من تحلية الأطعمة والمشروبات، إلى موازنة النكهات، يلعب السكر دوراً حاسماً في خلق تجارب التذوق اللذيذة للمستهلكين، وهو ما تترجمه أرقام القطاع بشكل لافت، حيث نما حجم سوق السكر العالمي إلى رقم قياسي بلغ نحو 66.3 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إيرادات الصناعة إلى 70.2 مليار دولار في عام 2024، بمعدل سنوي مركب قدره 6.5 ٪ حتى نهاية العقد، ليصبح القطاع مرشحاً لتحقيق إيرادات بقيمة 102.3 مليار دولار في عام 2030، مدعوماً بزيادة عدد سكان العالم (8 مليارات نسمة) الذين يستهلكون بكثرة المواد الغذائية والعصائر والمشروبات الغازية المحلاة، بينما تلعب تفضيلات المستهلكين تجاه السلع المحلاة دوراً بارزاً في دفع نمو السوق. تعتمد صناعة المواد الغذائية بشكل كبير على السكر في منتجات مختلفة مثل الحلويات والمخبوزات والأطعمة المصنعة، مما يزيد من الطلب العالمي، بينما يؤدي نمو الأسواق الناشئة إلى ارتفاع الدخل المتاح للمستهلكين، مما يزيد من استهلاك المنتجات المحلاة بالسكر، بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام المنتج في إنتاج الوقود الحيوي، والسياسات الحكومية، والإعانات، واتجاهات الصحة والعافية التي تدعو إلى تقليل استهلاك السكر، تعتبر عوامل مساهمة في تشكيل نمو السوق بشكل عام. من جهة أخرى، تساعد التحولات في العادات الغذائية، في ارتفاع معدلات استهلاك السكر، ومع زيادة الدخل وتسارع وتيرة أنماط الحياة، يلجأ المستهلكون إلى الأطعمة المصنعة والوجبات الخفيفة السكرية والمشروبات من أجل متعة التذوق، ولا شك أن هذا الميل نحو الأطعمة المحملة بالسكريات يزيد الطلب، فيما يعد التوسع المستمر في صناعة الحلويات والمخابز والمشروبات المحلاة، بمثابة حافز رئيسي للسوق، حيث يظل السكر عنصراً أساسياً في عدد لا يحصى من المنتجات الغذائية والمشروبات، بدءاً من المشروبات الغازية إلى المعجنات، ويترجم نمو الصناعة إلى زيادة الطلب لتلبية احتياجات الإنتاج، كما أن استخدام محاصيل السكر، مثل قصب السكر وبنجر السكر، لإنتاج الوقود الحيوي يخلق ضغطًاً إضافياً على الطلب في السوق العالمية. تحتوي الأطعمة المصنعة على سكريات مضافة لأغراض مثل تحسين نكهة ومذاق المنتجات الغذائية، مما يجعلها أكثر قبولًا وجاذبية للمستهلكين، وعلاوة على ذلك، يعمل السكر كمادة حافظة في العديد من الأطعمة المصنعة، مما يساعد على إطالة مدة صلاحيتها عن طريق تثبيط نمو الميكروبات ومنع التلف، وهذا مهم بشكل خاص للأغذية المعبأة والمجهزة مسبقاً، والتي تحتاج إلى الحفاظ على جودتها على مدى فترات طويلة، وخاصة في أماكن التوزيع والبيع بالتجزئة، ومع وجود خيارات متنوعة تلبي كافة الأذواق، من المرجح أن ينغمس المستهلكون العالميون في شراء الحلويات والمشروبات، مما يؤدي إلى توسيع قاعدة العملاء وزيادة معدلات الاستهلاك الإجمالية، ونتيجة لذلك، فإن نمو السوق يبقى مدفوعاً باستمرار التواجد في مناطق جغرافية أوسع حول العالم، وزيادة شعبية المنتجات السكرية. تختلف درجة الابتكار في السوق بناءً على عدة عوامل، مثل تفضيلات المستهلكين، والبيئة التنظيمية، والتقدم