كان الهدف من المؤتمر رفيع المستوى الذي عُقد في جنيف نهاية مارس الماضي، إقناع المجتمع الدولي بزيادة أماكن إعادة توطين اللاجئين السوريين على نحو السرعة، وفتح مسارات قانونية أخرى غير مستغلة، من شأنها إنهاء الحاجة إلى القيام برحلات بحرية خطرة وطويلة أو رحلات برية صعبة. لكن استجابة ممثلي الـ92 دولة الذين حضروا الاجتماع كانت محدودة وبعيدة كل البعد عن تحقيق الهدف الذي حددته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لم تكن المفوضية التي استضافت المؤتمر تطلب تحقيق معجزات، بل دعت إلى إعادة توطين، أو تأمين أشكال أخرى من دخول 10 بالمئة فقط من 4.8 ملايين لاجئ سوري على مدار السنوات الثلاث المقبلة. وفي الفترة التي سبقت لقاء نهاية مارس كانت المفوضية والمنظمات غير الحكومية الأخرى مثل أوكسفام البريطانية تطالب البلدان المضيفة المحتملة بالوصول إلى نسبة الـ10 في المئة المستهدفة، ليس فقط عن طريق التعهد بتوفير أماكن لإعادة التوطين. ولكن أيضاً من خلال توفير قنوات قانونية أخرى للاجئين السوريين، مثل تأشيرات لم الشمل الإنسانية والأسرية، والمنح الدراسية، وبرامج الكفالة الخاصة، وخطط انتقال العمالة. ولكن الاستنتاج الواضح الذي يمكن الخروج به من المؤتمر، هو أن البلدان غير مستعدة لتوسيع نطاق التزاماتها السابقة بإعادة التوطين أو فتح مسارات أخرى. الأفعال أبلغ وبعد خمس سنوات من بدء الأزمة السورية، عرضت 30 دولة نحو 160 ألف مكان فقط لإعادة توطين اللاجئين، في حين أن العدد الإجمالي للاجئين الذين وصلوا بالفعل إلى تلك البلدان هو جزء بسيط من هذا الرقم - 67,108 فقط، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة أوكسفام. وانبرى ممثلو الدول في قصر الأمم الواحد تلو الآخر للحديث عن الحاجة إلى مزيد من التعاون الدولي وتقاسم الأعباء من أجل التصدي لأزمة اللاجئين السوريين. ولكن عدداً قليلاً منهم أعلن عن خطط جديدة لقبول بضع مئات من اللاجئين. وبدلاً من ذلك، ركز معظمهم على الأموال التي أنفقتها بلدانهم لدعم اللاجئين، لكي يظلوا في البلدان المجاورة التي تتحمل ضغوطاً تفوق طاقتها، مثل تركيا ولبنان والأردن. أخذ حصة عادلة كندا واحدة من ثلاث دول فقط حددتها منظمة أوكسفام على أنها أعادت توطين ما يزيد على حصتها العادلة من اللاجئين السوريين على أساس حجم اقتصادها. تحت قيادة رئيس الوزراء جستين ترودو استوعبت البلاد 26 ألف سوري منذ نوفمبر 2015، من بينهم ما يقرب من تسعة آلاف دخلوا بناءً على نظام الكفالة الخاصة. وأكد جون مكالوم وزير الهجرة واللاجئين والمواطنة الكندي، في كلمته خلال المؤتمر، أهمية القيادة من أعلى، وكذلك التواصل المتكرر والصادق مع الشعب الكندي. ألمانيا هي دولة أخرى فعلت أكثر من حصتها العادلة؛ فقد سمحت بدخول 41,000 سوري من خلال برنامج القبول الإنساني، قبل وصول 430 ألف طالب لجوء سوري إلى البلاد في العام 2015، استقل معظمهم قوارب من تركيا إلى اليونان ثم اتبعوا المسار الشهير عبر منطقة غرب البلقان. السياسة هي العائق ولعبت ألمانيا دوراً فعالاً في الوساطة من أجل التوصل إلى الاتفاق الأخير مع تركيا لاستعادة جميع الوافدين الجدد إلى اليونان، في مقابل المزيد من المساعدات للاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا، وزيادة إعادة توطين اللاجئين من تركيا إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وقد قوبل الاتفاق بإدانة واسعة من جماعات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية مثل أوكسفام التي انتقدت في تقريرها الصادر الثلاثاء محاولات استخدام إعادة التوطين كورقة مساومة في صفقات سياسية. بر الأمان روت رزان إبراهيم، وهي صحافية سورية تمكنت من الوصول إلى بر الأمان في أيرلندا بتأشيرة طالب، ومن ثم أحضرت أخاها للانضمام إليها من خلال برنامج كفالة خاص، قصص سوريين آخرين كانت التقت بهم في اليونان وتركيا، لكنهم لم يتمكنوا من الاستمتاع بهذه الخيارات القانونية، من بينهم امرأة استقلت قارباً إلى اليونان مع أطفال أختها الأربعة. 10 % تدعو منظمة أوكسفام إلى إعادة توطين 10 في المئة من اللاجئين السوريين المسجلين في الدول المجاورة، نحو 480 ألف شخص، بحلول نهاية العام 2016.
مشاركة :