هدى الحمد: الرواية خط فاصل بين الواقع والمتخيل

  • 2/17/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تمزج الكاتبة العُمانية هدى الحمد الخيال بالواقع في روايتها «لا يذكرون في مجاز» المرشحة لنيل جائزة الشيخ زايد للكتاب، وتبدأ الرواية بالحلم الذي يزور البطلة، وينبعث من قراءتها لكتاب قديم يعود لجدة إحدى الشخصيات في زمن بعيد. وتتسارع الأحداث لتفضي إلى كشف سر مدفون لمئات السنين، مما يؤدي إلى تسليط الضوء على أحداث غامضة ومليئة بالتشويق. وتحاول الرواية تقديم نص سردي متكامل يجمع بين العناصر المختلفة ببراعة، وتدور أحداثه ضمن إطار اجتماعي مليء بالغموض والتساؤلات. الخيال والواقع وفي حديث لـ«الاتحاد» قالت هدى الحمد: «إنّها المرة الأولى التي أُخرج فيها اشتغالي الروائي من الدفقة الشعورية الخالصة إلى فكرة المشروع القائم على البحث والتقصّي، فبقدر ما أبطنتُ رغبتي في تفكيك الموروث الثقافي والاجتماعي، بقدر ما تجلى نزوعي الشخصي إلى الخيال العارم والمحلق لخلق اشتباكات مغايرة مع الواقع، وبقدر ما كنتُ أبحث وأتقصّى بقدر ما كنتُ أحاول جاهدة إبقاء الجهد مُختبئاً في طيات النصّ، متوارياً وراء السلاسة والخفة السردية». وتضيف: «في طفولتي البعيدة سردت لي جداتي الثلاث قصصاً مليئة بالجاذبية والغرائبية، وقد انتابتني قشعريرة، إذ لم أكن آنذاك أدركُ الخط الفاصل بين الواقع والمتخيل، ولكن منذ ذلك الحين أردتُ أن أخوض بكتابتي غمار تجربة كتابية مماثلة، كتلك التي نقرؤها في أدب أميركا اللاتينية. قلتُ في نفسي: نحن أيضاً نملكُ قصصاً تستحق الالتفات». وأضافت: «خلال سنتيْ كوفيد عملتُ على رصد كم هائل من الحكايات الموغلة في الذاكرة، اصطحبتُ أوراقي ومسجلتي وتحدثتُ إلى كبار السن، فالقصص الشعبية لا تعدو في الغالب أن تكون التماعة صغيرة تُحدث ذهولاً سريعاً ثم تمضي للاختفاء». وأضافت: «ثم ظهر لي السؤال الكبير كيف يُمكنني صهر كل هذه القصص الغرائبية في حكاية جديدة، قصص سمعتها من جداتي وأخرى قرأتها في الكتب الشحيحة وثالثة استفدتُ منها من اللقاءات التي أجريتها مع الناس، وهنا تجلت المهمة الأصعب.. فقد توجب عليّ دخول معمل الاشتغال لتغذية هذه الشخصيات لإعطائها أسباباً كافية لدخول متن الحكاية، ولإيجاد روابط مقنعة بينها وبين الشخصيات الأخرى، حسب حديث الكاتبة». الأسماء والدلالات دلالات رمزية أرادتها الكاتبة عبر الرواية، وعن ذلك قالت: «منذ فترة ليست بالقصيرة تأسرني فكرة الأسماء ودلالاتها، إذ نجد في الموروث الشعبي العُماني وربما في ثقافات عربية أخرى، أنّ الأسماء قد تتجاوز مهمتها الأساسية بتسمية الأشخاص لتصبح بصمة وجود، وقد تغدو جالبة للحظ والنحس وسوء الطالع». وتؤكد هدى الحمد، أن القراءة والوعي مرتبطان في عوالم هذه الرواية: «قد يتبدى للبعض ظاهرياً أنّ من يقرأ ربما تأخذه الحظوظ إلى مصائر صعبة، فالكُتب التي تجلب النحس وقلّة المطر وضمور أضرع الماشية أو نفوقها قد تُعطي دلالة مختلفة في المتن، فهي تمنح القُراء أسباباً أجدر للعيش، الكتب هي المُخلص الذي يجعل لحياتهم معنى ضمن نسيج القرية المتآلف، حتى في اللحظة التي قد يُصيبهم فيها المصير الأكثر صعوبة، عند ذهابهم إلى جبل الغائب دون معرفة كافية لما ينتظرهم من مصير، فإنّهم يرغبون باصطحاب كتبهم معهم كزادٍ أخير للحياة الأخرى». وهكذا في رواية «لا يذكرون في مجاز» وُضعت شخوص السرد في ظرف يستوجب منها أن تتخذ موقفاً، وتوضح: «أكاد أجزم بأنّنا لا يمكن أن نفهم مواقف هذه الشخصيات في سياق الاجتزاء وإنّما في سياق الحكاية الكاملة، فالموقف هنا هو الديناميكية التي تُعيد رسم سيناريو حياة الإنسان ومآربه وحاجاته وفلسفته تجاه الوجود».

مشاركة :