التكنولوجي، وخلال العقود الماضية، كانت سوق السكر محافظاً نسبياً، مع تركيز محدود على الابتكار، في المقام الأول على عمليات التكرير وتحسين كفاءة الإنتاج، ومع ذلك، فقد شهدت السنوات الأخيرة، تركيزاً متزايداً على الابتكار بسبب تغير تفضيلات المستهلكين، والمخاوف الصحية المتعلقة باستهلاك السكر، وقد ظهر الابتكار في تقنيات تقليل السكر بهدف تقليل محتوى السكر في المنتجات الغذائية والمشروبات مع الحفاظ على الطعم، ويتضمن ذلك تقنيات مثل الكبسلة الدقيقة، والتي تسمح بإطلاق الحلاوة بشكل متحكم فيه، وتعديل النكهة، مما يعزز إدراك المستهلكين لحلاوة الطعم دون زيادة محتوى السكر. تشهد صناعة السكر العديد من أنشطة الاندماج والاستحواذ لتوسيع تواجدها في السوق، وتعزيز عروض المنتجات، وتحقيق النمو الاستراتيجي، بينما تلعب اللوائح التنظيمية دوراً مهماً في صناعة السكر، حفاظاً على سلامة المنتج ومعايير الجودة والمنافسة في السوق، وتشمل هذه المعايير جوانب مختلفة في عمليات الإنتاج، وممارسات النظافة، ومتطلبات وضع العلامات التجارية، والمواد المضافة المسموح بها، ومن خلال هذه المبادئ التوجيهية والمواصفات القياسية، تحمي الهيئات التنظيمية صحة المستهلكين وتعزز الشفافية داخل الصناعة. بناءً على نوع المنتج، هيمن السكر الأبيض بنسبة 67.7 % على أكبر إيرادات القطاع في 2023، وذلك بفضل التنوع الذي يجعله خياراً مفضلاً في مختلف الصناعات، بما في ذلك الخبز والحلويات والمشروبات وتجهيز الأغذية، كما أن نكهته المحايدة وسهولة ذوبانه تجعله مناسباً لمجموعة واسعة من أشكال الطهي، مما يجذب المستهلكين والمصنعين للسكر الأبيض، وعلاوة على ذلك، يتمتع السكر الأبيض بمفهوم النقاء، حيث أن مظهره النقي وغياب الشوائب مقارنة بالسكر البني أو السائل يتردد صداه لدى المستهلكين الراغبين في منتج نظيف، بالإضافة لذلك، فإن مدة صلاحيته الممتدة تعزز الراحة لدى تجار التجزئة والمستهلكين، مما يقلل من مخاطر التلف واستبعاد إلقاؤه في النفايات. في المقابل، يتوقع نمو السكر البني بمعدل سنوي مركب 6.9 % من عام 2024 وحتى عام 2030، حيث إن تجعل فوائده الصحية المتصورة، بديلاً مناسباً للسكر الأبيض في عيون المستهلكين المهتمين بالصحة، فضلاً عن أن نكهة السكر البني المميزة التي تشبه الكراميل والملمس الرطب، والتي تجعله خياراً شائعاً لتعزيز مذاق إبداعات الطهي المختلفة، بدءاً من السلع المخبوزة وحتى الأطباق المالحة، ومع الطفرة في اتجاهات الخبز والطهي المنزلي، يتجه المستهلكون بشكل متزايد إلى السكر البني بسبب تنوعه ونكهته الفريدة. استحوذ قصب السكر على السوق بأكبر حصة إيرادات بلغت 77.9 ٪ في عام 2023، حيث يتميز قصب السكر بمحتوى سكر أعلى مقارنة ببنجر السكر، مما يجعله مصدرًا أكثر كفاءة اقتصادية في الإنتاج، وتترجم هذه الميزة المتأصلة إلى عوائد أعلى وتكاليف إنتاج أقل، مما يساهم في نهاية المطاف في هيمنة قصب السكر على السوق، وبالإضافة إلى ذلك، فإن زراعة قصب السكر تعد الأكثر انتشاراً حول العالم، حيث توفر المناطق الاستوائية الظروف المثالية لنموه، وتستفيد زراعته في هذه المناطق من أشعة الشمس