تراجع إنفاق المستهلكين الصينيين رغم انخفاض الأسعار

  • 2/15/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تتراجع أسعار السيارات الكهربائية الصينية، لكن ريو ليو، البالغ من العمر 38 عاماً، وهو من سكان بكين، يتردد في التخلي عن أمواله لشراء السيارة الجديدة التي يرغب في اقتنائها بشدة لأسرته الصغيرة. في البداية، عليه بيع سيارته الحالية، لكن أسعار السيارات المستعملة تنخفض أيضاً؛ لذلك يقول: «هذا يضعني في موقف حرج». لقد شهدت أسعار المستهلكين في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم انكماشاً خلال الأشهر الأربعة الماضية، حيث انخفضت بأسرع معدل سنوي لها منذ 15 عاماً في يناير. وجاء ذلك مدفوعاً بتراجع أسعار الغذاء بشكل أساسي، بينما ترتفع الأسعار في قطاعات أخرى. وتقدم الشركات التي تبيع كل شيء من مستحضرات التجميل إلى السلع الكهربائية خصومات، فيما تنخفض أسعار السيارات بأسرع وتيرة لها منذ 22 عاماً على الأقل. وتستند بيانات الانكماش إلى المخاوف القائمة منذ فترة طويلة بشأن طلب المستهلكين، حيث يسعى صانعو السياسات لاستعادة الزخم في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. وفي حين استفاد النمو البالغ 5.2% في 2023 من مقارنته بمعدل نمو أقل في العام السابق بسبب الوباء، سيتعين على المستهلكين لعب دور أقوى هذا العام إذا كان للاقتصاد أن ينمو مرة أخرى بالمعدل نفسه. لكن مع استمرار الضغط على سوق العقارات، الذي كان تاريخياً المحرك الاقتصادي للثقة، استمر حذر المستهلكين حتى في موسم رأس السنة الصينية الجديدة، وهي فترة تقليدية تزيد فيها معدلات الإنفاق بصورة كبيرة، إلا أن ضعف نمو الأسعار لم يشجع الناس تلقائياً على الإنفاق. وقالت لويز لو، كبيرة الاقتصاديين في «أكسفورد إيكونوميكس»: «إنه من المفترض نظرياً أن تؤدي الأسعار المنخفضة إلى زيادة القوة الشرائية للمستهلكين، لكن هذا لم يحدث. ونعتقد أن السبب يرجع إلى أن العقلية الانكماشية قد ترسخت تماماً». وأضافت: «أعتقد أن هذه بداية لاتجاه هيكلي تماماً، فقد أصبح الناس أكثر حذراً بشكل كبير... إنهم يفكرون بجدية أكبر في كيفية إنفاق دولار إضافي من الدخل». وكشفت بيانات رسمية عن ارتفاع مبيعات التجزئة بنسبة 7.4% في ديسمبر الماضي على أساس سنوي، وإن كان ذلك مقارنة بمبيعات منخفضة في ديسمبر 2022 عندما اجتاح وباء «كوفيد 19» الصين. وكانت مبيعات التجزئة تأثرت بمؤثرات أساسية مشابهة بسبب عمليات الإغلاق. وأظهر استطلاع أجرّاه «مورجان ستانلي» للمستهلكين في ديسمبر ونشر في يناير، أن أكثر من نصف المشاركين يتوقعون تحسن الاقتصاد خلال الأشهر الستة المقبلة، لكنه أشار أيضاً إلى أن 76% من المستهلكين خفضوا الإنفاق على فئة واحدة على الأقل خلال الأشهر الستة الماضية. وأنه عبر جميع الفئات، يميل المستهلكون إلى شراء العلامات التجارية الأرخص في كثير من الأحيان بدلاً من شراء العلامات التجارية الأكثر تكلفة. وقال فريد نيومان، الرئيس المشارك لقسم اقتصاد آسيا في بنك «إتش إس بي سي»، إن «قلة نمو الدخل» هو السبب وراء انخفاض الاستهلاك. وأظهر استطلاع لـ «مورجان ستانلي» أن 45% فقط من المستهلكين توقعوا أن تتحسن الأوضاع المالية للأسر خلال الأشهر الستة المقبلة، وهو أدنى مستوى للتوقعات خلال العام الماضي. وتعد مبيعات السيارات، التي ارتفعت بنسبة 12% خلال عام 2023، إحدى العلامات على أن انخفاض الأسعار يدعم الطلب، رغم أن لو قال إن أسعار السيارات كانت «متقلبة». وخفضت شركة «بي واي دي»، الأسعار على طراز «تانج» بمقدار 10 آلاف يوان أواخر العام الماضي إلى 249 ألفاً و800 يوان، بعد أن تجاوزت مبيعاتها السنوية من السيارات 3 ملايين وحدة. في الوقت نفسه، خفضت شركة «تسلا» سعر طرازها «3» بمقدار 15 ألفاً و500 يوان إلى 245 ألفاً و900 يوان. وفي شمال شنغهاي، قالت شركة تجارة إلكترونية مختصة في السلع الفاخرة إنه «لم يعد بإمكاننا البيع». وأضافت الشركة التي طلبت عدم كشف هويتها إن منصة «تي مول» عبر الإنترنت التي تعمل معها، أكدت مراراً وتكراراً على ضرورة أن تكون «الأسعار تنافسية» في عام 2024. وتقول «تي مول» في إعلاناتها إنها تقدم «أقل الأسعار عبر الإنترنت». وفي الواقع يصعب تمييز التخفيضات الحقيقية في الأسعار التي تقوم بها العلامات التجارية الرئيسية في الصين، في ظل الخصومات وعروض التسويق المستمرة. وقالت كونستانس تشو، 31 عاماً، التي تعيش وتعمل في بكين، إن هناك «انخفاضاً ملحوظاً» في أسعار الملابس الجديدة التي كان يتم تسعيرها بشكل أعلى على الإنترنت. وقالت يالينج جيانج، محللة الأسواق الاستهلاكية، إن بعض تخفيضات الأسعار، مثل خصم شركة «آبل» على الهواتف الجديدة، هي مجرد دعاية تسويقية عادية، لكنها أضافت أن جاذبية العروض التي يرغب المستهلكون الصينيون في الحصول عليها آخذة في الانخفاض، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المشترين المحليين الأكثر ذكاء لديهم «فهم أكبر لعملية التصنيع». وبعد أن طلبت أخيراً خصماً عبر الإنترنت من أحد مطاعمها المفضلة في شنغهاي، لاحظت جيانج أنه تم استبدال لحم البقر المعتاد بـ«فينيو»، وهو بديل أرخص بكثير، وقالت: «هذا غير مقبول». في هذه الأثناء، في بكين، توجه ريو ليو نحو أسلوب حياة أكثر تقشفاً، فقد اعتاد شراء شرائح اللحم عدة مرات في الأسبوع، لكنه الآن يقتصر على مرة واحدة في الشهر، وبينما لا يزال يراقب أسعار السيارات، فإن خطط الشراء الخاصة به معلقة حالياً. وقال ليو: «الجميع يتحدث عن خفض الاستهلاك الآن»، مضيفاً: «جميع السلع تواجه هذا التحدي». تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :