وُجدت مواقع التواصل الاجتماعي وفضاءات الانترنت لتسهيل وتسريع التواصل والمعلومات الالكترونية، وكذلك وجود عالم قريب وشبيه بقرية إلكترونية، ولن يستطيع أحد من مستخدمي هذه الشبكات والانترنت تخيل العالم بدونها، بعد أن أصبح العالم كله بأخباره ومعلوماته في متناول يده، لكن ما يقلق الباحثين بشكل كبير هو تنامي الجرائم الالكترونية وتزايد معدلاتها ومن ذلك جريمة التشهير والتخفي بأسماء مستعارة، ومن أجل ذلك عمدت الأجهزة الأمنية على تخصيص أقسام في الجرائم الالكترونية ووحدات لمتابعة من يستغلها سلباً أو من ضعاف النفوس الذين يحاولون تشويه سمعة خصومهم فيها، مختفين حول أسماء مستعارة وصفات وهمية وألقاب براقة، ويلجأ بعض ضعاف النفوس إلى التشهير والكذب على خصومهم عند أبسط خلاف، مستخدمين بذلك «الواتساب» أو مواقع «تويتر» و»فيس بوك»، وغيرها التي من شأنها نشر «الكذبة أو الإشاعة» في وقت قصير. للحديث حول الطرق القانونية لرصد هذه الوقائع التقينا بالمستشار والخبير القانوني تميم بن عبدالله التميمي.. وفيما يلي نص الحوار: سب وقذف * ما هي أغلب الجرائم المعلوماتية المسجلة؟ - قضايا الجرائم المعلوماتية التي سجلت لدى المحكمة بالرياض بلغت في فترة سابقة(4863) قضية حسب تصريح صحفي لرئيس المحكمة الجزئية بالرياض، وحسب ما نشاهده في الوقت الراهن فان غالبية القضايا المعلوماتية في المحاكم هي ما بين قذف وسب وتشهير، وظاهرة الجرائم المعلوماتية ظاهرة إجرامية مستجدة؛ لأنها جريمة تقنية تنشأ في الخفاء. تقديم البلاغ * كيف يمكن لمن يتعرض للسب والقذف في مواقع التواصل الاجتماعي أن يأخذ حقه، وما هي مراحل القضية، ومن الجهة المختصة؟ - يعد التبليغ عن الجريمة المعلوماتية في النظام حقاً من الحقوق المكفولة لجميع من يقيمون في المملكة من مواطنين ومقيمين، وكفلت ذلك الأنظمة المعمول بها، أمّا في حال تعرض أحد الأشخاص لهجوم إلكتروني سواء كان ذلك قذفا أو سبا له الحق أن يتقدم بالبلاغ إذا كان الشخص مجهولًا لمركز الشرطة وتعبئة نموذج خاص بهذه الجريمة تمهيداً لإحالتها إلى شرطة المنطقة ومن ثم إلى الأمن العام لشؤون الأمن ممثلةً بإدارة مكافحة الجرائم المعلوماتية، ومن ثم تُحال إلى وزارة الداخلية لتخاطب هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لإكمال اللازم، وإذا كان الشخص معلوماً له الحق بالتقدم إلى مركز الشرطة واتباع الإجراءات السابقة أو الذهاب مباشرة إلى المحكمة المختصة بذلك، والإجراء المتبع تقدم المدعي إلى أقرب مركز شرطة تابعة للمنطقة السكنية له بتقديم شكوى، بما يثبت دعواه من أدلة وقرائن، مرشداً بذلك إلى الوسيلة التي استخدمت في ارتكاب الجريمة التي تضرر منها، وبعد معرفة هذا الجاني يتم بعد ذلك إحالته إلى جهة التحقيق المختصة بذلك، وهي هيئة التحقيق والادعاء العام لتتولى مهام التحقيق مع هذا الجاني من عملية تستدعيها المصلحة العامة، لتطبيق قواعد العدل والإنصاف بين الأفراد، لحماية أمن المجتمع وحفاظاً على استقراره، وذلك بما نصت عليه المادة الخامسة عشرة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على أن: «تتولى هيئة التحقيق والادعاء العام التحقيق والادعاء في الجرائم الواردة في هذا النظام»، وعقوبة ذلك حسب المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويجوز تضمين الحكم الصادر بتحديد العقوبة -النص- على نشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية أو في وسيلة أخرى مناسبة، وذلك بحسب نوع الجريمة المرتكبة وجسامتها وتأثيرها، على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة النهائية. ظاهرة «المعرّفات الوهمية» في ازدياد.. والتبليغ عن «الجريمة المعلوماتية»حق مكفول للمتضرر معرفات وهمية * ما هي أفضل الطرق للتعامل مع المعرفات الوهمية في مواقع التواصل ؟ - برامج التواصل الاجتماعي أصبحت مرتعاً خصباً لضعفاء النفوس بقيامهم بالتشهير بالآخرين بوجه النصيحة المعلنة الظاهرة أمام الجميع، مما يؤدي إلى تحول الأمر من نصيحة إلى جريمة جنائية، أو سبه وقذفه، وذلك كله بقصد التشفي وإخراج الحقد الدفين بداخلهم، والمعرفات الوهمية لاشك بأنها تغزو هذه المواقع من أجل تصفية حسابات، والتعامل معها بعدم الرد عليهم بنفس ما يفعلوه، فقط الاكتفاء بتصوير الكلام المنسوب لهم وتقديمه إلى الشرطة لضبطهم. إثبات التشهير * يوجد الكثير من حالات التشهير في الانترنت، كيف يمكن إثباتها واقامة قضية على من قام بها؟ - تشهير الناس بعضهم ببعض، إمّا أن يكون تشهيراً بفعل وقع منهم فعلاً، وإمّا أن يكون بفعل لم يفعلوه، فيكون كذباً وزوراً، ولكل حالة حكمها الخاص بها، مثال ذلك التشهير بما في المشهر به صدقاً، والتشهير بالمشهر به كذباً، والتشهير لمجرد النيل من شخص المشهر به، والتشهير عن طريق النصيحة، والتشهير عن طريق الحسابات الإخبارية، وإن الذين ينسبون إلى المؤمنين ما هم براء منه، ولم يعملوه ولم يفعلوه: «فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِيناً»، وهذا هو البهتان المبين أن يحكى عن المؤمنين والمؤمنات مالم يفعلوه على سبيل العيب والتنقيص لهم، والتشهير بالآخرين لا يعتد به إلاّ بتوافر عنصر العلانية أمام الغير عبر الشبكة المعلوماتية، ولهذا فإن النتيجة الإجرامية لجريمة التشهير لا تقوم إلاّ بتوافر العلانية، ويلحق بالغير ضرراً فعلياً جراء هذا التشهير، لنص المادة الثالثة الفقرة الخامسة من ذات النظام بقولها: «التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم». وإثبات هذه الجريمة لدى الجهات المختصة يكون بقرينة متصلة بالجريمة وهي صوراً من صفحة الجاني بالجريمة التي اقترفها وبعد ذلك إقامة الشكوى عليه لدى مركز الشرطة لحين التوصل إليه وإحالته إلى المحكمة المختصة بذلك، ومن يرتكب أياً من أفعال التشهير الذي يؤدي لإلحاق الضرر بالآخرين، أو من يسيء استخدام الهواتف النقالة أو ما في حكمها المزودة بالكاميرا بغرض التشهير بالآخرين، فإن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية جعل له عقوبة رادعة وفقاً لما نصت عليه المادة الثالثة الفقرة الرابعة والخامسة، فإنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمس مئة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
مشاركة :