باريس - يؤدي وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه زيارة إلى الرباط للقاء نظيره المغربي ناصر بوريطة نهاية الأسبوع الجاري حيث تعتبر الأولى منذ تعيينه بعد نحو شهر ونصف وتأتي لترتيب زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وفق موقع صحيفة "أفريكا أنتلجنس". وتأتي الزيارة كذلك في خضم مسار من التقارب بين البلدين وجهود لطي صفحة من الخلافات وبعد اتصال هاتفي جرى بين العاهل المغربي الملك محمد السادس وماكرون وكذلك استقبال الأميرات المغربيات للا مريم وللا أسماء وللا حسناء من طرف السيدة الأولى في فرنسا بريجيت ماكرون في الاليزيه. وسيصل الوزير الفرنسي الى الرباط يوم الاحد المقبل حيث سيبحث مع بوريطة الملفات التي ستطرح في لقاء الرئيس الفرنسي بالملك محمد السادس والتي ستبرمج خلال أشهر وبالتحديد في الصيف المقبل لتعزيز العلاقات بشكل كبير وفي مختلف المجالات. وتناولت العديد من الصحف الفرنسية بإيجابية زيارة وزير الخارجية على غرار صحيفة "لي ايكو" التي اعتبرت الزيارة خطوة نحو منح مزيد من الدفء للعلاقات الفرنسية المغربية بينما وصفت صحيفة "لاكسبراس" زوجة ماكرون وسيجورنيه بأنهما أصبحا مختصين في اذابة الجليد مع المغرب. وزيارة وزير الخارجية الفرنسي رسالة واضحة للجزائر بعد أن قرر سيجورنيه الغاء زيارة للعاصمة الجزائرية في خضم تصحيح العلاقات مع الجارة المغرب. ويعتقد ان قرار الإلغاء مرتبط بغضب الجزائر حين قال الوزير الفرنسي بأن بلاده تجدد دعم مقترح الحكم الذاتي حلا واقعيا للنزاع المفتعل في الصحراء حيث هددت تلك التصريحات وفق الاعلام الجزائر بإعادة العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى مربع التوتر بعد أن لاحت في الأفق بوادر على طي صفحة الخلافات. وسيجورنيه الذي وصف عند تعيينه رئيسا للحكومة الفرنسية بانه شخصية مناهضة للمغرب عملت على قيادة حملة في المؤسسة التشريعية الأوروبية ضد المغرب يسعى لتغيير هذه الصورة حيث قال أمام الجمعية الوطنية الفرنسية في تصريحات سابقة أنه يعمل لتجاوز "سوء الفهم" الحاصل بين الرباط وباريس، معلنا استئناف التواصل مع المملكة بعد الأزمة الدبلوماسية التي طبعت العلاقات الثنائية بين البلدين. ولم يخفي الوزير الفرنسي حقيقة أنه مكلف من قبل ماكرون بمزيد تحسين العلاقات الفرنسية المغربية والتي تجاوزت في الفترة الماضية مراحل حرجة بسبب بعد السياسات الفرنسية الخاطئة فيما يتعلق أساسا بملف الصحراء المغربية. واتّسمت السنوات الأخيرة بتوترات حادة بين المغرب وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة وحيث تقيم جالية مغربية كبيرة. وتوترت العلاقات بين باريس والرباط على خلفية سياسة تقارب ينتهجها ماكرون تجاه الجزائر التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في العام 2021. وينظر المغرب إلى باريس على أنها أساءت التقدير بعدم إعلانها عن موقف واضح من مغربية الصحراء مثل العديد من الدول الأوروبية ومن بينها مدريد وألمانيا وهولندا التي أيدت مقترح الرباط للحكم الذاتي تحت سيادة المملكة لحل النزاع المفتعل. كما أثار ماكرون في خطابه إلى الشعب المغربي بعد زلزال الحوز غضبا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي واستهجانا لتجاوزه القنوات الرسمية وللعاهل المغربي في مخالفة للأعراف الدبلوماسية وفي مزايدة مفضوحة. ومثل ملف التأشيرات كذلك احدى أوجه الخلاف بين المغرب وفرنسا في تلك الفترة. إلى ذلك، أثار تصويت البرلمان الأوروبي في كانون الثاني/يناير 2023 في ظل ترؤس سيجورنيه كتلة "تجديد أوروبا" على إدانة تدهور حرية الصحافة في المغرب، غضبا عارما في الرباط. كما ندّد المغاربة بحملة مناهضة للمملكة "دبّرها" حزب الرئيس الفرنسي في بروكسل. لكن باريس سعت لتجاوز هذه المرحلة وهو ما أكدته صحيفة "لوموند" الفرنسية التي أشارت في احدى مقالاتها أن "باريس راجعت الكثير من تصرفاتها تجاه المملكة إلى درجة الشعور بالندم على أشكال "العنجهية" التي تم التعامل بها مع المملكة.
مشاركة :