إن مجيء وزير تعليم لبلادنا من منطقة اقتصادية يؤكد توجه بلادنا نحو جعل التعليم ذراعا اقتصادية استثمارية، كما أن خصخصة بعض قطاعات التعليم وإخراجها من حضن وزارة التعليم يشير إلى دخول الاقتصاد كرأس حربة في إقرار خططنا وسياساتنا التعليمية التحدي الاقتصادي هو اليوم أشرس التحديات التنموية التي تواجهها الدول، فالحديث عن الاقتصاد لم يعد ينفصل إطلاقاً عن الحديث عن التعليم (والعكس)، والرابط بينهما تجده فيما سمي «الاقتصاد المعرفي»، أي الاقتصاد الذي يقوم على تنمية المعرفة العلمية، وتعزيز مهارات الإبداع والتحليل النقدي العلمي(رأس المال البشري)، بداية ظهور الاقتصاد المعرفي انطلقت في الدول المتقدمة، وتُعَد كوريا الجنوبية واليابان نموذجين حقيقيين للدول التي يقوم اقتصادها على المعرفة (التعليم)، بل إن منتجات هذا النوع من الاقتصاد (سامسونج، توشيبا، هونداي - مثلاً) أصبحت تحقق مكاسب تنافس مكاسب الشركات النفطية الغربية العملاقة، ولكي ينجح التعليم في الوصول باقتصاد أي مجتمع إلى مستوى الاقتصاد المعرفي، يجب أن يتوجّه هذا التعليم نحو بناء وتأسيس مهارات تعليمية نوعية جديدة لدى المتعلمين، وهي مهارات أصبحت تسمّى مهارات التعلُّم في القرن الحادي والعشرين، لقد قضى اقتصاد المعرفة على مهن وفرص عمل تقليدية كانت سائدة قبل عدة عقود من الزمن، وخلق في المقابل فرص عمل جديدة تتطلب مهارات نوعية جديدة لا يمكن للتعليم التقليدي أن يحققها.
مشاركة :