أوباما يحصد فشلاً ذريعاً في الحد من الأسلحة النووية

  • 4/7/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

استفاض الرئيس الأميركي باراك أوباما، أخيراً، في قمة الأمن النووي أمام قادة وزعماء من 50 دولة اجتمعوا في العاصمة الأميركية واشنطن في امتداح تقدم إدارته بخطى ثابتة نحو ما أسماه عالماً خالياً من الأسلحة النووية، في حين أن الواقع والحقيقة يسجلان فشلاً ذريعاً لإدارته في الحدّ من الأسلحة النووية. وقد أدلى أوباما، في مطلع عهده الرئاسي، بخطاب مشهود في لاهاي وصف فيه التزام أميركا السعي لبث الأمن والاستقرار في عالم يخلو من الأسلحة النووية. غير أن الإدارة الأميركية.. إضافة إلى عدم إدخالها أي تعديل على الترسانة النووية العملاقة التي تملكها، رصدت للعقود الطويلة المقبلة ما يزيد على تريليون دولار مخصصة لتحصين النظام وترسيخه، بما يشعل مبدئياً شرارة سباق جديد خطير في التسلح. على المسار الصحيح كتب أوباما في افتتاحية إحدى الصحف الأميركية مقالاً جاء فيه: لا تزال كل من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا على المسار الصحـــيح لتطبيق التزامات اتفاقية (نيو ستارت) على أن يكون، بحلول العام 2018، عدد الرؤوس النووية الأميركية والروسية قد وصل لأدنى معدلات له منذ الخمسينيات. وقصد أوباما باتفاقية نيو ستارت تلك الاتفاقية غير العملية الموقعة بين أميركا والاتحاد الروسي حول التدابير الخاصة بزيادة تخفيض والحدّ من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية. وإذا احتكمنا إلى الأعداد التي يكشف عنها اتحاد العلماء الأميركيين، فإننا نلاحظ أن الولايات المتحدة الأميركية قد تمكنت من تخفيض مخزونها من الأسلحة النووية في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن بوتيرة أسرع من التي شهدها عهد أوباما، بحيث كانت أميركا قد خفضت عدد الأسلحة الناشطة من أكثر من 10 آلاف في العام 2000 إلى ما يزيد قليلاً على خمسة آلاف، في الوقت الذي أنهى بوش ولايته الرئاسية. لذا حين يقول أوباما في إحدى خطبه: لقد خفضت عدد ودور الأسلحة النووية في استراتيجية الأمن القومي لدينا، كما فعل في افتتاحيته الأخيرة، فإنه يقصد النقطة التي هي في المحيط. تريليون دولار للتحديث أضف إلى ذلك أنه أمر مثير للفضول كذلك ادعاءه بأن الولايات المتحدة قد خفضت دور الأسلحة النووية في استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة، سيما إذا أخذنا بالاعتبار تصريح الإدارة بأن الحكومة الأميركية ستقوم بإنفاق أكثر من تريليون دولار في العقود القليلة المقبلة على تحديث برنامج الأسلحة النووية. وبدلاً من إتلاف الأسلحة منتهية الصلاحية أو إحالتها على التقاعد، فإن الإدارة ستحرص على إنفاق مبالغ طائلة من المال للتأكد من أن أسلحة القتل الجماعي ستعيش لعقود إضافية، وستكون أسهل استخداماً. ويعتقد عدد من الخبراء أن تحديث أسلحة الدمار الشامل، بجعلها أصغر حجماً وأكثر دقةً في تحديد الهدف، سيشكل إغراءً إضافياً باستخدامها في الحروب المستقبلية. كما تعتبر طريقة مخادعة لانتهاك تعـــــهد الرئيس بعــدم بناء رؤوس نووية جديدة، في الوقت الذي يستطيع الادعاء تقنياً بأنه ملتزم بالاتفاقية. لا بد أن يكون أوباما فخوراً بإنجاز الاتفاقية النووية التي وقعتها إدارته مع إيران، وهذا ما أشار إليه مراراً قبيل انعقاد مؤتمر القمة النووية، أخيراً. كما أنه أحد إنجازات السياسة الخارجية الإيجابية القليلة في السنوات الماضية: وتعتقد الغالبية العظمى من خبراء الحدّ من الانتشار النووي أن الاتفاقية ستمنع إيران من تطوير أي سلاح نووي. ويقتصر الأمر الأهم ربما على تقليص فرص الولايات المتحدة بشكل كبير الدخول في حرب كبرى أخرى في منطقة الشرق الأوسط في المستقبل القريب. إلا أن الادعاء بأننا بتنا أقرب إلى عالم خال من الأسلحة النووية مجرد إطناب قائم على المغالطات. بالأرقام يتمثل السبب الوحيد الذي يخول أوباما الادعاء أن عدد الأسلحة وصل إلى هذا الحد من الانخفاض منذ الخمسينيات، في أن العدد ذاك يسير في خطٍ تراجعي ثابت منذ أواخر مراحل الحرب الباردة في الثمانينيات، حيث كانت الأسلحة الناشطة يومذاك تزيد على 23 ألفاً. إلا أن التراجع العددي يكاد يكون لا علاقة له على الإطلاق بإدارة أوباما. وتشير المعلومات الصادرة عن اتحاد العلماء الأميركيين إلى أننا انتقلنا من 4950 رأسا نوويا ناشطا في العام 2010 إلى 4700 رأس نووي في العام 2015، أي أن نسبة التراجع لا تزيد على خمسة في المئة، علماً بأن الرؤوس النووية المذكورة والبالغ عددها 4700 رأس تعتبر أكثر من كافية لتدمير الكوكب برمته مرات ومرات.

مشاركة :