الرياض واس أكد عدد من رجال السياسة والاقتصاد السعوديين أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر، تحمل مضامين عدة تعطي دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات التي تعود بالنفع لصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وتؤكد مجدداً وقوف المملكة مع شقيقتها مصر في كل الظروف. وقالوا إن الزيارة التي سيتخللها برنامج سياسي واقتصادي كبير سيبحث عديداً من الملفات التي تدعم التعاون الثنائي بين البلدين من جهة ومجالات أمن واستقرار أمن المنطقة العربية والإسلامية من جهة أخرى، بالإضافة إلى المجال الاقتصادي الذي سيتمخض عنه مشاريع استثمارية تقدّر بمليارات الجنيهات المصرية لدعم حركة التبادل التجاري بين المملكة ومصر. رؤى استراتيجية وقال رئيس مجلس الغرف السعودية الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزامل، إن الملك سلمان بن عبدالعزيز صاحب رؤى استراتيجية عميقة في مختلف المجالات، ولا أدل على ذلك من اهتمامه في كل زيارة يقوم بها إلى بلدان العالم باصطحاب وفد لا يقل عن 50 شخصاً من رجال الأعمال لإتاحة الفرصة لهم للالتقاء بنظرائهم من مختلف دول العالم، وتعزيز الجوانب الاقتصادية معهم بما يخدم مصالح المملكة وشعبها. وأضاف أن زيارة الملك المفدى إلى مصر فرصة كبيرة يناقش خلالها رجال الأعمال مع إخوانهم المصريين عديداً من الملفات التي تعتري سير العمل الاستثماري بين البلدين، مبيناً أنه سيُعقَد السبت المقبل منتدى اقتصادي يشارك فيه عدد من المتحدثين من مختلف القطاعات الاقتصادية لبحث سبل تسهيل التعاون التجاري بين رجال الأعمال السعوديين والمصريين الذي يمثله حضور أعضاء مجلس الأعمال السعودي المصري. وأفاد أن المنتدى سيسلط الضوء على المعوقات التي يواجهها الاستثمار في مصر ومعالجة ما يعتريه بغية دفع العلاقات الثنائية إلى الأمام، إضافة إلى بحث الإنجازات الاقتصادية التي تحققت بين البلدين، والمشاريع التي سينفذها رجال الأعمال السعوديون في مصر وعددها حسب المخُطط لها (12) مشروعاً استثماريّاً. ولفت الزامل إلى أن السوق المصري هو السوق الثاني الذي يستثمر فيه رجال الأعمال السعوديون على مستوى العالم، والسوق الأول لهم على المستوى العربي، مؤكداً أن تعزيز مجالات التعاون الاقتصادية بين البلدين تدفع بالاقتصاد المصري للأمام في ظل ما يتعرض له من تحديات في مجال العملة. معوقات الاستثمار وفي محور الجانب الاقتصادي بين البلدين، قال نائب رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري الدكتور عبدالله بن محفوظ، إن وزيرة الاستثمار المصرية داليا خورشيد اجتمعت مع الملحق التجاري في سفارة المملكة لدى مصر محمد الحيزان، وممثلة مجلس الأعمال السعودي عبير الخولي، وعدد من ممثلي الشركات السعودية المستثمرة في مصر لبحث قضية تعثر أعمالهم. وأوضح بن محفوظ أن رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري صالح كامل استعرض مع وفد رجال الأعمال السعوديين الشركات الجديدة التي تم تأسيسها خلال شهر مارس عام 2016م برأس مال قدره 36 مليار جنيه مصري «4 مليارات دولار»، أودع 10 % من رأس المال في البنوك المصرية، وسيستكمل 25% خلال 3 شهور. وأفاد أن هذه الشركات الجديدة والمتخصصة تختص بمشاريع قناة السويس، والطاقة، والاستيراد والتصدير، وشركة تأهيل الكوادر الطبية المصرية، وشركات في الاستثمارات الزراعية، والحيوانية، واتفاقية شراكة كبيرة بين شركتين سعودية ومصرية بمبلغ مليار جنيه. وبيّن