يستحضر شهر رمضان المبارك معه هذا العام، كما في كل عام، بعضاً من عادات المجتمع الإماراتي وتقاليده وطقوسه المتوارثة عن الأجداد، مستدعياً من الذاكرة معارف وقصصاً تناقلتها الأجيال على مر السنين، هي جزء من إرث البلاد الثقافي الذي حرصت دولة الإمارات على صونه بإدراج عناصره على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو، ومثال ذلك، نظام «الأفلاج» الذي تم إدراجه في 2020 كأحد العناصر الرئيسة لهذا التراث. نظام الأفلاج يعد هذا الإرث في بناء وإدارة المياه أحد أقدم أنظمة شبكات الري المعروفة حتى اليوم، وعلى مدى آلاف السنين، ساهم نظام الأفلاج في إمداد المجتمع الإماراتي بمقومات الحياة الكريمة وسبل الاستقرار؛ عبر رفده السكان بالمياه للزراعة وغيرها من منافع المياه العذبة. نشأت بقرب جريان مياهه المدن والقرى والواحات الزراعية التي لا تزال قائمة حتى يومنا، وقد تركت الأفلاج تأثيراً مهماً في الحياة الاجتماعية تاركةً رصيداً إنسانياً وإرثاً تاريخياً ارتبط بجملة من التقاليد والمعارف والمهارات المتعلقة بتشييدها وصيانتها لضمان التوزيع العادل للمياه. ابتكار مذهل جسدت أنظمة الأفلاج ابتكاراً مذهلاً في مناطق ندرة المياه لتوفر المياه من المصادر الجوفية، فاستخدمت مياه قنواتها السطحية الجارية للاستهلاك الآدمي في المنازل وللري في المناطق الزراعية. من مياهها العذبة ارتوى أفراد المجتمع، وعلى خرير مياهها تسامروا في لياليهم. وروت قنواتها واحات شاسعة من بساتينهم لتشكل مورداً اقتصادياً مهماً، وقد امتدت مساهمتها في توفير بعض المهن والحرف كمهنة الحفر والصيانة وإقامة الرّحى عند سواقي الفلج لطحن الحبوب. قصة إنجاز تروي كثرة أنظمة الأفلاج المنتشرة في الإمارات اليوم قصة إنجاز في الهندسة والعمارة تتحدى عوامل الزمن ولا يزال استخدامها سارياً ليومنا هذا، توارثها الأبناء عن الأجداد وحافظوا عليها كإنجاز وموروث حضاري قديم. هي عبارة عن قنوات تحفر في الأرض، ويتراوح عمقها من 90 إلى 95 قدماً من سطح الأرض، وفيها العديد من الثقوب الرأسية التي تتصل في العمق من خلال ثقوب أفقية، ويختلف طولها بدرجة انحدار الأرض فكلما زادت حدة الانحدار زاد طول الفلج. تاريخ قديم أشارت أعمال التنقيب إلى أن الإمارات كانت سباقة في ابتكار تقنية الأفلاج وتحقيق الاستقرار البشري، وكان أقدم فلج في الإمارات قد عثر عليه في منطقة الهيلي، ويعود إلى العصر الحديدي أي حوالي 1200 ق. م.، ناهيك عن استمرار النظام حتى الفترة الحالية. هذا وتضم مدينة العين المعروفة قديماً بـ«مدينة الأفلاج»، أكبر عدد من الأفلاج في الإمارات، ولا تزال آثار بعضها واضحةً على سطح الأرض كما تشتهر حتا بأفلاجها التاريخية التي تسمى بـ«الداوودية» والتي جعلتها ملاذاً لعشاق الطبيعة لخضرتها التي هي ثمرة أفلاجها من المياه العذبة. Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :