أظهر صناع الدراما خلال الموسم الرمضاني الحالي مواكبة للتطورات التقنية العالمية، حيث استخدمت العديد من الأعمال التكنولوجيا الحديثة التي عززت من جودة الإخراج والصورة، ودعمت مضمون المسلسلات وخاصة التاريخية منها، وهو ما من شأنه أن يفتح للدراما المصرية أسواقا جديدة. القاهرة - بدت التطورات الفنية وجودة الصورة والتنفيذ ظاهرة في الكثير من أعمال الدراما المصرية في موسم رمضان، وهو انعكاس لتخصيص ميزانيات ضخمة لإنتاج عدد من المسلسلات، أبرزها “الحشاشين” الذي قيل إن ميزانيته وصلت إلى 5 ملايين دولار، تزامنا مع تنوع القضايا المطروحة، وتحسن جودة الكتابة التي كانت من أبرز الانتقادات الموجهة للدراما المصرية مؤخرا، فضلا عن تقديم أعمال كوميدية ناجحة. تشير تقديرات غير رسمية إلى أن الدراما المصرية هذا العام ووصل عددها إلى 36 عملا تجاوزت ميزانيتها 60 مليون دولار، في وقت عادت فيه بعض شركات الإنتاج الخاصة لتقديم أعمالها بعد أن غابت السنوات الماضية. ماجدة موريس: التطورات التقنية تعزز جودة المسلسلات المصرية ماجدة موريس: التطورات التقنية تعزز جودة المسلسلات المصرية وبدت هناك قناعة مصرية بأن تقديم أعمال قصيرة وناجحة أكثر فاعلية من إنتاج مسلسلات طويلة تواجه انتقادات عديدة بسبب الاستغراق في مد أحداثها، وبلغ عدد الأعمال القصيرة هذا العام ذات الـ15 حلقة 19 مسلسلا. برزت التطورات الفنية في زيادة استخدام برامج الذكاء الاصطناعي في عدد من الأعمال ذات الميزانيات الضخمة، بينها مسلسل “العتاولة” بطولة أحمد السقا وطارق لطفي، ومسلسل “المعلم” بطولة مصطفى متولي، و”نعمة الأفوكاتو” بطولة مي عمر، كما أن عددا من الأعمال المقرر عرضها في النصف الثاني استخدمت تقنيات حديثة في التصوير، مثل مسلسل “جودر” الذي يعيد تقديم قصة ألف ليلة وليلة، بطولة ياسر جلال، و”فراولة” بطولة نيللي كريم. ولم يكن مألوفا إنفاق ميزانيات كبيرة على الأعمال التي تنتمي إلى فئة الأعمال القصيرة، ولم يكن معتادا في الدراما المصرية التي اعتمدت على تقديم كم هائل من الأعمال خوفا من الفشل في تسويقها، ولوحظ تواجد عدد من نجوم الصف الأول في أعمال قصيرة ما يعني حدوث تغير ملموس قد يتنامى خلال السنوات المقبلة. قالت الناقدة الفنية ماجدة موريس إن التطور التقني للأعمال المعروضة في رمضان يتماشى مع التطورات المماثلة في جميع أنواع الإنتاج الدرامي حول العالم، وصناع الدراما المصرية يسعون لملاحقتها ما يضمن البقاء في دائرة المنافسة العربية التي بدأت تأخذ أبعادا صعبة، كما أن العودة لتقديم مسلسلات مستوحاة من التاريخ مثل مسلسل “الحشاشين” بميزانية ضخمة ودقة في التنفيذ والتصوير والتقدم على مستوى الكتابة من أبرز نجاحات الدراما المصرية هذا العام. وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن الكثير من الأعمال التاريخية والدينية في السابق كان ينقصها التطور التقني الذي عالجه القائمون على “الحشاشين”، وأن الإمكانيات في الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي لم تساعد كبار المخرجين على تقديم أعمال متطورة، وبدا كأن هناك قصورا في الحركة، مثل أساليب تقديم الجيوش وحركتهم والتعامل مع الارتفاعات الضخمة والمنخفضات والبحار، كما أن المسلسلات الاجتماعية يمتلك صناعها قدرة فائقة على تقديم تفاصيل الأماكن التي يتم التصوير بها. محمد علوش: تطور الدراما المصرية يظهر من جودة مسلسل {الحشاشين} محمد علوش: تطور الدراما المصرية يظهر من جودة مسلسل {الحشاشين} وأشارت موريس إلى أن مصر تملك خبرات فنية تظهر في اختيارات من يقومون بعملية المونتاج وتدخلاتهم التي تخدم الأعمال ما يصنع الاختلاف، وأن مسلسل مثل “مسار إجباري” تظهر فيه براعة مخرجته نادين خان التي تلعب الإضاءة دورا مهما كي تساعد المشاهد