أن مجلس الأعمال السعودي المصري اعتمد التقرير الإحصائي المقدم من اللجنة التنفيذية التي تتابع الاستثمار في المملكة ومصر حتى نهاية مارس 2016 الذي سيقدم إلى اللجنة الحكومية المشتركة، مبيناً أن التقرير أظهر بأن إجمالي الشركات السعودية المؤسسة في مصر بلغت 3302 شركة حتى نهاية 2015م، برأسمال 27.893 مليار دولار، مقسم في القطاع الصناعي 33.5 %، والإنشاءات 14.6 %، والتمويل 12.8 %، والسياحة 11.7 %، والاتصالات 11.5%، والخدمات 10.3 %، والزراعة 5.3 %. وأشار إلى أن حجم الاستثمارات المصرية في المملكة برأس مال مدفوع بلغ 1.3 مليار دولار وفق تقرير هيئة الاستثمار السعودي، بينما بلغ حجم الصادرات المصرية للمملكة عام 2015م مبلغ 1.7 مليار دولار تتعلق بالمنتجات الصناعية، الأثاث، المنتجات الغذائية، المواد الخام، الحبوب والخضراوات والفاكهة، المنتجات الطبية، الأجهزة الكهربائية. وذكر أن المملكة استحوذت على 12% من صادرات قطاع الكيماويات والأسمدة المصري، حيث بلغ حجم الصادرات السعودية إلى مصر عام 2015م، 3.4 مليار دولار، أهمها غاز البوتان «غاز الطبخ»، والمنتجات البتروكيميائية، والزيوت الصناعية، ومنتجات البلاستيك، والأسلاك المجلفنة، ودرفات الحديد، والمنتجات الورقية، ومواد العزل. علاقة تكاملية وفي الجانب السياسي، وصف رئيس لجنة الثقافة والإعلام ولجنة السياحة والآثار في مجلس الشورى الدكتور أحمد الزيلعي علاقة المملكة ومصر بالتكاملية التي تزيد من قوة أمن المنطقة العربية، مبيناً أن المملكة العربية السعودية كانت من أوائل الدول التي دعمت تأسيس الجامعة العربية في عهد الملك عبدالعزيز «رحمه الله»، والملك سلمان بن عبدالعزيز قائد محنك اهتم منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد بالأمن العربي والإسلامي، وتجلى ذلك في عديد من المواقف والقرارات التي أصدرها تجاه عدد من الملفات كنصرة الأشقاء في اليمن ضد اعتداءات الحوثيين وأعوانهم المدعومين من إيران وإغاثتهم، والوقوف مع الشعب السوري الذي يتعرض لإبادة جماعية من الأسد، فضلاً عن دعم القضية الفلسطينية والدعوة لتحقيق سلام شامل في المنطقة. ولفت النظر إلى أن زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر رسالة واضحة إلى كل الذين يحاولون النيل من العلاقات التاريخية المتينة بين المملكة ومصر بأن البلدين متضامنان بعون الله تعالى في تلبية مصالحهما التي لا تنفصل عن مصالح الأمة العربية ككل، وأنهما سيقفان ضد من تسول له نفسه المساس بأمن المنطقة العربية والإسلامية. مواجهة التحديات أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود الدكتور صالح بن محمد الخثلان، فقد أكد أن أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر لا تقتصر على العلاقات الثنائية وحسب، بل تتجاوزها إلى المنطقة ككل بحكم مكانة الدولتين وفي مواجهة الأحداث الصعبة الراهنة. وقال إنه على المستوى الثنائي تأتي هذه الزيارة لتؤكد عمق العلاقات السعودية المصرية وشموليتها وطابعها الاستراتيجي، إضافة إلى القناعة الراسخة للشعبين المصري والسعودي بالطابع التاريخي للعلاقة الذي يفسر صمودها أمام كل التحديات التي تعتري المنطقة، مشيراً إلى أن المملكة تتمتع بمكانة خاصة في الإدراك لدى مصر، كما أن لمصر قيمة مهمة تنفرد بها بين دول المنطقة في الإدراك السعودي. وأضاف أنه بمراجعة لتاريخ العلاقات بين البلدين يتأكد للمراقب طابعها الاستراتيجي العصي على القراءات الأيديولوجية التي تفشل دائماً