الاقتصاد الإيطالي .. هبوط ناعم وتوازن دقيق

  • 3/30/2024
  • 22:07
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ربما لا يوجد مثال أفضل على الهبوط الناعم من الوضع الحالي للاقتصاد الإيطالي. تباطأ النشاط الاقتصادي في إيطاليا بشكل كبير مقارنة بمعدلات النمو المرتفعة، بعد الجائحة، التي لوحظت في 2021 و2022، لكن التباطؤ كان بما يكفي لتخفيف التضخم بفاعلية دون التسبب في ركود. لقد حقق في الأساس توازنا دقيقا، وهو أمر لطالما استهدفه محافظو البنوك المركزية عند تعاملهم مع ضغوط الأسعار المرتفعة. بلغ معدل التضخم السنوي للمستهلك 1.3% في مارس 2024، وفقا لبيانات أولية صدرت الجمعة عن المعهد الوطني الإيطالي للإحصاء. ويمثل هذا الرقم زيادة عن المعدل السابق البالغ 0.8%، لكنه أبطأ من 1.4% أشارت إليها التوقعات. وشهد التضخم الشهري أيضا زيادة متواضعة بلغت 0.1%، وهي أيضا أقل من التوقعات التي تحدثت عن 0.2%. وبحسب يورو نيوز، يمكن أن يعزى هذا الارتفاع الطفيف في التضخم إلى تراجع انخفاض أسعار الطاقة (سالب 10.8% في مارس مقارنة بسالب 17.3% في فبراير) وتسارع أسعار خدمات النقل (4.4% مقارنة بـ 3.8%). في المقابل، تباطأت أسعار المنتجات الغذائية غير المصنعة خلال مارس (2.6% مقابل 4.4%). وأظهرت الديناميكيات السنوية لأسعار عربات التسوق أيضا انخفاضا (3.0%)، في حين بلغ التضخم الأساسي 2.4% (زيادة متواضعة من 2.3%). انخفض معدل التضخم السنوي في إيطاليا أكثر من 10 نقاط مئوية بعدما وصل في أكتوبر 2022 إلى أعلى مستوى له منذ أربعة عقود، عندما بلغ 11.8%، ولا يزال أقل كثيرا من متوسط منطقة اليورو، الذي كان عند 2.6% في فبراير 2024 ومن المتوقع أن يتراجع بشكل هامشي إلى 2.5% في مارس. إلى جانب التحسن في عوامل جانب العرض التي تؤثر على التضخم، مثل الانخفاض الكبير في أسعار الطاقة، تراجعت الضغوط التضخمية في إيطاليا أيضا بسبب تأثيرات جانب الطلب. وبشكل أساسي، أثرت السياسة النقدية بفاعلية على الاقتصاد في الأعوام الأخيرة. كانت أسعار الفائدة المرتفعة التي حددها البنك المركزي الأوروبي سببا في ثني الشركات والأسر عن الاقتراض، وبالتالي تهدئة الاقتصاد وتهدئة التضخم بفاعلية. وفقا لأحدث التوقعات الصادرة عن المفوضية الأوروبية، من المتوقع أن يصل معدل التضخم في إيطاليا إلى 2.0% في 2024 و2.3% في 2025، مدفوعا بزيادة متوقعة في الأجور، خاصة في القطاع العام. قال باولو ماميلي، خبير اقتصادي في بانكا آي إم آي: من المتوقع أن يظل التضخم أقل كثيرا من متوسط منطقة اليورو، مشيرا إلى أن التضخم الأساسي في إيطاليا ظل متخلفا باستمرار عن متوسط منطقة اليورو خلال العامين الماضيين، وهو نمط من المتوقع أن يستمر بسبب مسار نمو الأجور المقيد. بشكل عام، يتوقع ماميلي أن يرتفع التضخم الرئيس في إيطاليا بشكل طفيف على مدار العام، وأن يظل في المتوسط قريبا من عتبة 2% في كل من 2024 و2025. الأمر البالغ الأهمية هو أن الانخفاض في التضخم الإيطالي لم يرافقه انكماش اقتصادي أو تدهور في ظروف العمل. في فبراير، أظهرت دراسات استقصائية لمؤشر مديري المشتريات أن النشاط داخل قطاع الخدمات سجل أعلى مستوى نمو لوحظ في ثمانية أشهر. أشار الدكتور طارق كمال شودري، خبير اقتصادي في بنك هامبورغ التجاري، إلى مرونة قطاع الخدمات الإيطالي، مؤكدا على نمو مطرد في الطلبيات الجديدة ودفعة خفيفة من الخارج، ما يؤدي إلى موقف توظيف قوي. تظهر أحدث بيانات سوق العمل أن معدل البطالة في إيطاليا وصل في يناير إلى أدنى مستوى له منذ 16 عاما؛ 7.2%. سلطت إلينور دينيسون، خبيرة اقتصادية في إس آند بي جلوبال ماركيت إنتيليجنس، الضوء على تحسن المعنويات بين شركات القطاع الخاص الإيطالي، مع توقعات أكثر إيجابية للاستثمار والتوظيف والأرباح عبر مختلف الصناعات. إجمالا، نجحت إيطاليا في إدارة هبوط ناعم ناجح، من خلال التعامل بفاعلية مع النمو المعتدل والسيطرة على التضخم. للمضي قدما، سيكون من الضروري مراقبة تأثير تخفيضات محتملة في أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، وانعكاسات أداء الاقتصاد العالمي على أنماط التضخم في إيطاليا.

مشاركة :