حاول الصحافي الياباني، تاتو تاكاهاما، أن يستفسر، عبر رسالة تويتر، من المرشح الجمهوري دونالد ترامب عن رؤيته للعلاقات الأمريكية اليابانية، فكان الجواب الذي تلقاه، حسبَ ماذكرت صحيفة Japan Today، عبارة تقول: «شكرًا لتأييدك»! من المؤكد أن ترامب لا يقرأ كل رسالة تويتر تصل حسابه الذي يتابعه الملايين، لكن من الواضح أن فريقًا كاملًا متخصصًا يعمل معه في هذا المجال لم يقرأ أيضًا رسالة الصحفي الياباني. تُلخص هذه الواقعة البسيطة الكثير من قصة هذا المرشح مع العالم من حوله، وهو عالم لا يرى ملامحه ولا يعرفه، ولكنه يرى نفسه، كدونالد ترامب، محورًا له بكل تأكيد. الصعود السياسي لدونالد ترامب خلال أقل من عام كفيل بإزالته بشكل نهائي يعتقد 29% من البريطانيين أنه يجب منع الرجل من دخول بلادهم أصلًا حظوظ دونالد ترامب في الفوز بالترشيح الجمهوري تهوي بشكلٍ حاد استطلاع للرأي لجامعة كوينيبياك نُشرت نتائجه نهاية ديسمبر الماضي قال نصف المستطلعين فيه إن انتخاب ترامب «سيُحرجهم» كأمريكان الديمقراطية الأمريكية «لا أعلمُ إن كان مواطنو الولايات المتحدة سينتخبون رجلًا متفوقًا Superior إذا رشح نفسه لمنصب الرئاسة، لكن مالا أشكُ فيه أن أمثال ذلك الرجل لن يُرشحوا أنفسهم لهذا المنصب». أطلق المفكر الفرنسي، أليكسي دو توكفيل، هذه العبارة التاريخية في معرض زيارةٍ له، خلال النصف الأول من القرن الثامن عشر إلى أمريكا، هدفَ فيها إلى دراسة المجتمع الأمريكي ونظامه السياسي تحديدًا، ونتج عنها كتابه المرجعي (الديمقراطية الأمريكية). حصلت أمريكا على استقلالها رسميًا عام 1776، وتناوب على رئاستها خلال 240 عامًا 44 رئيسًا. وإذا استثنينا بعض الأسماء التي تولت المنصب قبل كتابة توكفيل لمقولته، وأقل منها بكثير بعدما أطلقها، يمكن القول إن النبوءة الكامنة فيها صحيحة لحدٍ كبير. وإن كان ثمة شك لدى البعض إلى اليوم، فالواضح أن الصعود السياسي لرجلٍ مثل دونالد ترامب، خلال أقل من عام في المجتمع الأمريكي، كفيلٌ بإزالته بشكلٍ نهائي. تغييرات مرضية «ليس بعيدًا أن يقول ترامب لليابان إذا ما أصبح رئيسًا: أنت مطرودة». كان هذا استنتاج الصحيفة اليابانية المذكورة أعلاه في مقالها عن الرجل. ولنفس السبب، على الأرجح، لخصت صحيفة Southern Views الصينية ماتريد قوله في مقالٍ لها عنه أيضًا بعبارةٍ مفادها: «ثمة تغييرات مَرَضيةٌ غريبة تصيب القوة العالمية الكبرى وتحدثُ أمام أعيننا». ما يحدث في أمريكا يهم العالم في أي قضيةٍ تقريبًا، فكيف إذا تعلق الأمر برئيسها القادم؟ والأمر لايقتصر على منطقةٍ دون غيرها مثل آسيا، ففي أوروبا أظهر استطلاع رأي أجرته مجموع SSI العريقة أن ثلثي العينة التي تم سؤالها تتابع الانتخابات الرئاسية التمهيدية، وأن أكثر من الثلث من هؤلاء «يتابعونها بشدة». وتتبين أهمية الموضوع حين نعلم أن هذه النسب من المتابعة للسباق الرئاسي الأمريكي غير مسبوقة في مثل هذه المرحلة المبكرة نسبيًا. ومن الأرقام المعبرة في الاستطلاع أن 71% لديهم رأي سلبي عن المرشح ترامب، في حين يعتقد 29% من البريطانيين أنه يجب منع الرجل من دخول بلادهم أصلًا. وتبلغ المقارنة قمتها في التعبير حين نتذكر أن