هناك أشخاص جعلهم عشقهم للغوص في أعماق البحار غواصين في خدمة البيئة البحرية، وليس مجرد هواة. ليسوا فريقاً واحداً، وإنما عدة فرق من مختلف الجنسيات اجتمعوا لخدمة البيئة والمحافظة على شواطئ الدولة، وعلى الغواصين الذين يأتون من مختلف البلدان لممارسة تلك الرياضة على أرض الدولة. هؤلاء لا يقومون فقط بتنظيف قاع البحار من أجل مكسب مادي، أو استفادة شخصية، وإنما حفاظاً على البيئة والغواصين، والإسهام في تنشيط السياحة أيضاً، فكلما كان قاع البحار داخل الدولة نظيفاً خالياً من أي مخلفات، كلما ازدادت سياحة الغوص وجاء العديد من محبي رياضة الغوص للاستمتاع بالإمارات وجمالها البحري، الذي يضاف إلى جمالها في كل شيء. تواصلنا مع بعض الغواصين من مختلف الفرق لنتعرف إلى دوافعهم في هذا العمل التطوعي، وبداية انخراطهم في هذا الموضوع، الأماكن التي قاموا بتنظيفها، واستفادتهم الشخصية كفرق غوص من التنظيف، معرفة مصير المخلفات التي يحصلون عليها، وأشياء أخرى كثيرة حصلنا على إجابتها منهم في السطور القادمة: أسعد شعب من جانبه يقول علي الأميري مساعد قائد فريق أسعد شعب: هناك العديد من الفرق المختلفة على مستوى الإمارات تشارك في مختلف الفعاليات الخاصة بتنظيف قاع البحر، وفريقنا تم تأسيسه عام 2012 باسم كلنا خليفة، وتم تغيير اسم المجموعة إلى أسعد شعب في عام 2013، وترأس المجموعة بشكل عام حمدة العامري منذ عام 2012، وقمنا بتطوير المجموعة التي لا تقتصر في عملها التطوعي فقط على تنظيف قاع البحر أو الغوص، وإنما هناك العديد من الأشياء الأخرى التطوعية التي نقوم بها. ويضيف موضحاً: نقترب في فريقنا لأكثر من 500 متطوع، منهم من 150 إلى 200 شخص فعالين، ويشاركون في العديد من الفعاليات المختلفة داخل الدولة، ونحضر جميع الفعاليات، وأعمل في الفريق كمساعد لرئيس قسم، وقائد فريق الغوص كابتن هناء البدوي، وقد تعاونا مع العديد من البلديات على مستوى الإمارات بلدية الفجيرة، بلدية أبوظبي، بلدية كلباء، ومربى الشارقة للأحياء المائية، وجمعية الصيادين، والعديد من المؤسسات الأخرى المعنية بالصيد والحفاظ على البيئة. وعن أكثر الأماكن التي يقومون بتنظيفها، والأشياء المستخرجة منها، يقول الأميري: نكون دائماً وبشكل أقرب إلى الأماكن القريبة للموانئ، حيث تجتمع البواخر، قوارب الصيد، وقوارب النزهة، ونستخرج من تلك الأماكن أشياء معينة ومحددة منها دوائر السيارات والشاحنات، الأحبال، علب المياه، والمياه الغازية، علب الزيوت الخاصة بالقوارب، إلى جانب بعض الأشياء المفقودة من البضائع، التي تكون محملة على السفن والشاحنات. ويكمل: من الأشياء التي وجدناها في قاع البحر منذ سنوات، كانت في دبا الفجيرة، لباخرة غارقة منذ زمن بعيد، ووجدنا بها أشياء لم تتحل بعد كمراوح التهوية، وبعض الألعاب القديمة، أما في بحيرة خالد، فوجدنا تمثال بوذا القديم، وكان من الأشياء الثمينة جداً. الغواص لا يأخذ أياً من المخلفات التي يجدها في قاع البحر، ولا يقتني منها أي شيء، هكذا يقول علي الأميري عن مستخرجاتهم من قاع البحر. ويكمل: من الممكن أن تمثل بعض هذه الأشياء خطراً على الغواص نفسه، إذ لم يستفسر عنها، وبالتالي نتعاون مع مختلف البلديات في شتى الإمارات ونعطيهم كافة الأشياء التي نقوم باستخراجها، إلى جانب جمعية الصيادين، والتي تقوم بدورها بإبلاغ الشرطة أو المتاحف عنها. تأثير بالسلب وفي نهاية حديثه يقول الأميري: الغوص بالنسبة لي مجرد هواية، ونغوص متطوعين لخدمة وطننا وخدمة البيئة البحرية ذلك العالم الكبير، إلى جانب