مع حلول شهر رمضان، تنبض شوارع سوق المنامة بالحياة، مُعيدةً إلى الأذهان صورة زمنية راسخة في الذاكرة البحرينية، الجولة الرمضانية إلى هذا السوق العريق تُعد تقليداً لا يُمكن التخلي عنه، وقد استعادت زخمها بعد فترة من الانقطاع بسبب الجائحة، فسوق المنامة وزرانيقه، بنسيجه الثقافي الغني وشوارعه التي تتحدث عن التاريخ، يحتل مكانة خاصة في قلوب أهل البحرين وزوارها. يأتي رمضان ليكون بمثابة قبلة حياة للسوق التاريخي الذي يكون خاوياً في معظم لياليه، وخاصة الصيفية، ينتعش قليلاً في الأجواء الباردة، ويصبح وجهة مفضلة للخليجيين حيثما سنح الجو بذلك، ومع اختفاء الوجوه البحرينية من السوق، بدأ بريق العراقة والهوية البحرينية بالانحسار شيئاً فشيئاً من السوق، فلولا وجود الدكاكين التي تمسك بها أهلها، وورثوا المهنة لجيل يلحقهم، وهذا مالم يفعله الكثير من التجار، تجد صاحب الحلال البحريني في المحل ولو بشكل متقطع، يشرف على حلاله وعماله، ويمارس علاقاته مع الزبائن الذين يبحثون عن هذا الصوت البحريني الأصيل وسط السوق. إن مشروع تطوير سوق المنامة الذي انتهى عند المنطقة المحاطة بباب البحرين كان نقلة نوعية في شكل السوق، وجعل من الواجهة الأمامية للسوق واجهة سياحية وتاريخية جذابة، والذي من المفترض أن يشمل كافة السوق كما تم التصريح به منذ فترة تأخر في تنفيذه، وكانت الخطة التي أعلنت في 2016 تشمل العديد من مناطق السوق الحيوية إلا أنه لا توجد أي إرهاصات بشأن التحرك الفعلي. هناك العديد من الشوارع الرئيسية التي تحتاج إلى تهيئة أبرزها شارع الشيخ عبدالله والشوارع المؤدية إليه، وذلك من خلال توفير بنية تحتية حديثة، وتحويلها كمناطق الأسواق التاريخية في دول العالم، والتي تكون مرصوفة ومغلقة عن السيارات، ويفتح المجال لدخول السيارات إليها فقط للتحميل والتنزيل في ساعات معينة، كما يفتقر السوق لوجود مواقف عملية بسبب العشوائية من المخالفين بين زرانيق السوق. وخطة التطوير التي شملت منطقة باب البحرين فقط، كان من المخطط لها أن تشمل المنطقة المتعارف عليها بسوق الأربعاء وساحة الطواويش، وبعض المقاهي الشعبية المتواجدة في السوق، بالإضافة الى تطوير وزيادة عدد المرافق العامة بمنطقة السوق وزيادة الرقعة الخضراء فيها. منذ إعلان المنامة عاصمة للسياحة الخليجية للعام 2024 حظيت المنامة بالاهتمام الذي غاب عنها لفترات طويلة، فشهدنا عدداً من الفعاليات التي أعادت الروح للعاصمة، وشهدنا عدداً من الفعاليات التي أقيمت في أنحاء متفرقة من المنامة، وفعاليات عديدة في منطقة باب البحرين، ومن أجمل المبادرات التي شهد لها الجميع هي مبادرة «أمسيات المنامة» التي أطلقتها هيئة البحرين للسياحة والمعارض خلال ليالي رمضان الجميلة في ساحة المسرح الوطني، وهي من الساحات المنامية الجميلة التي عرفت الهيئة كيفية استغلالها بأجمل صورة ممكنة. نتمنى أن يستمر هذا الاهتمام بالعاصمة المنامة، والعمل على إعادة إحيائها وإعمارها للمحافظة على هويتها العربية والبحرينية الأصيلة، لتكون هي الوجهة الرئيسية للسياح وتكون عاصمة سياحية دائمة لجميع سياح العالم على مدار العام، فقيام هيئة البحرين للسياحة والمعارض بالاهتمام بالمنطقة وإقامة مجموعة متنوعة من الفعاليات والأنشطة الثقافية والترفيهية توفر فرصة مثالية لزوار مملكة البحرين بشكل عام ومواطني ومقيمي دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص للاستمتاع بتجارب متميزة، والتعرف عن كثب على تراث البحرين وإرثها الحضاري العريق الذي توجها لتكون وجهة جذابة للسياح من جميع أنحاء العالم.
مشاركة :