على الدخول في أجواء العمل، ومع التطورات التقنية تقدم المناطق المعتمة بقدر من الضوء يلاحظه المتفرج بجانت مساحات الأفراد، والأمر ذاته يتكرر في مسلسل “نعمة الأفوكاتو” من إخراج محمد سامي، و”إمبراطورية ميم” إخراج محمد سلامة. ويتفق البعض من النقاد على أن الدراما المصرية تمضي على طريق سليم الآن، من خلال تطورها على أكثر من مستوى، حيث أعادت البريق إلى المسلسلات التاريخية التي أهملتها طويلا، والتفاعل الإيجابي مع الأدب عبر الاستعانة بروايات مثل مسلسل “عتبات البهجة” بطولة يحيى الفخراني المأخوذ عن رواية الأديب إبراهيم عبدالمجيد، و”إمبراطورية ميم” بطولة خالد النبوي عن قصة إحسان عبدالقدوس، علاوة على حضور قضايا المرأة التي دفعت نحو تغيير عدد من القوانين الخاصة بها عبر أعمال عرضت مؤخرا، مثل مسلسل “تحت الوصاية” بطولة منى زكي، مع عدم إغفال الأعمال الشعبية التي تراجعت ما يجمع التنوع الاجتماعي والكوميدي والتاريخي. أوضحت ماجدة موريس في حديثها لـ”العرب” أن الدراما هذا العام تطرح قضايا مهمة تتعلق بالعائلة ومدى قدرة الأسر المصرية على التماسك، وتطرح تساؤلات عدة حول ما إذا كانت العادات والتقاليد قادرة على الصمود أم أن التفكك ظاهرة يجب تسليط الضوء عليها، ما يدفع بعض المشاهدين إلى تذكر أحوالهم وإعادة طرح تساؤلات عما إذا كان يجب عليهم تغيير سلوكياتهم أم الإبقاء عليها؟ وكشفت بعض المسلسلات عن تحسن واضح في مضمون الرسالة الدرامية، يبرهن على أن هناك تطورا في الأفكار، لكن ثمة من يصرون على فتح ملفات قديمة والوقوف عند الماضي وربطه بالواقع، مثل مسلسلي “صيد العقارب” و”سر إلهي”، كما أن بعض الأعمال تهتم بإعلاء قيمة المادة وتأثيرها على العلاقات الأسرية، وهي أيضا موضوعات تم تقديمها بأوجه مختلفة سابقا. كشف بعض المسلسلات عن تحسن واضح في مضمون الرسالة الدرامية يبرهن على أن هناك تطورا في الأفكار كشف بعض المسلسلات عن تحسن واضح في مضمون الرسالة الدرامية يبرهن على أن هناك تطورا في الأفكار أكد الناقد الفني محمد علوش أن تطور الدراما المصرية يظهر على نحو أكبر في مستوى جودة مسلسل “الحشاشين” على مستوى الصورة والديكورات وأماكن التصوير ودقة تنفيذ المشاهد، وبرهن على أن صناع الدراما لديهم قدرة على العودة بالزمن لعقود سابقة واستخدام إمكانيات متطورة، ما يجعل المشاهد حقيقية وممتعة في الوقت ذاته، وكان ذلك بعيدا عن تناوله في سياقات يتم فيها التركيز على الأخطاء التاريخية بينما طبيعة الدراما أن تكون مستوحاة من التاريخ دون تشويهه. ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن التطور التقني سوف يظهر أيضا في مسلسل “جودر” بطولة ياسر جلال، ويقدم بتقنية مناسبة للعالم الخيالي الخاص بألف ليلة وليلة، وهو أمر بدأ صناع الدراما الاهتمام به في الأعمال التي لها بعد تاريخي أو تناقش الماضي، كما هو حال مسلسل “جات سليمة” بطولة دنيا سمير غانم العام الماضي. وأوضح علوش أن ضخامة الإنتاج ترجع إلى انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار والاعتماد على التصوير في دول مختلفة بحاجة إلى توفير العملة الصعبة، في المقابل هناك رؤية لدى صناع الدراما ترى أن تصدير الدراما يجلب عملة صعبة، ما يضمن تحقيق عوائد جيدة، ويخدم الأهداف الثقافية المرتبطة بالحفاظ على قوة مصر الناعمة. وذكرت رئيس قطاع التوزيع بالشركة المتحدة دينا كريم مؤخرا أن عددا من مسلسلات رمضان سيتم توزيعها لأول مرة في كل من ماليزيا وروسيا، وأن الاتفاق الواحد يتطلب عملا مكثفا من جانب فريق العمل، كما تعاقدت الشركة المتحدة مع عدد من القنوات الهندية لعرض بعض المسلسلات المصرية، وسيتم توزيع الأعمال الدرامية لتركيا، وتقديم المحتوى باللغة الإنجليزية ودبلجته بلغة الدولة التي تم التوزيع بها.
مشاركة :