حارس الموتى

  • 4/6/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعود الكاتب اللبناني جورج يرق في روايته حارس الموتى التي دخلت في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2016، إلى الحرب الأهلية اللبنانية ليرسم يوميات تلك الحرب وتداعياتها على البشر حتى أولئك الذين هم بعيدون عنها، والذين كان يمكن ألا تصيبهم شرارتها، لكنها الحرب تخرّب كل شيء، حتى الأنفس. كان عابر ليطاني شاباً متعلماً عاطلاً عن العمل يعيش في الضيعة مع أبويه، ويتسلى بممارسة هواية صيد الطيور التي برع فيها، وفي أحد الأيام وبينما كان عائداً من الحقول وقد وضع بندقية صيده على كتفه يعثر على رجل جريح، وعندما يقترب منه يهاجمه الرجل، فيهرب عابر منه، وفي القرية يعرف أن ذلك الرجل هو زميل والده بالمدرسة التي يدرس بها، وقد اختطفه ملثمون يرجح أنهم ينتمون إلى الحزب الذي يبسط سيطرته على القرية، وكان ذلك الأستاذ معروفاً بانتقاده للحزب، وهو ينتمي إلى قرية أخرى، ويتوقع عابر أن الرجل قد عرفه وظن أنه واحد من مختطفيه، ويتملكه الخوف من انتقام أهل الأستاذ منه، ولا يظهر الرجل، فيزداد قلق عابر من أن يكون قد مات، ويصبح بقاؤه في القرية خطراً عليه، فيقرر الرحيل. يجد عابر نفسه مشرداً في بيروت التي لا يعرف فيها أحداً، ولا يجد فيها عملاً، فيضطر للجوء لميليشيات الحزب، لكي يحصل على مأوى وأكل، ولم يكن من قبل منتمياً لأي فصيل، وكان يكره الحرب والقتل، ويصبح مجنداً يشارك في العمليات والاقتحامات، ويشاهد الكثير من الجرائم التي ترتكب تحت غطاء الحرب من قتل وانتقام وسرقة وسطو واغتصاب، ويحاول ما استطاع أن لا يقتل بشكل مباشر، ثم يضيق بالحرب ويترك الحزب. رواية حارس الموتى تصور آثار الحرب على الإنسان سواء المجندين فيها أو الناس العاديين، وتظهر أن الحرب تفسد النفوس وتجرها إلى ممارسة كل أنواع الجريمة، وهي تسجيل ذكي ليوميات الحرب التي انكوى لبنان بنارها طويلاً، وبأسلوب سهل قريب، ليس فيه ضعف، لكنّ الرواية طغى عليها الطابع التسجيلي للأحداث فحرمها العمق الدلالي، فعابر مستسلم لأحداث حياته ينجرف معها من دون مقاومة، فينخرط في الحزب رغم عدم قناعته به، ويشارك في الحرب رغم أنه لا يحب قتل أناس أبرياء، وفي المستشفى يمارس السرقة والخداع والغش، وكل ذلك جعله شخصية سلبية - بالمعنى الفني - وأفقد الرواية عنصر الإدهاش الدرامي الذي ينشأ من الصراع بين موقفي الإرادة والمقاومة إزاء قضية ما، فيثير التشويق ويغذي أفق التوقع لدى القارئ، ويصنع الدلالة. dah_tah@yahoo.fr

مشاركة :