حماية السائحين والسياحة في الدولة، خاصة أن تلك المخلفات من الممكن أن تؤثر بالسلب في السياحة. نعمل على حماية البيئة البحرية، واستقطاب السائحين، وتنشيط السياحة في دولتنا دولة الإمارات، من خلال كافة الحملات التنظيفية التي نقوم بعملها وللحفاظ على الأسماك والحيوانات البحرية، والمرجان، هكذا بدأ علي الكعبي مدرب مدربي الغوص، وقائد فريق جيبرو حديثه، وأكمل: نسعى من خلال حملاتنا التنظيفية إلى الحفاظ على البيئة، ونعتبر ما نقوم به حركة وطنية للسياحة وجذب السائحين من خلال تواجد الأسماك والمرجان بشكل أكبر، وخلق بيئة نظيفة ومميزة لمحبي رياضة الغوص. ويقول الكعبي عن المستخرجات التي يخرجونها من قاع البحر: تتمثل تلك الأشياء في خيوط الصيد، الإطارات الحديدية، البلاستيك، ومن الأماكن التي زرناها مؤخراً كانت مربى الشارقة للأحياء البحرية، وبعض الموانئ بأبوظبي، ودائماً ما تكون تلك الأشياء قابلة للتدوير مرة أخرى، ونتعاون فيها مع البلديات المختلفة. ويضيف موضحاً: من الأشياء التي وجدناها أيضاً في القاع، كانت بعض السفن التي غرقت بالإمارات، ومنها سفينة داره، التي غرقت عام 1965، والتي كانت متجهة من البحرين مروراً بالإمارات، وكانت وجهتها الهند، وأيضاً سفينة مريم، زينب العراقية، انيرجي، والعديد من السفن التي نزلنا لاكتشافها ووجدنا بها مضارب للجولف، سكاكين وأدوات طبخ قديمة. هواية وتجربة ويوضح إبراهيم نبيل، أحد الغواصين المنضمين حديثاً للمتطوعين، أنه بدأ موضوع الغوص منذ أربع سنوات، كان وقتها مجرد هواية وتجربة للموضوع، وبعدها قرر الانضمام إلى إحدى الفرق التي تقوم تطوعياً بتنظيف البحر وقاعه من الملوثات، والمخلفات البيئية. وأكمل حديثه قائلاً: استمتعت كثيراً بفكرة الغوص، خاصة أنها تفريغ لبعض الطاقات بداخل أي شخص، واكتشفت من خلالها العديد من الأشياء الجديدة التي لم أكن أعلمها. ويضيف نبيل: تواجدت مع الفريق التطوعي في أكثر من مكان، منها مربى الشارقة للأحياء المائية، والفجيرة، وأحد موانئ أبوظبي، وخلال هذه المهمات اكتشفت بقاع البحر لعمق يصل أكثر من 20 متراً تقريباً شبكة كبيرة بداخلها العديد من الأسماء النافقة وقمت على الفور بتقطيعها وإخراج تلك الأسماك والشبكة من قاع البحر كي لا تتسبب في نفوق الأسماك الأخرى مستقبلاً، وشعرت وقتها بالسعادة لإنجاز هذه المهمة، خاصة أنني كنت حزيناً حينما رأيت الأسماك نافقة. وعن عمله خارج الإمارات من عدمه يقول: في تجربة لي منذ فترة قصيرة جداً في شرم الشيخ بمصر، غصت لعمق يصل 15 متراً، ورأيت العديد من المخلفات، ونصحت العديد من الغواصين والأشخاص العاديين بالإقبال على مثل هذه الأعمال التطوعية للحفاظ على البيئة وجلب السياحة. سعيد سيف: أعقاب السجائر الأخطر سعيد سيف، أحد عشاق الغوص والمشاركين في حملات تنظيف قاع البحر، والحفاظ على البيئة يقول: لست منضماً للأسف لأي فريق حتى الآن، لكن يترتب على أي فرد متطوع أن يكون ضمن منظومة وفريق كي تكون الفعاليات أكثر تنظيماً، وكانت أخر مشاركة لي ضمن فريق أسعد شعب، وشاركت في مختلف الفعاليات منها: أبوظبي في ميناء الصيادين، منطقة المارينا بأبوظبي، مربى الشارقة للأحياء المائية، ميناء دبي، وبشكل عام في الأماكن الأكثر تجمعاً لمخلفات السفن واليخوت وما شابه ذلك، والتي بإمكانها إعاقة الحركة الملاحية. ويضيف موضحاً: شاركت في العديد من الفعاليات في مختلف الإمارات، حتى أننا حققنا رقماً قياسياً عالمياً لأكثر عدد غواصين في تنظيف قاع البحر في 24 ساعة، وكان الفريق مكوناً من 300 