الوفيرة، وهطول الأمطار الغزيرة، والتربة الخصبة، مما يزيد إنتاجيته وتوافره، كما أن تنوع قصب السكر يمتد إلى ما هو أبعد من إنتاج السكر، حيث تظهر بصماته الثانوية في إنتاج الوقود الحيوي، والأعلاف الحيوانية، والصناعات المختلفة. يتوقع أن يسجل بنجر السكر أسرع معدل نمو سنوي مركب بنسبة 5.3 % من عام 2024 إلى عام 2030، وتوفر زراعة بنجر السكر مزايا في المناطق المعتدلة ذات الظروف المناخية والتربة المناسبة، مما يؤدي إلى توسيع نطاقها الجغرافي وإمكاناتها لزيادة الإنتاج، ولدى بنجر السكر قدرة على التكيف مع المناخات الباردة، مما يجعله بديلاً مناسباً لقصب السكر في المناطق التي قد تكون فيها زراعة القصب أقل جدوى، وقد أدى التقدم في الممارسات الزراعية وتقنيات التربة إلى تحسين إنتاجية بنجر السكر، مما عزز جاذبيته للمزارعين والمصنعين. أما بناءً على الاستخدام النهائي، فقد قاد قطاع الأغذية والمشروبات السوق بأكبر حصة إيرادات بلغت 45.6 % في عام 2023، ويعمل السكر كمكون أساسي في مجموعة واسعة من منتجات الأغذية والمشروبات، حيث يتيح تعدد استخداماته التكامل السلس في إبداعات الطهي المتنوعة، مما يجعله لا غنى عنه للمصنعين في قطاعي الأغذية والمشروبات، وعلاوة على ذلك، فإن تفضيلات المستهلكين للمنتجات المحلاة تدفع نمو الطلب على السكر، حيث تحظى الحلويات والوجبات الخفيفة والمشروبات بشعبية كبيرة بين المستهلكين في جميع أنحاء العالم، مما يعكس الرغبة العالمية في تناول الأطعمة الممتعة، ونتيجة لذلك، يعتمد مصنعو الأغذية والمشروبات بشكل كبير على السكر لتلبية توقعات المستهلكين فيما يتعلق بالذوق والملمس والتجارب الحسية. من جهة أخرى، هناك اعتراف متزايد بفوائد السكر بالنسبة للأدوية والعناية الشخصية، حيث يعمل السكر كعنصر متعدد الاستخدامات في التركيبات الصيدلانية، ويتم استخدامه كمسوغ لطعم الدواء سواء في شكل أقراص أو كبسولات أو شراب، كما تساهم خصائصه الاسترطابية في استقرار بعض الأدوية ومدة صلاحيتها، أما عن استخدام السكر في منتجات العناية الشخصية، فإنه يتم دمجه بشكل متزايد في منتجات العناية بالبشرة والتجميل لخصائصه المقشرة والمرطبة، وتستخدم مقشرات السكر لإزالة خلايا الجلد الميتة بلطف وترطيب البشرة والحفاظ على توازن الرطوبة، وعلاوة على ذلك، تستخدم المكونات المشتقة من السكر مثل حمض الجليكوليك في مكافحة الشيخوخة والعناية بالبشرة لخصائصها في التقشير وتجديد البشرة. بناءً على الشكل، قاد قطاع السكر المحبب السوق بأكبر حصة من الإيرادات وذلك بنسبة 79.2 % في عام 2023، حيث يوفر الشكل المحبب تنوعاً فريداً، إذ يمتزج بسهولة في مخاليط مختلفة ويذوب بشكل موحد، مما يجعله مكوناً أساسياً في المطابخ المنزلية وإنتاج الأغذية الصناعية، بالإضافة إلى ذلك، فإن العمر الافتراضي الطويل للسكر المحبب يضمن سهولة تخزينه، وهي عوامل تحظى بتقدير كبير من قبل المستهلكين والمصنعين على حد سواء، ومن المتوقع أن يسجل شراب السكر أسرع معدل نمو سنوي مركب بنسبة 5.6 % حتى نهاية العقد الحالي، وتكمن مميزات شراب السكر في كونه عامل تحلية، ومحسن للنكهة، مما يجعله لا غنى عنه في صياغة