إصدار قانون خاص بالمقاومة الشعبية يعزز نفوذ الإسلاميين داخل الجيش السوداني

  • 6/5/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تعمل أطراف محسوبة على حزب المؤتمر الوطني المنحل على تقنين الوضعية العسكرية والسياسية لما يسمى بـ”المقاومة الشعبية” لتصبح ظهيرا للجيش السوداني دون ارتباط باسم الحزب الذي تم حله قضائيا. الخرطوم - تضغط الحركة الإسلامية في السودان باتجاه تمرير قانون المقاومة الشعبية وتقنين وضعيتها داخل الجيش، لتعزيز نفوذ الحركة داخل المؤسسة العسكرية وضمان البقاء في وضع رسمي حال التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب وبدء مرحلة انتقالية جديدة، بغرض استعادة السلطة وتفويت الفرصة على الحكم المدني في السودان. وقال والي الخرطوم أحمد عثمان خلال حضوره لختام تدريب مجموعة من المستنفرين الأحد إن قانون أعمال الاستنفار وتنظيم المقاومة الشعبية دخل مرحلة جديدة مع إجازة لائحته، وهي خطوة بررها بحماية المقاومة من الاستهداف، مؤكدا أنه سيتم تقنين أوضاع المقاومة وتسليحها وفقًا لنصوص القانون. وبدا غياب قادة الجيش عن الاحتفال العسكري أمرا مستغربا، ما أدّى لاستنتاج عن وجود خلاف حول عملية تقنين أوضاع المقاومة الشعبية، في ظل مساعي جهات إسلامية محسوبة على حزب المؤتمر الوطني المنحل تقنين الوضعية العسكرية والسياسية للمقاومة الشعبية لتصبح ظهيرا للجيش دون ارتباط باسم الحزب الذي تم حله قضائيا. وطالبت ما تسمّى باللجنة العليا للمستنفرين والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم مجلس السيادة إصدار مرسوم دستوري لتقنين وضع المقاومة الشعبية، وهو ما اعتبر استباقا لمطالب تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) في مؤتمرها التأسيسي بأديس أبابا أخيرا بشأن إعادة هيكلة الجيش على أسس قومية. ويعيد دخول عناصر المقاومة كجزء رئيسي من المؤسسة العسكرية عملية بناء الجيش لنقطة الصفر بعد أن جرى التوافق على غالبية التفاصيل قبل اندلاع الحرب. انتصار العقلي: تجييش العناصر الجديدة يرمي إلى إطالة المعركة انتصار العقلي: تجييش العناصر الجديدة يرمي إلى إطالة المعركة ومهد نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان مالك عقار لتقنين أوضاع المقاومة الشعبية، حيث قال “إن الاستنفار قضية دستورية وقانونية مسموح بها في أيّ دولة إذا استدعت الضرورة أن تدعو الحكومة المواطنين لمواجهة خطر ما، وأن الاستنفار لم يبدأ في السودان”. وأكد عقار خلال لقائه وفد اللجنة العليا للمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم أنه مع تسليح المواطنين بطريقة مشروعة تحت إشراف الدولة والخضوع للقوانين والمحاسبة بأجل محدد، وستتم إجازة لائحة الاستنفار في مجلس السيادة في اجتماعه المقبل. ويتفق سياسيون على أن تدشين كتائب المقاومة الشعبية داخل الجيش يجرّ السودان نحو الحرب الأهلية، فقد جرى تكوينها على أساس مناطقي وقبلي، ما يظهر من خلال إقامة معسكراتها في ولايات تقع في وسط السودان وشماله وشرقه، وتدّعي أنها تهدف لمقاومة قوات الدعم السريع التي ينحدر غالبية قواتها من غرب السودان، وهو هدف عملت الحركة الإسلامية على تغذيته لتفتيت المكونات القوية وإضعافها. وتشير سيطرة كتائب البراء وغيرها من المجموعات الإسلامية المسلحة على المستنفرين والقوات الشعبية إلى أن السودان أمام وضع مختلف عن التعامل القانوني مع قرارات التعبئة العامة المتعارف عليها داخل الجيوش، وتقنينها يعزز قدرات الإسلاميين داخل الجيش، ويعني ذلك أن القرار سيكون مختطفا بشكل كامل من جماعات قد تهدد في أيّ وقت بالخروج على الجيش ومحاربته. وقال المحلل السياسي السوداني سليمان سري إن إصدار قانون