استطلاعات الرأي في أوروبا عام 2008 كانت تعطي أوباما نسبًا تقترب على الدوام من 90% من القبول والرضى بالرجل وآرائه. مخاوف عميقة من هنا، يبدو طبيعيًا أن تذكر وكالة رويترز في تقريرٍ لها أن دبلوماسيين من أنحاء العالم يتصلون بمسؤولين أمريكان في وزارة الخارجية وغيرها من الوزارات والوكالات الحكومية، وهم يُبدون مخاوفهم العميقة مما يعتبرونه «تصريحات علنية مهينة ومثيرة للكراهية والصراع» يطلقها المرشح الجمهوري. وحسب المسؤولين، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم لحساسية الموضوع، فإن الدبلوماسيين والمسؤولين الذين يتواصلون معهم ومع آخرين بهذا الخصوص ينتمون لأوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا والشرق الأوسط. (اغتيال) ترامب صحيحٌ أن المؤشرات كثيرة على خوف العالم خارج أمريكا، وكثيرون داخلها هنا من الجمهوريين المرشحين لسباق الرئاسة، كونهم ينتمون جميعًا لأقصى اليمين المتطرف في نهاية المطاف. لكن المؤسسة السياسية الأمريكية بشكلٍ عام، والماكينة الرسمية الجمهورية تحديدًا، تحاول أن تحصر الأمر في ترامب، بحيث تُلبسه كل مساوئ المؤسسة والنظام السياسي، وتقدمه قربانًا على مذبح الخلاص للمؤسسة ونظامها. كثيرةٌ هي الدلائل أن قرارًا ما صدر من المؤسسة السياسية، خلال الأسبوع الماضي ربما، يقضي بالتسريع في عملية الاغتيال السياسي لترامب والتخلص منه في أقرب وقتٍ ممكن. وحين تقرر المؤسسة السياسية في أمريكا اغتيال فردٍ ما سياسيًا، فإنها تعرف كيف تفعل ذلك بالتأكيد. الأسبوع الأسوأ خلال الأيام القليلة الماضية، ظهر فجأةً إجماعٌ على استعمال مصطلح «أسوأ أسبوع لترامب خلال الحملة» بين مختلف وسائل الإعلام الأمريكية المقروءة والمرئية والمسموعة، فضلًا عن انتشاره كالسرطان في وسائط وقنوات وصفحات ومواقع التواصل الاجتماعي. ورغم أن الأسبوع الذي يجري الحديث عنه لم يشهد أحداثًا استثنائية تختلف عن الفترة السابقة (فقط تصريحات ترامب المتناقضة والسطحية كالعادة عن الإجهاض والسياسة الخارجية)، ورغم أنه لم يشهد أي عملية تصويت أصلًا، إلا أن العبارة المذكورة أصبحت شعارًا قرأه أو سمعه كل مواطنٍ أمريكي تقريبًا، والأرجح أنه ترك انطباعًا سلبيًا عن الرجل في الجزء (اللاواعي) من عقله على الأقل. حظوظ ترامب تتهاوى ومنذ أيام، أرسلت مجلة نيوزويك لمشتركيها رسالةً عاجلة، على غير العادة، عبر البريد الالكتروني على شكل تقرير لوكالة رويترز بعنوان: «حظوظ دونالد ترامب في الفوز بالترشيح الجمهوري تهوي بشكلٍ حاد». ينقل التقرير أرقامًا عن وحدة أبحاث تتحدث عن هبوط حظوظ الرجل في الحصول على ترشيح الجمهوريين من 67% إلى 44% خلال أسبوع في مقابل ارتفاعه بالنسبة لمنافسه تيد كروز من 14% إلى 34% خلال نفس الفترة. ما يلفت النظر هنا أن وحدة التحليل المذكورة تابعةٌ لجامعة من نيوزيلندا! بعدها بيوم، كتب شين إيلينغ، الصحافي في مجلة SALON الشهيرة مقالًا بعنوان: «انتشار نظريات بأن ترامب يحاول تخريب حملته بعد أسبوعه الكارثي من الجحيم»، نقل فيه عن استراتيجي جمهوري، لم يسمهِ، قوله: «أعتقد أن ترامب يشعر أنه غارق إلى رأسه وأنه لا يريد حقًا الحصول على الترشيح». في نفس الفترة، يصرح الرئيس أوباما أمام قادةٍ من العالم في الأمم المتحدة أن ترامب دون أن يذكره بالاسم، لا يصلح للرئاسة بالتأكيد. ثم يصرح وزير الخارجية كيري لشبكة CBS قائلًا: «استنادًا إلى بعض الأسئلة التي تُطرح، من الواضح بالنسبة إليّ أن ما يحصل يُحرج بلادنا». ومع هذه التصريحات يُعاد الكلام الآن عن استطلاع للرأي لجامعة كوينيبياك نُشرت نتائجه نهاية ديسمبر الماضي، قال نصف المستطلعين فيه إن انتخاب ترامب «سيُحرجهم» كأمريكان. شكل تراجيدي بقراءة هذه الظواهر، واستقراء تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تستطيع «المدينة» التوقع بأن الأمور تسير باتجاه التخلص من ترامب بشكل تراجيدي إعلامي صارخ يُظهر أنه كان في النهاية مجرد (مزحة). والواضح أن وصول الرجل إلى هذه المرحلة، حتى تكتشف المؤسسة، ومعها المنظومة السياسية، أنه (مزحة) فيه الكثير من الدلالات عن طبيعة المنظومتين السياسية والإعلامية في هذا البلد، وعن مشكلاتها المتجذرة باضطراد. رغم هذا، الأرجح أن يمر الموضوع مرور الكرام، بتعاون المؤسسة السياسية والإعلام، وسيبدأ الأمر بنوعٍ من التساؤلات (المُندهشة) عن كيفية السماح بوصول الظاهرة إلى هذا المستوى وعدم اكتشافها قبل ذلك، ثم يطويه النسيان خلال أسابيع. ولكن، مع تحسبٍ وحيد يتمثل في أن ترامب قد يقوم بعملية استعراضية سياسية وإعلامية انتقامية كبرى قبل مغادرته الساحة. وهذا مشهدٌ تراجيدي يليق بالمسرح السياسي والإعلامي الأمريكي الراهن وبأبطاله على وجه التأكيد. هل نجحت «المؤسسة»؟ وفقًا للتصويت في ولاية ويسكانسُن الثلاثاء الماضي، يبدو أن خطة (المؤسسة) في وقف تقدم ترامب تمهيدًا لحذفه من الصورة نجحت بشكلٍ فعالٍ، حتى الآن على الأقل. فقد خسر الرجل الانتخابات بنسبة 35% من الأصوات مقابل 48% لمنافسه تيد كروز، علمًا أنه كان مرشحًا، منذ أسابيع وفق استطلاعات الرأي، ليفوز في هذه الولاية بفارقٍ مريح. بالطريقة الأمريكية في التحليل، والتي تمزج الأرقام بحسابات التفاؤل والتشاؤم، فإن كل مرشحٍ جمهوري فاز بانتخابات ويسكانسن منذ عام 1968 حصلَ في نهاية المطاف على ترشيح الحزب الجمهوري لسباق الرئاسة. من المؤكد أن هذه المعادلة هي التي دفعت ترامب لمهاجمة خصمه بشكلٍ عنيف، بعد إعلان النتائج، واصفًا إياه بأنه «ألعوبة»، ومتهمًا إياه بالتواصل بشكلٍ غير قانوني مع كبار الناخبين ومراكز القوة في الحزب الجمهوري. انتخابات مفصلية لكن انتخابات ويسكانسن لم تكن مفصليةً بالنسبة للحزب الجمهوري فقط، بل تبدو كذلك فيما يخص الديمقراطيين. فقد فاز فيها، بشكلٍ لم يكن متوقعًا أيضًا منذ أسابيع، بيرني ساندرز بنسبة 56% مقابل 43% من الأصوات حصلت عليها المرشحة الأولى هيلاري كلينتون. وبما أن هذا الفوز هو السادس للرجل على التوالي، فإن مجرد الحديث بهذه العبارة مقرونةً بعبارة «الخسارة السادسة على التوالي لكلينتون» تُحدث تأثيرًا نفسيًا مهمًا في الانتخابات، وفي هذا السباق الحساس تحديدًا. وهو تأثيرٌ له نتائج عملية واضحة تتعلق بقناعة الناخبين بأن ثمة احتمالًا بقدرة ساندرز على الحصول على الترشيح، ولو كان قليلًا، مقارنةً بالانطباع السائد سابقًا باستحالة حصوله