مجموعة متنوعة من الأطعمة والمشروبات، وقد أدى الطلب المتزايد على الأطعمة والمشروبات الجاهزة إلى نمو اعتماد شراب السكر كعنصر رئيسي في تركيبات المنتجات، وبينما يبحث المستهلكون عن خيارات غذائية ممتعة، يظهر شراب السكر كمكون أساسي ومتعدد الاستخدامات. من المرجح أن ينمو سوق السكر في أمريكا الشمالية بأسرع معدل نمو سنوي مركب يبلغ 6.5 % من عام 2024 وحتى عام 2030، وذلك بسبب استخدامه على نطاق واسع كعامل تحلية أساسي في مختلف منتجات الأغذية والمشروبات مثل المخبوزات والحلويات والعصائر والمشروبات والصلصات، وقد حصدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ أعلى إيرادات القطاع وذلك بحوالي 42.1 % في عام 2023، حيث تعد المنطقة الآسيوية موطناً لبعض أكبر الدول المنتجة للسكر في العالم، مثل الهند والصين وتايلاند وإندونيسيا، وتستفيد هذه الدول من الظروف المناخية المواتية وخصوبة الأراضي الملائمة لزراعة قصب السكر، الذي يشكل العمود الفقري لصناعة السكر، بالإضافة إلى مليارات المستهلكين الذين يغذون الطلب المحلي، وارتفاع الدخل، وعلى سبيل المثال، من المتوقع أن نمو سوق السكر في الصين بمعدل سنوي مركب 7.2 ٪ حتى عام 2030، بفضل طلبيات 1.4 مليار نسمة، والثراء المتزايد للسكان، وكفاءة القدرة الشرائية للمستهلكين. وفي أوروبا، من المتوقع نمو سوق السكر بمعدل سنوي مركب 6.1 % من عام 2024 وحتى عام 2030، وذلك بفضل تطور تفضيلات المستهلكين، والابتكار في المنتجات القائمة على السكر، والبيئات التنظيمية المواتية، وتقدم تقنيات المعالجة، وعلى الرغم من المخاوف بشأن الصحة والاستدامة، يظل السكر عنصراً أساسياً في الأنظمة الغذائية الأوروبية وتقاليد الطهي، بالإضافة إلى ذلك، تساهم السياسات الحكومية الداعمة لإنتاج السكر المحلي والزراعة المستدامة في استقرار السوق، أما في السعودية، فإنه من المتوقع نمو سوق السكر بمعدل سنوي مركب قدره 4 ٪، ليصل إلى 464.8 مليون دولار بحلول 2030، ارتفاعاً من 352.7 مليون دولار في عام 2023، وتحتل المملكة المركز الثالث في استيراد واستهلاك السكر في العالم العربي، إذ تستورد نحو 1.6 مليون طن سنوياً، ويشهد القطاع ازدهاراً في المملكة بسبب التوسع الحضري، وزيادة عدد السكان، ونمو الطبقة المتوسطة، وتحسن القوة الشرائية بفعل زيادة الدخل المتاح. تعد البرازيل والهند وتايلاند والصين والولايات المتحدة أكبر خمسة منتجين للسكر في العالم، حيث تنتج البرازيل حوالي 40 مليون طن سنوياً، أما الهند فتنتج حوالي 36 مليون طن سنوياً، فيما تنتج تايلاند 11 مليون طن سنوياً، بينما تنتج الصين 10 ملايين طن سنوياً، وبالرغم من كون الصين واحدة من أكبر منتجي السكر في العالم، إلا أنها مستورد صافي للسكر، ولهذا، ترتفع واردات السكر في الصين لسد الفجوة بين العرض والطلب، فيما تعد الولايات المتحدة خامس أكبر منتج للسكر في العالم، حيث تنتج 8.4 ملايين طن سنوياً، وفي جانب الاستهلاك، تعتبر الهند أكبر مستهلك للسكر في موسم 2023 / 2024 بواقع 31 مليون طن، تليها الصين (15.6 مليوناً) ثم الولايات المتحدة (11.5 مليوناً). تقرير - د. خالد رمضان
مشاركة :