تعهد قادة غربيون العمل لمكافحة التهرب الضريبي من أثرياء وشخصيات نافذة، مع استمرار تداعيات الفضيحة المدوية التي كشفتها «أوراق بنما» حول التهرب الضريبي. وبات رئيس الوزراء الإيسلندي ديفيد سيغموندور غونلوغسون أول ضحية سياسية للفضيحة حيث استقال تحت ضغط الشارع الذي احتج على كشفت وثائق مسربة تفيد بأنه امتلك مع زوجته آنا سيغرولوغ بالسدوتير شركة «أوفشور» في الجزر العذراء البريطانية، ووضعا ملايين الدولارات فيها. وأعلن مكتب المحاماة «موساك فونسيكا» في بنما الذي سُرّبت منه 11.5 مليون وثيقة، أنه تعرض لعملية قرصنة معلوماتية من الخارج، وقرر تقديم شكوى إلى النيابة العامة في هذا الشأن»، مندداًّ بتركيز المعلومات التي كشفت من 11.5 مليون وثيقة سحبت من النظام المعلوماتي للمكتب على الزبائن الأكثر شهرة مع الاستخفاف بالحياة الخاصة. وقال: «لا نفهم هذا الأمر، أصبح العالم يتقبل أن الحياة الخاصة ليست حقاً للفرد». في واشنطن، صرح الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن «التسريبات تظهر أن التهرب الضريبي مشــــكلة عالمية». وزاد: «الأفراد والشــركات الأثرياء يستغلون أنظمتهم من خلال استــــخدام ملاذات ضريبية التي لا يمكن لدافع الضرائب العادي استـــخدامها، والشركات الأميركية التي تندمج مع شركات أجنبية لمجرد خفض الضرائب لا تدفع حصتها المفروضة من الضرائب في مقابل الاستفادة من الاقتصاد الأميركي. وأعقب ذلك إعلان جوش إرنست، الناطق باسم البيت الأبيض، أن واشنطن لا ترى أي مخاوف على الاقتصاد العالمي من «أوراق بنما». ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى تعزيز التعاون الدولي في مكافحة التهرب الضريبي «سواء في مجموعة الدول العشرين أو في إطار منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية». وأعلنت الحكومة الفرنسية أنها ستُدرج بنما مجدداً على لائحة الملاذات الضريبية «لأنها متقلبة في تعاطيها مع المسألة، وهذا الأمر لا يمكن أن يستمر»، فرّدت الدولة في أميركا الوسطى بسرعة بأنها تفكّر في ردود اقتصادية ضد فرنسا. ورفضت بنما أيضاً اتهامات الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بأنها «ملاذ أخير» لشركات «الأوفشور»، وندّدت باتهامات «ظالمة وتنطوي على تمييز». وفي ظل تعرضه لضغوط إثر كشف وثائق أن والده المتوفى أدار صندوق «أوفشور» جنبه دفع ضرائب في بريطانيا خلال 30 سنة من خلال اتخاذ جزر بهاماس مقراً له، ومطالبة حزب العمال المعارض إياه بإجراء تحقيق مع جميع المتورطين في التسريبات، صرح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون بأن ثروته تتألف من راتبه وبعض المدخرات ومنزل، مشدداً على أنه لا يملك أي أسهم أو صناديق أوفشور أو أي شيء مماثل». في أوكرانيا، نفى الرئيس بيترو بوروشينكو وضعه، استناداً إلى «اوراق بنما» أصولاً في صندوق خارج البلاد للتهرب من الضرائب، وقال في طوكيو: «أسست الصندوق خارج البلاد للفصل بين أعمالي ومصالحي السياسية بعدما أصبحت رئيساً، واتخذت الترتيبات بمنتهى الشفافية». كذلك نفى لين يوان لونغ، محامي شقيق الرئيسة التايوانية المنتخبة تساي إينغ وين ارتكاب موكله أي مخالفة قانونية، على رغم أن اسمه ورد في وثائق بنما باعتباره أسس شركة أوفشور باسم «كوبي» عام 2008. وقال: «خسر تساي 30 في المئة من استثماراته في العام الأول فألغى عقوداً، لكنه لم يتورط في غسل أموال أو إخفاء ثروات أسرة تساي في الخارج أو التهرب الضريبي.» في باكستان، أعلن رئيس الوزراء نواز شريف تشكيل «لجنة قضائية لكشف الحقيقة وحجم المزاعم». إلى ذلك، طالبت بوليفيا الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي تقاسم الوثائق المسربة من مصدر مجهول مع أكثر من 100 وسيلة إعلامية، معلومات عن شركات أو شخصيات بوليفية وردت أسماؤها في فضيحة التهرب الضريبي. وأكدت صحيفة «سودويتشه تسايتونغ» الألمانية التي حصلت على غالبية الوثائق المسربة أن بين زبائن مكتب المحاماة تجار مخدرات كباراً من المكسيك وغواتيمالا وأوروبا الشرقية، و22 شخصاً و24 شركة تخضع لعقوبات أوروبية وأميركية. وقالت الصحيفة إنه على لائحة زبائن المكتب «مهربو مخدرات من المكسيك وغواتيمالا وأوروبا الشرقية». وأفادت الصحيفة بأن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جياني أنفانتينو وقّع عقوداً مع شركة «أوفشور» لمنح حقوق البث المتلفز بأسعار أدنى من أسعار السوق خلال عمله في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وأوردت الوثائق أيضاً اسم «مسؤول مالي يعتقد بأنه من «حزب الله»، وأشخاصاً يدعمون البرامج النووية الإيرانية والكورية الشمالية وشخصين يشتبه بأنهما يدعمان رئيس زيمبابوي روبرت موغابي». وفي معلومات جديدة عن الفضائح، أفادت صحيفة «لوموند» الفرنسية بأن بنك «اتش.اس.بي.سي»البريطاني العملاق انشأ 2300 شركة «اوفشور» عبر مكتب «موساك فونسيكا»، بينما اسس بنك «كريديه سويس» 1105 شركة وبنك «يو.بي.اس» السويسري 1100 شركة، وبنك «سوسييته جنرال» 979 شركة.
مشاركة :