تستعد السلطات الليبية لإعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي مع تونس خلال اليومين القادمين، بعد توصل الأطراف الليبية المتصارعة على المعبر، إلى اتفاق يقضي بتشكيل قوة عسكرية من عدة كتائب تابعة لرئاسة الأركان، وتحت إشراف المنطقة العسكرية الغربية، وبالتنسيق مع غرفة العمليات العسكرية زوارة تتولى فرض الأمن بمعبر رأس جدير وحماية السلم الاجتماعي. رأس جدير (ليبيا) - توصلت سلطات غرب ليبيا إلى حلحلة أزمة منفذ رأس جدير، حيث طالب رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة بضرورة دعم الدولة والوقوف معها في بسط نفوذها وسيطرتها على كافة المنافذ دون استثناء، مشددا على أن يكون الهدف الأساسي لهذه القوة هو بسط الأمن بالبوابة بعيدا عن التجاذبات السياسية والقبلية بالبلاد. وأكدت أوساط ليبية لـ”العرب”، أن أطرافا إقليمية ودولية تدخلت لتطويق الأزمة بين السلطات المركزية في طرابلس والميليشيات الأمازيغية، ولتجنب الانحدار نحو منزلق الموجة العسكرية، وأن الاتصالات تمت على أعلى مستوى سواء مع المجلس الرئاسي أو مع رئاسة حكومة الوحدة، وكذلك مع الزعامات الأمازيغية وخاصة في المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا. ونقل سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى ليبيا ميخائيل أونماخت إلى عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني، دعوة بلاده لحلحلة الأزمة، بعد أن بحث معه الأوضاع في المنطقة الغربية، والجبل، والجهود التي يبذلها المجلس الرئاسي، والحكومة لتحقيق الاستقرار بتكليف رئاسة الأركان متابعة ملف منفذ رأس جدير، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى. وقال معاون رئيس الأركان العامة بحكومة الوحدة الوطنية الفريق صلاح النمروش إن مهمة القوة المشكلة من الألوية العسكرية التابعة للجيش الليبي هي بسط الأمن بمعبر رأس جدير الحدودي مع تونس، وأكد أنها لا تحمل أي تجاذبات سياسية أو قبلية، نافيا ما يتداول بشأن وجود تحشيد عسكري بغية فرض تشكيل بعينه بقوة السلاح على المعبر. وأضاف النمروش أن القوة شكلت لإطفاء أي فتيل يهدد السلم الاجتماعي، علاوة على ضمان عودة حركة المعبر بكل سلاسة، وتأمين المسافرين، ودعا كافة المناطق والبلديات للابتعاد عن الجهوية والقبلية، ودعم القوة العسكرية المشكلة من رئاسة الأركان لإتمام كافة أعمالها، لافتا إلى أن القوة العسكرية ستسلم المعبر للأجهزة الأمنية، وتساندها لإيقاف التهريب والفوضى من الأطراف الخارجة عن القانون، حسب قوله. وزير الداخلية عماد الطرابلسي أصدر قرارا بتشكيل غرفة مشتركة تتولى بسط الأمن والنظام في المنطقة الحدودية مع تونس وكانت رئاسة الأركان قد قررت في وقت سابق تشكيل قوة من سبعة ألوية (اللواء 555 مشاة، واللواء 444 قتال، والكتيبة 103 مشاة، واللواء 111 مجحفل، واللواء 51 مشاة، واللواء 52 مشاة، واللواء 62 مشاة )، على خلفية التوتر الذي شهده منفذ رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس. وفي الأثناء، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية عن اتجاه وحدات شرطية تابعة لها إلى المنفذ بناء على تعليمات وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، وقالت إن القوة الشرطية التي تأتي ضمن الغرفة الأمنية المشتركة الصادر بشأنها قرار من وزير الداخلية المكلف، ستعمل على تأمين منفذ رأس جدير الحدودي وفرض السيطرة الأمنية داخله. وأصدر الطرابلسي قرارا بتشكيل غرفة مشتركة بالتنسيق مع رئاسة الأركان العامة ومكتب النائب العام، تتولى بسط الأمن والنظام في المنطقة الحدودية. وحدد القرار مقر الغرفة في منطقة العسة برئاسة اللواء عبدالحكيم محمد الخيتوني، ومعاونة المقدم علي عبدالمولى الجابري، وتضم في عضويتها مندوبا عن جهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية، ومندوبا عن جهاز دعم المديريات الأمن بالمناطق، ومندوبا عن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، ومندوبا عن جهاز مكافحة التهديدات الأمنية، ومندوبا عن جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية. كما تضم أيضا مندوبا عن الإدارة العامة للدعم المركزي، ومندوبا عن الإدارة العامة لأمن السواحل، ومندوبا عن مكتب المعلومات والمتابعة الأمنية، ومندوبا عن الإدارة العامة للعمليات