خاص بالمقاومة الشعبية يعزز نفوذ الإسلاميين داخل الجيش بعد أن سيطرت عناصر تابعة لنظام الرئيس السابق عمر البشير على معسكرات تدريب المستنفرين، والهدف تشجيع المزيد على حمل السلاح وسط أمان نسبي يوفره الجيش لتلك العناصر بشكل قانوني. وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الإسلاميين يعملون على التمكين السياسي والعسكري منذ اندلاع الحرب، ويمنحهم قانون جهاز الأمن والمخابرات حصانة للمتعاونين معهم، وهؤلاء يستفيدون من الحصانة الآن، وهناك تمكين آخر في المناطق الآمنة من خلال انتشارهم في الشوارع والإيحاء بتأمين المواطنين. وزعم والي الخرطوم أحمد عثمان أن المقاومة الشعبية في الولاية بلغت ما يقرب من 50 ألف شخص، ورغم ضخامة الرقم لم يتمكن هؤلاء من حسم المعركة لصالح الجيش في العاصمة، ويظل الجزء الأكبر منها تحت سيطرة قوات الدعم السريع. وشدد سليمان سري في حديثه لـ”العرب” على أن الحديث بشكل متكرر عن أرقام المستنفرين يستفز الدعم السريع التي تعمل أيضا على استنفار قواها وتوسيع العمليات العسكرية في مناطق مختلفة، على رأسها ولاية الجزيرة بدافع أنها تواجه تهديدات. ولفت إلى أن سيطرة الإسلاميين على المقاومة الشعبية ظهر من خلال منحهم امتيازات قد لا تكون متاحة للمنضوين بشكل رسمي في صفوف الجيش، حيث تم توجيه مواد الإغاثة إليهم، وتفرض مشاركتهم في المعارك دون توجيهات مباشرة من قادة الجيش الحاجة للسيطرة عليهم، لكن قد يؤدي ذلك إلى زيادة إضعاف الجيش ليجد نفسه أمام مواجهات جديدة مع مجموعات مسلحة. سليمان سري: الإسلاميون يعملون على التمكين السياسي والعسكري سليمان سري: الإسلاميون يعملون على التمكين السياسي والعسكري وأعلن قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان الاستنفار العام منذ نحو عام، ودعا الشباب لحمل السلاح للقتال مع الجيش في المعركة التي يخوضها ضد قوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل من العام الماضي. ويتماشى تقنين المقاومة الشعبية مع ما ذهب إليه نائب قائد الجيش الفريق شمس الدين كباشي بشأن اعتكافهم لصياغة قانون وإصدار هياكل ولوائح تنظم عمل المقاومة الشعبية، دون أن يرتبط ذلك بسيطرة فصيل أو تيار سياسي عليها، مع انتقاده توظيف معسكرات المقاومة الشعبية لرفع شعارات تدعم الحركة الإسلامية دون الجيش. وأوضحت القيادية بتنسيقية “تقدم” انتصار العقلي وجود اختلاف بين الاستنفار الديني والجهوي الحاصل في معسكرات المقاومة الشعبية، وبين التعبئة العامة المتعارف عليها لدى الجيوش، وما يحدث حاليًا هو محاولة للزج بأكبر قدر من الشباب والصغار غير المدربين للانخراط في المعارك بلا تدريب كاف، ما يخدم أهداف الحركة الإسلامية لتقوية أذرعها، ويصعب الحديث عن دمج الصغار داخل الجيش. ونفت العقلي في تصريح لـ”العرب” أن يكون كل من ذهبوا إلى معسكرات التدريب ينتمون إلى الحركة الإسلامية، وأن ما حدث هو سيطرة العناصر الإسلامية عليهم، وثمة رغبة للتحكم في هذه المجموعات وقيادتها داخل الجيش. وأكدت أن تجييش العناصر الجديدة يرمي إلى إطالة المعركة وعرقلة الحلول السياسية، وأن والي الخرطوم مهمته حماية المواطنين وليس المشاركة في تجنيد عناصر مدنية ربما تتورط في ارتكاب جرائم ضد الأهالي أنفسهم. وتعبّر مطالبة وزارة الخارجية السودانية مؤخراً مشاركة المقاومة الشعبية في اجتماع دعت إليه القاهرة عن رغبة الحركة الإسلامية التي تسيطر على الخطاب الإعلامي للوزارة في تحصينها سياسيا أيضا، ما يتماشى مع تصريح آخر أطلقه مساعد قائد الجيش ياسر العطا تحدث فيه عن أن “القوات المسلحة تعتزم إطلاق فترة انتقال جديدة بعد الحرب، تكون المقاومة الشعبية قاعدتها الأساسية دون القوى السياسية”.

مشاركة :