على الترشيح. وهذا ما يبدو أن كلينتون وحملتها انتبها إليه فيما يبدو، ففي حين كان خطابها السابق يتجاهل ساندرز ويركز على ترامب بشكلٍ رئيس، بدأت خلال الأسبوعين الأخيرين في نقد برنامج منافسها، وتصاعد الأمر بعد فوزه الأخير حين وصفته بأنه يفتقد للبراغماتية المطلوبة في تفكيره السياسي بخصوص ماهو ممكن وغير ممكن، وبأن معظم وعوده الانتخابية تتمثل في برامج لايمكن أن يجري تمريرها في الكونغرس الأمريكي. هل يُعتبر هذا نقدًا لساندرز، أم أنه في الحقيقة نقدٌ للمنظومة السياسية الأمريكية التي لاتسمح بتمرير برامج إصلاحية كتلك التي يقترحها الرجل؟ هذا ماسُتُظهره الأيام المقبلة، المليئة بالمفاجآت، بوضوحٍ أكبر. الانتخابات الأمريكية بعيونٍ فنلندية منذ أسابيع، بعد يوم الثلاثاء الكبير، انتشر على موقع اليوتيوب مقطعٌ لنشرة أخبار من القناة الثامنة في فنلندا يتعلق بالانتخابات الأمريكية حصل على قرابة 5 ملايين مشاهدة وأكثر من 2200 تعليق حتى الآن. لنتذكر، قبل الحديث عن مضمون المقطع، أن مواطني فنلندا ينتمون لبلدٍ يحقق دائمًا أعلى الدرجات بين دول العالم في مختلف المجالات من التعليم إلى التنافسية الاقتصادية مرورًا بالحريات المدنية ونوعية الحياة والتنمية البشرية، وهو البلد الذي حقق المركز الأول عام 2015 في مقياس رأس المال البشري العالمي فضلًا عن المركز الأول في العالم أيضًا في نفس السنة كأكثر بلد استقرارًا في العالم. يعرف أهل هذا البلد إذن ماهي مقاييس الحياة الرغيدة، وكيف يمكن الوصول إليها. ورأيهم في هذه المجالات يبدو مهمًا لكل من يبحث عن إجابات تتعلق بتلك الموضوعات. في المقطع المذكور، الذي هو جزء من نشرة أخبار رسمية، تقول المذيعة تعليقًا على نتائج ذلك الثلاثاء:»بعد النتائج، لاحظ رجال كاوبوي الفيل [في إشارة للحزب الجمهوري] أن هجوم السيد رجل الأعمال ذي الشعر المستعار غير قابل للإيقاف [مع صورة لترامب]... وسيكون خيارهم بين الروبوت الكوبي [في إشارة لماركو روبيو الذي انسحب بعد ذلك] أو السيد اللطيف المهذب [مع صورة جون كازاك، المرشح الجمهوري المنافس الآن لترامب]. ولكن إذا انسحب الاثنان فإن الأصوات ستذهب إما للسيد الشعر المستعار أو للسيد الفأر المصقول [مع صورة لتيد كروز المرشح الأكبر لترامب]... ومع أن رجال الكاوبوي يكرهون الفأر المصقول، إلا أنه يبدو أقل إثارةً للعنف من السيد الشعر المستعار. ولكن، إذا لم يستطيعوا الاتفاق على مرشح مع قدوم شهر يوليو فإنهم سيحلون الموضوع على الطريقة الأمريكية: استخدام المبارزة بالمسدسات. على الطرف الثاني هناك الحمير الهبيون [الحمار هو شعار الحزب الديمقراطي]، ويقود هؤلاء المرأة المُهمِلة في استخدام رسائلها الالكترونية وزوجة الرئيس السابق، السيد ساكسفون [الآلة الموسيقية المعروفة والتي يحب العزف عليها علنًا الرئيس السابق بيل كلينتون]. وحتى الآن تتقدم السيدة ساكسفون على كاره الأغنياء اليهودي العجوز [في إشارة إلى بيرني ساندرز ثم صورة صريحة له في الخلفية]. العجوز اليهودي يريد تقديم تأمين صحي وتعليم مجاني للجميع في أمريكا، مثلما هو الحال عندنا. نعم.. كما هو الوضع عندنا. حظًا سعيدًا». المزيد من الصور :
مشاركة :