القاهرة: الخليج طيور الفرانكفون المصرية تطل على العالم العربي من القاهرة، ربما تصلح هذه الجملة لوصف ما يقوم به المركز الفرنسي في القاهرة من نشاط في الفترة الأخيرة؛ فبعد استضافة الروائي والصحافي روبير سوليه، يستضيف الروائي والمؤرخ غيلبرت سينويه، وهما مصريان يقيمان في فرنسا وحاصلان على جنسيتها، وكل اللقاءات سواء التي تدار داخل مسرح المركز الفرنسي أو خارجه تتناول قضايا العالم عامة، وقضايا العرب على وجه الخصوص. ولد سينويه في ١٩٤٧، وعاش على ضفاف النيل، على مركب والده الذي اشتراه من الملك فاروق، انتقل إلى لبنان، ثم درس الموسيقى في فرنسا واستقر فيها منذ ١٩٦٨، وبعد تأليف عدد من الأغنيات تفرغ للكتابة؛ لينجز مجموعة من الروايات والكتب التي حازت اهتماماً غربياً لافتاً، وكان للبنان يد السبق في إتاحتها بالعربية، منها ابن سينا أو الطريق إلى أصفهان عام ١٩٨٩، وآخرها رواية أحياء القمر الخمسة التي أقيم بعد الندوة حفل توقيع لها. أدارت اللقاء أمل الصبان المستشار الثقافي المصري السابق في فرنسا، وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة، وهذا ما أتاح له أن يسير في مرونة نتجت عن معرفتها الشخصية بالضيف، وعن تقديره لها فبحسب قوله في نهاية الحوار: لقد أدت دورها في فرنسا بشكل نموذجي. بدأ الحوار من جهة الصبان باسترجاع كلمة من سينويه ذكر فيها أن على المرء أن يحلم ويعيش في تحقيق حلمه، وسألته عن أحلامه وما حققه، ورد سينويه أنه كان متردداً بين الطب والآثار والكتابة، وتوفي والده وعمره ١٣ عاماً، وعرف لحظتها أن كل إنسان سينزل في محطة لا يعرف موعدها، ومن هنا قرر أن يسعى لتحقيق حلمه الذي صار واجباً: فالموهبة تكمن في المحاولة، لا بد أن نحاول وفي ذلك إنجاز جزء من الحياة. ما إن بدأ الحديث عن الأدب حتى اقتسمه التاريخ والسياسة، وسرعان ما استحوذت السياسة عليه؛ فروايات سينويه هي نافذة على التاريخ.. تاريخ مصر الملكية والثورية، تاريخ الأرمن وهتلر والفرنسيين منذ القرن الثامن عشر وعلاقتهم بمصر، وبحسب سينويه؛ فإنه بدأ كتابة الرواية في سن الأربعين المعقد، لأن الإنسان يشعر بأنه في مرحلة الهبوط وليس لديه ترف تضييع أي شيء. ويرى سينويه أن التاريخ هو البجعة السوداء التي لا يعنيها إنكارنا، ولا يضرها في أي شيء، فهو المتحكم بشكل كبير فيما يجري لنا، ومازال عبد الناصر حيا في أحاديث الناس رغم مرور أكثر من خمسة وثلاثين عاما على رحيله. الماضي يحكم الشرق الأوسط وصراعاته؛ لنعد إلى سايكس بيكو ألم تؤثر في مستقبل العرب الذين كانوا يعيشون وقتها، وما زالت تؤثر حتى الآن؟ ما زال الغرب يغرر بالشرق باسم الديمقراطية؛ فقد أوهموهم بها للثورة على الأتراك، وما زالوا يفعلون ذلك، وعلى الشرق أن ينتج ديمقراطيته لا أن يستجلبها أو ينتظرها، مع ذلك فأنا لا أكتب كتاباً سياسياً لأنني أكتب للبشر الذين يدفعون الثمن؛ لذلك أكتب الرواية التاريخية.
مشاركة :