خندق الزهور رواية تتحدث حول معنى الحب، وكيفية التعامل مع الخسارة، والأهم من ذلك كله.. قوة المغفرة. الكاتبة أماندا لينسمير تعيش في ريف مقاطعة مانيتووك مع زوجها وأولادها، واثنين من الكلاب، والقطط نصف البرية. وتُعد خندق الزهور هي أول رواية لها. تعطينا حكاية واقعية من حياة امرأة شابة تدعى جوليا جيمس وزوجها جريج ونضالهم للحفاظ على الحمل. جوليا جيمس كانت تريد دائما أن تكون أماً أكثر من أي شيء آخر، لذلك عندما تجد نفسها تنتظر طفلها الأول، ثم أجهضت، فمن الواضح أنهما مدمران على حد سواء هي وزوجها بسبب هذه النتيجة. تأتي هذه الحادثة في وقت قريب جداً بعد وفاة غير متوقعة من والد جريج، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لهما للتعامل معها. جريج وجوليا قررا الانتقال من ولاية لويزيانا والعودة الى مسقط جريج في ولاية ويسكونسن حتى يكون جريج هناك قريبا من أمه، ليعتني أكثر بالأعمال الخاصة بالأسرة. حين تلتقي ميغان في وظيفة الرعاية النهارية الجديدة، دهشت من كمية الشبة بينهما كما كان يبدو وكأنه جريج. شعره ولون العين متطابقة لتلك التي لدى زوجها وحتى لديه الدمامل ذاتها وكذلك النمش. وهي تجد نفسها منجذبة إلى الطفل الصغير وإلى والدته، ليصبحا أصدقاء بشكل سريع معها لأنها تحاول التحقيق لمعرفة ما إذا كان هناك أي علاقة بين زوجها وهذا الصبي الصغير ووالدته، وكذلك حالات الإجهاض المتعددة وعدم قدرتها على تحمل الحمل لفترة نمو الجنين؟ هل هي كانت تتميز بجنون العظمة أو أن زوجها كان غير مخلص؟ أم كانت هناك امرأة أخرى قادرة على إعطاء جريج الطفل أكثر منها؟ وإذا كان زوجا غير مخلص، ماذا ستفعل جوليا؟ هل ستعطيه فرصة أخرى أو تسعى لإنهاء زواجهما؟ كيف يحدث ذلك وهو الزوج الصالح والداعم لها؟ جوليا تملك القوة الداخلية والشجاعة اكتشفت ذلك في نفسها لأنها شهدت هذه التساؤلات، المآسي، والنكسات أيضاً!! الرواية تبدأ مع فقدان طفلهما الأول وكل الحزن الذي يأتي مع ذلك وهي رغم كل العقبات التي وضعت في طريقها. والمصاعب الشخصية والصراعات التي واجهتها وتريد أن تكون أماً. والسؤال هنا ما إذا كانت سوف تحصل على أمنيتها؟ تدور أحداث الرواية كأي قصة عن أناس حقيقيين والقرارات التي تشكل حياتهم وتلعب دوراً في مساراتهم. وتحتشد بالتصوير لنضالات العقم وأوجاع القلب. إنها تأخذ القارئ في رحلة من النضالات التي تواجه الأزواج في الحقيقة. وتضع القارئ في محاولة لتخيل ما يمكن أن يفعل في الحالات التي تواجهها بطلة الرواية. ويأتي التساؤل هنا عما إذا كانت المعايير التي وضعت للقارئ صحيحة لو كانت تختبر في حقيقة الأمر؟ تماماً كالقضايا التي تواجه جولياً في هذه الرواية، سواء في علاقتها الزوجية، أو في كفاحها لتصور مأساة الإجهاض المتكرر وخيانة الزوج. ببراعة مختلفة قدمت الروائية أماندا الشخصية الرئيسية، (جوليا جيمس) التي تملك قوة هائلة لأنها كافحت من خلال مأساة وخسارة مدمرة مراراً وتكراراً، وخيانة زوجها لم تمنعها من فتح قلبها لابنه وتشكيل الصداقة مع (ميغان). توجه الروائية إلى شخصية جوليا: انفعالاتها، أفكارها، قراراتها. وتظهر الرواية بأنها ليست معقدة جداً، ولكن المؤلفة تريد أن تبث مشاعر قوية وفكر مختلف في الرواية مما يجعل أي قارئ - برغم أنه لم يشهد حالات الإجهاض لدى جوليا - يشعر على الفور بآلامها. الشيء الملفت في الرواية هو قوة البطلة. قد تكون مترددة بعض الشيء في البداية، ولكن بمجرد أن تكسب موطئ قدم لها لا تحترس. كما تعد رواية رائعة من الحب والقبول. جولياً.. الشخصية المحورية في الرواية، لديها نوع هادئ من القوة يجعلها تصبح بشكل تدريجي على بينة من نفسها، وبحلول نهاية الرواية ليس هناك شك في أنها سوف تبقى على قيد الحياة رغم ثلاث حالات الإجهاض التي تعرضت لها. استطاعت المؤلفة أماندا أن تشد القارئ إلى أعماق اليأس المستوطن في بطلة الرواية فيتعاطف معها. السرد في خندق الزهور يجعلك أسيراً من الصفحة الأولى خاصة مع الإجهاض أو فقدان طفل، ولكن بطريقة أو بأخرى، تصدمك الكاتبة بالنتيجة التي ربما هناك أوقات لم تتلقَ خلالها ما توقعت أن يحدث في النهاية وبشدة. أيضاً إطار الواقعية، ربما جوليا مثل معظم الناس - رغم كونها امرأة قوية - فقد شهدت خيانة الثقة. تعد الرواية بصيرة في حياة النساء خلال سنوات الإنجاب الخاصة بهن، وهي عمل شجاع لا يتستر على فقدان الحمل، وإنما يرسم واقعه بطريقة أولئك الذين لم يختبروا الرغبة الحقيقية في الإنجاب وحمل لقب أم. الرواية تحوي على نقطة رئيسة تقع الأحداث بعدها على التوالي في الكثير من الجوانب والتي كانت عبارة عن موضوع مثير للجدل لدرجة أن الجزء الأكبر من الرواية يدور حول هذه القضية ولكن الكاتبة أسهبت في الحديث حول هذا الجانب بشكل عميق. الناس من جميع مناحى الحياة يعاني بعضهم من الإجهاض، حيث إنه ليس شيئاً يخص نوعاً معيناً من الناس وجوليا وزوجها جريج مثال لعائلة من الطبقة المتوسطة وكان من الجميل أن نرى صراعات يومية لزوجين. ظهور الشخصيات في الرواية ممتع وسهل. وتمثل المفتاح لمعالجة القضايا الكبرى وهو الحديث عنها في إعداد حقيقي، وفعلت الروائية أماندا ذلك تماماً. كما أنها دفعت تحية لجميع الأزواج الذين يكافحون في سبيل الزواج وبشكل عام العمل الجاد من أجل زواج ناجح. وكان التطور في الرواية سلسا وغير متعجل. والشيء الرئيسي حول هذه الرواية أنه شعر حقيقي، والحياة الحقيقية تأتي مع العواطف، والفوضى والشجاعة، وتلك المشاعر كانت موجودة جميعها. صدرت خندق الزهور في سبتمبر 2015 وجاءت في 345 صفحة عن دار (بنر للنشر) وهذه الرواية تجمع قيمة إيجابية لمستقبل القارئ لأنها محفزة جداً على القراءة. وفي النهاية جوليا تذكرنا بأن هناك أملاً وأن أعظم هدية يمكن أن نقدمها لأنفسنا والآخرين هو بنقاء وببساطة. الحب.
مشاركة :