الحديث عن اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم «تراحم» وما تؤديه من جهود يحتاج لرسالة ماجستير أو دكتوراه، وليس مجرد مقالة قصيرة، فهي تعكس بأعمالها مقولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد: «إن ديننا الإسلامي الحنيف دين تكافل وتعاضد وتآزر وشريعتنا الإسلامية تؤكد على العمل الخيري»، حيث نرى أن ما تقوم به من جهد يسهم في بناء مجتمع متماسك، يعطف بعضه على بعض، ويساند المحسنون فيه الضعيف، والمحتاج، ويشارك جميع أفراده في تضميد جراح أبناء السجناء، وإعالة أسرهم، بما يعكس قيم التكافل الاجتماعي التي بُني عليها هذا الوطن، منذ نشأته. ومن وجهة نظري الشخصية؛ أرى أن اللجنة تقوم بعمل متفرد بذاته، إذ إن جهودها موجهة نحو السجناء والمفرج عنهم، حيث الرحمة والتراحم هي أكثر ما يحتاجه السجين بعد الإفراج عنه، إذ يقول علماء النفس إن أكثر شيء يعرقل عودة السجين إلى المجتمع هو إحساسه بكُره من حوله له، ورفضهم له، وعزوفهم عن التعايش معه، وعدم فتح صفحة جديدة للتعامل الإنساني معه. والسجين هو بالأصل إنسان ضعيف يحتاج إلى غفران المجتمع ومسامحته له، وتقبل أبنائه وأسرته له، كي يخرج من عَباءة السجن، وترتفع معنوياته، وينمو إحساسه بقيمة التسامح، فتغدو محبة من يُحسن إليه دَيْناً في عنقه، وتاجاً على رأسه. كما أن الأُسَر التي غاب عائلُهم في السجن، هم أحق وأحوج بالبذل والعطاء إذ لم يبق لهم بعد الله سوى إحسان المحسنين، وعطفهم وحنانهم، ومن خلال تعاون المجتمع مع اللجنة يمكننا بإذن الله أن نزرع الثقة في السجين المفرج عنه، ونتيح له الفرصة كي يندمج في المجتمع، ويصبح عضواً منتجاً نافعاً. وذلك لأن من حق السجين على المجتمع أن يأخذ بيده إلى الطريق القويم، ويمنحه فرصة العمل بعد تأهيله نفسياً ومهنياً، وتوظيفه وتشجيعه على الكسب الحلال، حتى لا ندعه فريسة لأصدقاء السوء، كما أن أسرته لا ذنب لها، وليس من الصحيح أبداً أن نعاقبها بفعلته والله من وراء القصد.
مشاركة :