قطائف ولطائف

  • 3/24/2024
  • 19:40
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أثناء ركوبهم الحافلة التى تقلهم إلى الجامعة، أراد الطلاب أن يحتفلوا بقدوم رمضان، فاستأذنوا السائق لكى يستمعوا بصوت مرتفع إلى أغنيات الشهر الكريم، فما كان منهم إلا أن وضعوا مجموعة من الألحان الحديثة التى ارتبطت بباقة من الإعلانات الخيرية والتجارية، بصوت فنانين معروفين مثل حسين الجسمى ومحمود العسيلى وعمرو دياب وأحمد سعد، والتى اشتهرت خلال السنوات الأخيرة. فوجئت الأستاذة المصاحبة لهم بهذه الاختيارات، فما خطر ببالها لأول وهلة كانت أغنيات مثل «وحوى يا وحوى» و«رمضان جانا» و«أهو جه يا ولاد» و«والله بعودة يا رمضان» و«هاتوا الفوانيس يا ولاد» التى تذيعها عادة قنوات التليفزيون ومحطات الراديو بين الفقرات، أو حتى «مسحراتى» فؤاد حداد وسيد مكاوى، وثنائيات فؤاد المهندس المصورة على طريقة الفيديو كليب بالاشتراك مع صباح وشويكار «الراجل ده هيجننى» و«الصيام مش كده». هذه هى الأعمال الراسخة فى ذهنها بما أنها تنتمى لجيل وُلد فى سبعينيات القرن الفائت، وبالرجوع لتواريخ إنتاج الأغنيات التى فكرت فيها اكتشفت سريعا أن «وحوى يا وحوى» من غناء أحمد عبدالقادر وألحان أحمد الشريف تعود إلى العام 1934، أما معظم الأغنيات الرمضانية الأخرى فقد تم إنتاجها فى الخمسينيات والستينيات.لم يعد أغلب الصغار يلعبون بالفوانيس فى الشارع ولا يرددون «وحوى يا وحى» على ضوء المصابيح الخافت، وبالتالى من البديهى أن طلابها الذين ينتمون للجيل الرقمى الذى جاء إلى الدنيا فى الفترة ما بين 1995 و2009 لا يشاركونها المرجعيات الثقافية نفسها، وهم الذين استخدموا الإنترنت والوسائط التكنولوجية المحمولة من سن مبكرة. وبما أن الثقافة توصف أحيانا كإحدى وسائل المعرفة المرتبطة بزمن معين، فكلمات أغنية مثل دويتو فؤاد المهندس وصباح حين تعدد الزوجة قائمة الطعام اليومى على الإفطار «اللحمة تلات أشكال وطيور بجنيه وريال (120 قرشا) غير السلطات والمحشيات والمشويات والحلويات» صارت ضمن الوثائق التاريخية التى تدل على رغد العيش بين عامى 1961 و1962، عند صدور الأغنية. ما زلت مثل أستاذة هؤلاء الطلاب أتمسك بأعمال عصر كنا نشاهد فيه جميعا الفقرات والأفلام ذاتها فى أوقات محددة على قنوات معدودة. أستخدم قفشات ونكات لن يفهمها سوى من تابعها وتأثر بها فصارت ضمن مرجعياته وشكلت مزاجه العام. أحاول أن أختبأ فى أول حفرة تصادفنى، أنا المهووسة بالتذكر. ملوك المقبرة. صوت عازف الربابة الذى يمر بين الحين والآخر أسفل المنزل، عقب الإفطار بقليل، يأخذنى على الفور إلى البر الغربى لمدينة الأقصر حيث توجد قرية القرنة أو «الجورنة» كما ينطقها الصعايدة. أتذكر شابا مرفوع الرأس، له عينان وديعتان وصارمتان فى آن. سلم علينا كأنه واحد من أهلنا وغاب بعض الوقت ثم عاد وبيده تماثيل حجرية صغيرة نحتها بيده. ربما اعتبره البعض مجرد مُزيِّف آخر من ذلك الزمان يتقن عمله بشكل جيد، لأنه يعيش وسط مقابر الأموات، يعتنى بهم ويعتنون به. تشبع بأفكارهم حول الحياة والموت، الروح والجسد، لذا صارت تماثيله تشبههم حين يتوقون لأن يلتقوا بالأحبة ولو ليوم واحد. عاش على مقربة من تلال طيبة، فى تلك القرية التى بنيت مساكنها فى الكهوف الجبلية وسط الآثار، وعرفت باسم «شيخ عبدالقرنة». انتقل أهله من قرية القرنة القديمة، حوالى 100 متر إلى الشرق من معبد سيتى الأول، للسكن فى هذه الكهوف، وذلك حين تراجع المماليك إلى هذه المنطقة بعد هزيمتهم من قبل قوات محمد على فى أوائل القرن التاسع عشر، كما ذكر البعض. وقيل أيضا ضمن ما قيل إن أكبر عائلات القرنة وهى «الحروبات» استقرت فى القرية منذ أواخر القرن الخامس الهجرى بعد انهيار الدولة العباسية، إذ رحلوا من اليمن إلى الحجاز ثم إلى صعيد مصر.صار والدى يردد بإعجاب أن من قام بنحت هذه القطعة الجرانيتية الصلبة هو طفل فى مثل عمرى، وأنا مشغولة بمتابعة عازفى الربابة ومنظر السيدة العجوز الجالسة فى استرخاء وسط التماثيل الملونة التى تباع للسائحين. شعرها الطويل يكاد يصل إلى الأرض وقد وضعت الكثير من الكحل الأسود فبدت مثل تماثيل القدماء التى تتاجر فى منسوخاتها. راحت تهذى بكلمات معناها أن الأجداد ينظرون لنا فى ترقب وأن القمر هو من يقدم لنا الليل. كانت تتحدث بثقة واحدة من ملكات الوادى ونبيلاته، لم تكن تتخيل حجم المعارك التى ستقوم بعد ذلك بسنوات لطردها وأهلها من هذه القرية الواقعة فى حضن الجبل الذى يتخذ شكل قرن حيوان. الحَذر والقَدر. في الليل اندلعت ألسنة اللهب لتبتلع ديكور أحد المسلسلات الجاري تصويرها في استوديو الأهرام الذي تم بناؤه عام 1944 على مساحة 27 ألف متر مربع، ويشمل ثلاثة مواقع للتصوير وصالة عرض وقاعة مونتاج. امتد الحريق إلى العمارات السكنية المجاورة دون خسائر في الأرواح، رغم وجود عدد من الإصابات. احترقت المباني والأشجار ليخرج الماضي من باطن الأرض، ففي خلال الأسبوع الأول من رمضان شبت خمسة حرائق في أماكن متفرقة من القاهرة والجيزة: استوديو الأهرام، غرفة ساونا بأحد الفنادق، موقع تصوير مسلسل “جودر” المأخوذ عن “ألف ليلة وليلة” بمدينة الإنتاج الإعلامي، شركة مواد غذائية في إمبابة، مركز تجاري بمنطقة البنوك بالتجمع الخامس. تذهب مبانٍ قديمة بغير رجعة، وتظهر أخرى، وكأننا بصدد أن نطوي صفحة من حياتنا. تتغير الشوارع كما تتغير الأشياء والأفكار، وتتركنا أكثر حيرة ويأسا. داليا شمس – الشروق نيوز كانت هذه تفاصيل خبر قطائف ولطائف لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد. كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

مشاركة :