في إدراك الاستثمار المعنوي الهائل في العلاقة الذي حافظ على استمراريتها وصلابتها عبر السنين، ويفسر الدعم السعودي الحاسم إلى مصر وهي تعيش تحولات صعبة منذ بدء الربيع العربي. تفاعلات إقليمية وبيّن الدكتور الخثلان أنه على مستوى المنطقة تمثل المملكة ومصر قطبَي العالم العربي ومحور التفاعلات الإقليمية، ما يعني استحالة معالجة قضايا المنطقة دون أي منهما، وأنه أمام التحديات الوجودية التي تواجه الأمة العربية يزداد التأكيد على التحرّك السعودي المصري المشترك الذي يمثل الضمانة الوحيدة للتصدي لمشاريع التخريب أيا كان مصدرها سواء داخلية كانت أو إقليمية أو دولية، فضلاً عن إعادة الحيوية للعمل العربي المشترك ومؤسساته، والتأكيد على أن محور الرياض القاهرة هو صمام الأمان الوحيد للحفاظ على ما تبقى من تضامن عربي. ومن جهته، أكد عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالله المنيف، أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر لها دلالاتها المهمّة في هذا الوقت الذي تعاني فيه المنطقة العربية من كثير من التحديات، ومنها التأكيد على وحدة الرؤى والتوجهات بين البلدين تجاه القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية، وتجديد موقف المملكة الداعم لمصر في محاربة الإرهاب بكل أشكاله، فضلاً عن دعم التعاون في المجالات الاقتصادية. وبين أن تعزيز التعاون بين البلدين سيؤدي إلى خدمة الملفات الإقليمية في المنطقة من جهة، ودعم علاقات البلدين من جهة أخرى من خلال تشجيع القطاع الخاص في المملكة ومصر على زيادة فتح مجالات استثمارية أرحب تقوّي علاقات التبادل الاقتصادي فيما بينهما بما يلبي مصالح وتطلعات قيادة البلدين الرامية إلى خدمة الشعبين الشقيقين. التلاحم العربي وفي الإطار نفسه، أكد المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود الدكتور إبراهيم النحاس، أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أيده الله إلى مصر، تأتي في إطار التلاحم العربي العربي خاصة أن المملكة ومصر لهما ثقلهما في المنطقة ولديهما كل المقومات التي تخدم أمن القضايا العربية بكل اقتدار، كما تدعم رؤى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز السياسية التي تصب في صالح دعم القضايا العربية والإسلامية وتحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة. ولفت الدكتور النحاس النظر إلى أن هذه الزيارة تؤكد من جديد اهتمام المملكة بمستقبل وحاضر مصر الشقيقة على مختلف الصعد، ووقوفها إلى جانبها في كل الظروف، وهي كذلك رسالة واضحة لمن يحاول أن يشكك في تدني مستوى العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى أن الملك سلمان بن عبدالعزيز يثبت للعالم في كل مرة أن سياسة المملكة ثابتة لا تتغير بتغير الظروف والمعطيات بل ستظل بعون الله كما أسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله ومضى عليها أبناؤه الملوك رحمهم الله- هادفة لتعزيز الترابط العربي والإسلامي وخدمة شعوب المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار للجميع. وشدد على أن هذه الزيارة سوف تسهم بإذن الله في تعزيز الأمن القومي العربي ودعمه في مواجهة أي تهديدات تمس أمن المنطقة، وتحمل رسالة قوية ضد من يحاول المساس بالوحدة العربية واستقرارها، مثل الرسالة التي حملها تمرين «رعد الشمال» في المملكة حيث حظي بحضور عربي إسلامي كبير بين اتحاد القادة ضد من يتدخل في الأمن العربي الإسلامي.
مشاركة :