافير (2023-2024) قوله: “يوجد عرف يهودي قديم وهو أن نبصق عندما نمرّ على دار عبادة أو بجانب قسيس، ويمكن أن توافق على ذلك أو لا توافق، ولكن عندما نبصق على طرف الطريق، لا يشكّل ذلك خرقاً للقانون”. 7) في عام 2010 عقد حاخام صفد، شموئيل إلياهو، مؤتمراً طارئاً تحت عنوان (الحرب الصامتة) “ودعا فيه لعدم بناء كلية للطب لأنها تجذب العرب، وعدم تأجيرهم المنازل لان الأمر يستبيح حركة المدينة” (مركز أبحاث للدين والدولة). 8) في 2009، صدر كتاب عن الحاخامين، يتسحاق شابيرا ويوسف اليتسور، تضمن ترسيخ “مفاهيم فقهية” حول قتل العرب والانتقام منهم، وأباح قتل الأبرياء من الرضع من أجل الإنقاذ اليهود من خطرهم. (مركز أبحاث للدين والدولة) 9) “إلقاء قنبلة ذرية على قطاع غزة أحد الاحتمالات”، وزير التراث لحكومة الاحتلال، عميحاي إلياهو (2023-2024) 10) “نحن اليهود آله على هذا الكوكب، نحن نختلف عن الأجناس السفلية، في الواقع .. إن الأجناس الأخرى مقارنةً بجنسنا تعتبر بهائم، أو ماشية في أحسن الأحوال” خطابٌ ألقاه رئيس وزراء الاحتلال، مناحيم بيجين، في الكنيست الإسرائيلي. أخبار ذات صلة
مشاركة :