الإسراف والبخل، تهمتان يتبادلهما الأزواج، وتعدان سبباً رئيسياً في كثير من المشاكل بينهما، فبينما يتهم الزوج زوجته بالإسراف والتبذير، تراه الزوجة بخيلاً ولا يعطي الأموال بقدر الحاجة. ونستعرض فيما يأتي إحدى المشاكل التي وردت إلى إدارة مراكز التنمية الأسرية التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، كما يراها الزوج والزوجة على حدة، لنتعرف إلى وجهة النظر الأخرى، والتي ربما تكون غائبة عن أعين وإدراك البعض.. لم تتوقع يوماً أن ترتبط بزوج بخيل يرفض كل ما تطلب، بعد أن عاشت مدللة في بيت والديها وكل طلباتها مجابة. تقول: يتهمني بالإسراف، ويفتح خزانتي ويشير بغضب إلى الأثواب الموجودة، كلما طلبت منه واحداً جديداً، بل ويغضب أكثر إن أنفقت راتبي على شراء ما أحتاج إليه. ترى أن من الصعب عليه أن يقدر أو يدرك كم ستكون محرجة حين تحضر مناسبة ما بثوب سبق أن ارتدته، فهو لا يدرك أن الأمر لا يقتصر على الثوب فقط، وأن هناك مساحيق التجميل والعطور والكريمات والإكسسوارات والمجوهرات والحقائب والأحذية، وغيرها. تضيف: هو رجل، لا يدرك كم هو مكلف أن تظهر المرأة بمظهر أنيق، ولا يدرك أنني أعيش وسط مجتمع، ولا يمكن أن أكون أقل شأناً من غيري، فحضوري أي مناسبة دون أن أستعد لها بشكل جيد سيعرضني للأقاويل والسخرية، وعندها ربما أُتهم بالبخل، ولن أجرؤ بالطبع على الاعتراف لهن، أن البخل ليس مني بل هي صفة زوجي العزيز. وعلى الرغم من ذلك، فهي لا تنكر أنه لا يقصر معهم في شيء، فهم يسكنون في بيت أهله، وهو من أرقى البيوت وأجملها، وأبناؤهما في أفضل المدارس، وزوجها لا اهتمامات تذكر له خارج نطاق الأسرة، فهو لا يجلس في المقاهي ولا يزور المطاعم ولا صالات السينما، ولا يسافر وحده، بل يسافرون جماعة كعائلة، ولا يقصّر مع أهلها، ولا مع أهله بالطبع. تقول: عدم تقصيره هذا مع الجميع حتى الجيران والأصدقاء، كان السبب الرئيسي في أننا لا نوفر المال الكافي لإكمال بناء بيتنا، وما زلنا نسكن مع أسرته، بسبب إسرافه، بل هو يشعرني بالإحباط أكثر. نعم، يشعرني أني لا أعنيه في شيء، وأكاد أكون غير مرئية بالنسبة له، ويشعرني أنه يفضل الدنيا كلها عليّ، ويهتم بالجميع ويهملني. وتتساءل الزوجة عن كيفية أن تجعله يفهم أن لا ذنب لها في كونها تعيش في وسط تهمه المظاهر، وتتباهى السيدات فيه بما يرتدينه من ملابس ومجوهرات، والأهم من ذلك تتساءل كيف تجعله يدرك أنها ليست مسرفة، وتضيف: إذا كنت كذلك، ما خرجت للعمل لمد يد العون له لمواجهة مصاريف الحياة. في المقابل، يرى الزوج أن زوجته مسرفة، إذ يقول: تكاد خزانة ملابسها أن تنفجر، حتى إن كثيراً من قطع الملابس تزحف نحو خزانتي، وعطوري المسكينة ضاعت وسط زحام عطورها ومساحيق تجميلها. اتفقنا منذ بداية الحياة الزوجية على التعاون يداً بيد كي نبني معاً بيت العمر، ولكننا حتى اليوم ما زلنا نسكن ملحقاً في بيت أسرتي، رغم أن لدينا 3 أطفال، وما زال بيتنا المستقبلي قيد الإنشاء، لأنها ببساطة تنفق راتبها كاملاً في الأسبوع الأول من الشهر على ملابسها وإكسسواراتها وعطورها، ثم تبدأ في الشكوى لأنها لا تملك ثمن البترول لسيارتها، أو لأنها مدعوة لعرس ما أو حفلة خطبة ولا تملك ثمن فستان جديد، وإن قلت لها ماذا عن الأثواب المكدسة في خزانتك، ثارت وغضبت واتهمتني بالبخل. ويضيف: لست بخيلاً ولكني واقعي، فما جدوى الأشياء المكدسة منذ سنين؟ وما السر وراء إصرار زوجتي على تحويل الأموال إلى أثواب وعطور؟ لا أدري. هي مريضة بالإسراف، ولكن أحياناً تصاب بداء البخل حين لا يتعلق الأمر بتسوقها، فكلما أردت شراء شيء لأسرتي أو لجار أو صديق تغضب وتثور وتؤكد لي أنني سبب فشلنا في التوفير، رغم أنها مناسبات اجتماعية لا غنى عنها، بل ووصل الأمر ذات مرة أنها غضبت لأني اشتريت هدية لشقيقها بمناسبة تخرجه في الجامعة، وقالت لي بالحرف الواحد: أنا للمرة الأولى في حياتي أرى رجلاً يحب أهل زوجته أكثر مما يحب زوجته. ويبدي الزوج حيرته الكبيرة، بين من يربط المادة بالحب، قائلاً: هي في نظري أفضل امرأة في الدنيا؛ هادئة، ورقيقة، ومثقفة، تهتم بكل شؤون البيت والأولاد رغم أنها موظفة، ولكنها تتحول لامرأة أخرى حين تذهب للسوق. هل هو مرض نفسي معين يدفعها لهذا الإدمان، أم هي ضحية مجتمع استهلاكي؟ لا أدري، ولكن أتمنى أن تأخذ استراحة ولو ليوم واحد من الشراء؛ فهي وإن لم تذهب للسوق، تسوقت إلكترونياً لتصلها البضاعة حتى باب بيتنا. ويختتم حديثه قائلاً: كم أتمنى أن تدرك أن حرصي على الابتعاد عن الإسراف ليس بخلاً، وأني لو كنت بخيلاً كما تتهمني لكنا نسكن في بيتنا اليوم.
مشاركة :