غواص، وكنت على وشك المشاركة في إحدى الحملات بمصر شرم الشيخ، الغردقة، لكنني لم أذهب لبعض الظروف، وكسر أصدقائي الرقم الذي حققناه في الغردقة. وعن المخلفات المستخرجة يقول سيف: العديد من قطع السراميك، ومعلبات المياه الغازية، وأعقاب السجائر والتي تعتبر من أكثر الأشياء المضرة للبيئة البحرية، خاصة أنها تحتاج للعديد من السنوات لتحللها، وبالتالي تؤثر بالسلب في الحياة البحرية بشكل كبير، هذا إلى جانب المواد البلاستيكية، أدوات الصيد، الأكياس البلاستيكية، الأقمشة، العبوات الزجاجية، وغيرها من الأشياء الأخرى كالمخلفات البترولية التي تأتي جراء غسل حاملات النفط قرب المياه الإقليمية للدولة، الذي يؤثر بشكل كبير في نفوق الحيتان، وبقرات البحر والمرجان، الذي يعتبر أساس استمرار الحياة في البحار. ويكمل سعيد سيف حديثه: نقوم أيضاً بعمل برنامج توعية البيئة العالمي تحت اسم AWARE Project، وأقوم من خلاله بعمل دورة تدريبية في الغوص لمكافحة النفايات البحرية، وأهلنا من خلاله العديد من الغواصين في هذا المجال. هناء البدوي: لدينا خطة للانتشار والتوسع تقول الكابتن هناء البدوي مدرب غوص، وأحد أفراد الفرق المشاركة في عملية تنظيف قاع البحر في مختلف إمارات الدولة: أعمل تطوعياً كقائدة ورئيس قسم الغوص التطوعي لفريق أسعد شعب، ونشارك العديد من الفرق الأخرى على مستوى إمارات الدولة، في تنظيف قاع البحار في مختلف الإمارات في شكل تطوعي، وبدأنا في هذا الموضوع منذ فترة كبيرة، وحبي للبيئة البحرية والمحافظة عليها، من أسباب انضمامي للفريق، خاصة أنني كنت دائماً أشارك في الفعاليات البيئية للتنظيف، سواء كأفراد، أو من خلال جمعية الغوص، ومنها قمنا بتكوين الفريق التطوعي، وأقوم فيه أيضاً بتدريب بعض المنضمين الجدد، وعمل دورات تدريبية في الغوص للأعضاء الجدد، لزيادة عدد الفريق، وكل هذا بحكم عملي الأساسي كمدربة غوص. وعن الأماكن التي شاركت فيها واقتصارها على الإمارات فقط من عدمه، تقول البدوي: نعمل في المجمل على تنظيف الموانئ البحرية، وقمنا مؤخراً بتنظيف: بحيرة خالد بالشارقة، موانئ الفجيرة، شاطئ خورفكان، ميناء أبوظبي، والعديد من الأماكن الأخرى، ولنا خطة مستقبلية خلال الفترة المقبلة في الانتشار والتوسع في دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب بعض الدول العربية المطلة مباشرة على البحر. وعن الاستفادة التي تعم علينا من خلال هذا العمل، فلا يوجد أي استفادات ملموسة، خصوصاً أننا نعتبر أنفسنا فريق غوص في خدمة البيئة وحمايتها وحماية قاع البحر من تلك المخلفات التي من الممكن أن تسبب أخطاراً للبيئة البحرية، ونعتبر أنفسنا متطوعين ولسنا عاملين في هذا المجال، أضف إلى ذلك أننا نقوم بنشر تلك الثقافة بين الشباب، أما الأشياء غير الملموسة، ونستفيد منها، فهي أننا نقوم بتنظيف الأماكن التي نمارس فيها هوايتنا، كي يكون المكان آمناً ونظيفاً وخالياً من المخلفات، التي من الممكن أن تسبب ترسبات كربونية خطرة مؤثرة في البيئة البحرية، وفينا كغواصين. معظم الأشياء التي نقوم بتجميعها من قاع البحر ومن عمليات التنظيف المختلفة، تكون قابلة لإعادة التدوير، ويمكن الاستفادة منها في العديد من الأشياء والمعارض المختلفة، هكذا تقول هناء البدوي مدرب الغوص، عن وجود استفادة من المواد المستخرجة من قاع البحر من عدمه، وتضيف: نقوم فيما بعد بالتواصل مع شركة بيئة، لأخذ المواد القابلة لإعادة التدوير والاستفادة منها في مختلف الأشياء والمشاركة في مختلف المعارض داخل دولة الإمارات.
مشاركة :