الأمنية، ومندوبا عن جهاز دعم الاستقرار، ومندوبا عن جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ومندوبا عن جهاز الطيران الإلكتروني، ومندوبا عن جهاز الأمن الداخلي. وتم تحديد عتاد الغرفة في “20 دورية مطقمة ومجهزة من جهاز الأمن الداخلي، وعدد كاف من جهاز الردع، و50 دورية من جهاز دعم الاستقرار، وعدد كاف من جهاز الطيران الإلكتروني، و50 دورية من جهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية، ومثلها من جهاز دعم المديريات وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرقية، و30 دورية من جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، فضلا عن 50 دورية مطقمة ومجهزة من جهاز مكافحة التهديدات الأمنية، ومثلها من جهاز حرس الحدود والإدارة العامة للعمليات الأمنية والإدارة العامة للدعم المركزي والإدارة العامة، إلى جانب 120 عضوا و4 زوارق مجهزة من الإدارة العامة لأمن السواحل، و10 دوريات مطقمة ومجهزة من مكتب المعلومات والمتابعة”. القوة شكلت لإطفاء أي فتيل يهدد السلم الاجتماعي، علاوة على ضمان عودة حركة المعبر بكل سلاسة، وتأمين المسافرين وقد ترأس عبدالحكيم الخيتوني ومعاونه علي الجابري اجتماعا بالقوة المشتركة عقب وصولها إلى منطقة العسة، وقالت وزارة الداخلية إن الاجتماع ناقش آلية عمل الغرفة بالتنسيق مع رئاسة الأركان بالمنطقة الغربية والمهام المكلفة بها من خلال رصد ومتابعة ومكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتهريب الوقود والمخدرات والمؤثرات العقلية والسلع بكافة أنواعها. وناقش الاجتماع أيضا توزيع المهام على الدوريات الأمنية من أجل بسط الأمن والنظام وإظهار هيبة الدولة في المنطقة الحدودية مع تونس والممتدة من البحر شمالا وحتى حدود منطقة العسة جنوبا ودعم الأجهزة الأمنية ومديريات الأمن الواقعة من صبراتة إلى الحدود التونسية. كما تم بالمناسبة توزيع المهام على الدوريات المشتركة والتمركزات الأمنية بما يضمن إحكام السيطرة على حركة المركبات الآلية بالطريق العامة، وضبط المجرمين والمطلوبين والمشتبه بهم والخارجين عن القانون وإحالتهم إلى مكتب النائب العام. وفي الأثناء، حذر رئيس المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، الهادي برقيق، من دخول قوات عسكرية إلى زوارة دون التنسيق مع المجلس العسكري فيها، وقال في تصريح صحفي: “تم الاتفاق بين الغرفة العسكرية زوارة مع رئاسة الأركان العامة (بالمنطقة الغربية) على دخول قوة من الجيش الليبي إلى معبر رأس جدير للتأمين في ظل التوترات الحاصلة”، معلنا أنه “سيتم تشكيل قوة مشتركة وأي تدخل من أي قوة ليست ضمن الاتفاق ستكون النتائج سلبية”. وأوضح أن “المجلس يعمل منذ سنة 2011 على الحفاظ على تماسك المجتمع الليبي، والدفع باتجاه تحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة بناء الدولة الليبية”. وقال برقيق، إن “المجلس كان سبّاقًا في سحب كل التشكيلات المسلحة التابعة للأمازيغ من العاصمة طرابلس، تمهيدًا لبناء الدولة والمؤسسات” وأضاف أن “المجلس تبنى العديد من مبادرات الحل السياسي في ليبيا، آخرها المبادرة التي أطلقناها عام 2021، لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد”، مردفا : “قدمنا رؤيتنا لمشروع الدستور الليبي، ونتفاعل مع ما يجري الآن في الساحة، وندعو إلى توحيد الأجهزة التنفيذية، والاتجاه نحو انتخابات في أقرب وقت”. وثمّن برقيق الدور الذي يقوم به المغرب لحلحلة الأزمة السياسية في ليبيا من خلال احتضانه للعديد من اللقاءات والمحادثات “الليبية – الليبية”، مشيرا إلى أن “المغرب له العديد من الإنجازات بشأن القضية الأمازيغية، آخرها ترسيم اللغة الأمازيغية، والاعتراف برأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية”، معتبرا أن “التدخل الخارجي يُرهق العملية السياسية في ليبيا بشكل عام، والأمازيغ عانوا من هذه التدخلات منذ سنة 2011”. وكان رئيس المجلس الأعلى للأمازيغ في ليبيا صرح قبل ذلك بالقول إن ما حدث في رأس جدير “مفتعل الغاية منه سيطرة ميليشيات الزنتان على منطقة تنتمي لمكون الأمازيغ، بغرض السيطرة عليه وتحجيمه”، ورأى أن الموجودين في السلطة متورطون في جرائم لذلك يعرقلون التغيير ويفضلون الفوضى، ودول مجلس الأمن مستفيدة من هذه الفوضى عبر عملائها الليبيين.
مشاركة :