مرتفعات ويذرينغ لإميلي برونتي يقول موم: مرتفعات ويذرينغ رواية رومانسية على نحو عشوائي، وهناك تلميح إلى أن أخا إيميلي واسمه برانويل كتب الفصول الأربعة الأولى، ثم غرق في الشراب وتعاطي الأفيون فتخلى عنها، وإذ ذاك اقتبستها إميلي، والبرهان على ذلك كما يقولون هو أن تلك الفصول كتبت بأسلوب متكلف أكثر من بقية الرواية، وأنا لا أستطيع أن أجد ذلك مقبولاً، فقد كُتب الكتاب بأكمله على نحو رديء جداً وبأسلوب أدبي فيه الكثير من الادعاء، لأن الهاوي يميل للتصنع الأدبي، حين يجلس الهاوي ليكتب - ينبغي تذكر أن إميلي برونتي لم تكن قد كتبت كتاباً من قبل - معتقداً أن عليه استخدام كلمات فخمة بدلاً من الكلمات العادية، ومع الممارسة يتعلم كيف يكتب ببساطة. إن الرواية مبنية على نحو أخرق، ولكن هل هذا مفاجئ؟ لم يسبق لإميلي برونتي أن كتبت، وكان لديها قصة معقدة لترويها، وتتعامل هذه القصة مع جيلين، وهذا شيء صعب، لأن على الكاتب أن يقدم نوعاً من الوحدة في السرد الذي يتعلق بمجموعتين من الشخصيات، ومجموعتين من الأحداث، وعليه أن يكون حذراً فلا يدع أهمية مجموعة تطغى على أهمية المجموعة الأخرى، وعليه أن يختصر مرور السنين في فترة من الزمن حتى يستطيع القارئ إدراكها بلمحة شاملة كما يفهم المرء بنظرة واحدة لوحة جدارية واسعة. أنا لا أعتقد بأن إميلي برونتي فكرت بتروٍ بكيفية الحصول على وحدة الانطباع في قصة ممتدة في غير اتساق، لكني أعتقد بأنه لا بد أنها تمنت أن تعرف كيف تجعلها متماسكة، وربما تراءى لها بأنها استطاعت فعل الأفضل بجعل إحدى الشخصيات تروي تعاقب الأحداث لشخصية أخرى، إنها طريقة ملائمة لرواية قصة هي لم تبتكرها، إن عيبها هو أن من المستحيل تقريباً الاحتفاظ بالأسلوب التحادثي حين يكون على الراوي أن يسرد عدداً من الأمور، الأوصاف المشهدية على سبيل المثال، وليس ثمة شخص حصيف سيفكر بفعل ذلك. إن من الممكن أن يجد روائي خبير طريقة أفضل لرواية قصة مرتفعات ويذرينغ، ولكني لا أستطيع إقناع نفسي بأنه في حال استخدمت إميلي برونتي تلك الطريقة لكانت الرواية أفضل، لأنها ستكون قد عملت على أساس ابتكره شخص آخر. وليس غريباً بالنسبة لكاتب يكتب روايته الأولى، أن يجعل من نفسه الشخصية الرئيسية، كما أنه ليس غريباً أن يكون في ثيمته شيء من إشباع الرغبة، إنها تغدو عندئذٍ اعترافاً بأحلام اليقظة التي يتخيل فيها نفسه قديساً أو آثماً، عاشقاً عظيماً أو رجل دولة عظيماً، جنرالاً جرياً أو قاتلاً ذا دم بارد، ولأن هناك الكثير من السخافة في أحلام يقظة معظم الناس، فهناك الكثير من الهراء في معظم روايات الكُتَّاب الأولى. وأعتقد بأن مرتفعات ويذرينغ هي بمنزلة اعتراف. أعتقد أن إميلي برونتي وضعت ذاتها في شخصية هيثكليف. إن رواية مرتفعات ويذرينغ ليست كتاباً يُتحدث عنه، إنه كتاب للقراءة، وإن من السهل أن تجد فيه عيباً، إنه ليس كتاباً بلغ حد الكمال، ومع ذلك يقدم لك ما يمكن أن يقدمه لك القليل من الروائيين، فأنا لا أعرف رواية وصفت الألم والنشوة والقسوة وهواجس الحب بهذه الروعة.
مشاركة :