الخرطوم - عكست تصريحات نائب قائد الجيش السوداني الفريق أول شمس الدين الكباشي مخاوف لدى المؤسسة العسكرية من تغول ما يطلق عليها بـ”المقاومة الشعبية”، وفقدان السيطرة عليها. وعمد الجيش وفلول النظام السابق منذ ديسمبر الماضي إلى تسليح المدنيين في محاولة لإيقاف تقدم قوات الدعم السريع، في خطوة أثارت قلق القوى المدنية السودانية التي حذرت من أن هذه الخطوة بمثابة “لعب بالنار” وستقود إلى منزلقات خطيرة يصعب ضبطها مستقبلا. وقال كباشي لدى مخاطبته تخريج دفعة جديدة من قوات حركة تحرير السودان قيادة مني أركو مناوي بولاية القضارف إن “معسكرات المقاومة الشعبية يجب ألا تستغل وتصبح بازاراً وسوقاً سياسياً، وكل من يحمل شعار أو لافتة سياسية يجب ألا يدخل المعسكرات، ولن نسمح برفع أيّ راية بخلاف راية القوات المسلحة”. شمس الدين الكباشي: المقاومة الشعبية ستكون الخطر القادم في غياب الضوابط شمس الدين الكباشي: المقاومة الشعبية ستكون الخطر القادم في غياب الضوابط وأوضح بأن المقاومة الشعبية في حاجة إلى ضبط. وتابع “إذا ترك أيّ شخص يحمل السلاح بهذه الصورة فإن الخطر القادم ستكون المقاومة الشعبية”. وكشف عن شروعهم في سن قانون لضبط نشاط المقاومة الشعبية، ووجه القادة العسكريين بعدم السماح بتسليح المدنيين خارج المعسكرات، وطالب بجمع السلاح المنتشر خارج إمرة القوات المسلحة. وكان قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان دعا في أواخر يونيو الماضي شباب السودان للانضمام إلى الجيش لمواجهة قوات الدعم السريع قائلا “كل من هو قادر على حمل السلاح فليذهب إلى أقرب وحدة عسكرية”. وتأتي تلك الدعوة مع انهيار دفاعات الجيش في أكثر من جبهة وبنسق سريع، الأمر الذي أضعف موقف البرهان، الذي يتهم بالخضوع لأجندة الفلول السابق في إشعال الحرب العبثية منذ ما يقرب العام. ويقول مراقبون إن ما يطلق عليها المقاومة الشعبية هي بالأساس وليدة فكرة فلول النظام السابق، وهم اليوم من يتولون إدارة عناصرها، والإشراف عليها، وقد شكلوا جزءا حيويا في مساعي الجيش لاستعادة مناطق ومدن فقدها على غرار أم درمان المدينة التوأم للعاصمة الخرطوم. ويوضّح المراقبون أن قيادة الجيش وإن كانت دعمت فكرة إنشاء هذه الكيانات الميليشياوية في مواجهة الدعم السريع لكنها تخشى من تضخمها، بما يجعل من الصعوبة بمكان احتواؤها، وبالتالي تكرار الأخطاء السابقة. عبدالفتاح البرهان دعا في أواخر يونيو الماضي شباب السودان للانضمام إلى الجيش لمواجهة قوات الدعم السريع ويشير المراقبون إلى جانب آخر وهو أن تصريحات الكباشي هي محاولة منه للإيحاء بوجود مسافة مع فلول أمام الرأي العام السوداني، في ظل اتهامات توجه للجيش بالتحالف معهم لخلط الأوراق وقطع الطريق على قيام سلطة مدنية في السودان. وعايش السودانيون تجارب مريرة لاسيما في عهد الرئيس عمر البشير في تسليح المدنيين، وقد أدت إلى تأجيج الصراعات كما حدث في إقليم دارفور غربي البلاد حيث اندلع النزاع في العام 2003 وراح ضحيته 300 ألف قتيل ونزوح 2.5 مليون من منازلهم، وفقا للأمم المتحدة. وتفيد إحصائية رسمية صدرت في 2018، بأن هناك خمسة مليون قطعة سلاح في حوزة المدنيين بمختلف مناطق البلاد. لكن مسؤولا أمنيا قال في وقت سابق إن “هذا الرقم أقل بكثير من الواقع.. وأنه ما قبل الحرب صارت إجراءات ترخيص السلاح سهلة وتتحكم فيها الاستخبارات العسكرية وليس من خلال قانون الأسلحة والذخائر”، كما كان الأمر من قبل. ويعتقد مراقبون أن حديث الكباشي على وضع ضوابط لما يطلق عليها المقاومة الشعبية، لن تزيل التحديات الماثلة في ظل صراع بدأ يتشعب ويأخذ منحى قبليا وجهويا، مشيرين إلى أن الحل يكمن في العودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب، وهو ما لا يبدو البرهان مستعدا له. وقال الكباشي إن الجيش منفتح على أيّ جهد يعمل من أجل السلام لكنه عاد وقال “نحن مع أيّ دعوة صادقة للسلام ليس لدينا مشكلة في ذلك لكن لن نوقف الحرب ولن ندخل في هدنة ليستغلها المتمردون”. وأضاف الكباشي بأن القوات المسلحة لن تكون جزءاً من السلطة القادمة لكنها ستكون جزءاً من العملية لتناقش قضاياها العسكرية. واشترط نائب البرهان لفتح تحقيق حول مسؤولية اندلاع الحرب ألاّ يقتصر على معرفة من أطلق الطلقة الأولى لجهة أن هناك أشياء سبقت الحرب.
مشاركة :