بغداد - أكمل العراق إعداد مسودة مذكرة تفاهم أمنية مع تركيا مشابهة لما وقعها مع إيران حيث تتواجد على أراضي إقليم كردستان أحزاب مناهضة للنظامين في البلدين الجارين، وتسعى أنقرة وطهران إلى الحد من نشاطاتها وتحجيمها. ونقلت وكالة شفق نيوز المحلية، عن مصدر مقرب من اللجنة الثنائية المشكلة بين العراق وتركيا بأن تلك المذكرة "ستتم مناقشتها مع الجانب التركي قريبا تمهيدا لتوقيعها". وأوضح أن هذه المسودة تشمل الملفات العالقة بين بغداد وأنقرة وخاصة الملف الأمني وما يتعلق بالحدود، وقضية حزب العمال الكردستاني. وكانت اللجنة الأمنية العليا المشتركة بين العراق وتركيا قد عقدت اجتماعين أحدهما نهاية العام 2023، والثاني في مطلع العام 2024 ، وقد جرى فيهما التباحث حول تعزيز أمن الحدود المشتركة. وذكرت مصادر عراقية إن مسؤولين أتراكاً بحثوا في بغداد، مؤخرا التنسيق لأكبر عملية عسكرية شمال البلاد ضد حزب العمال الكردستاني وإنشاء "منطقة عازلة" داخل العراق من جهة إقليم كردستان، وأشارت إلى أن التحالف الحاكم مستعد لتقديم الدعم السياسي لهذه العملية، مقابل صفقة تتعلق بالمياه والطاقة، في حين أشارت مصادر تركية إلى أن قوات الحشد الشعبي قد تلعب دوراً في العملية. ومؤخرا أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقابلة إذاعية أن حكومة بلاده لديها "مناقشات مستمرة مع الجانب التركي والتي لا تقتصر على الوضع الأمني بل تشمل المياه والاقتصاد والتجارة والعلاقات الثنائية بين البلدين"، نافيا في الوقت ذاته وجود نية لدى أنقرة بقيام عملية عسكرية واسعة داخل الأراضي العراقية ضد حزب العمال الكردستاني. وكثّفت أنقرة عملياتها عبر الحدود ضد حزب العمال الكردستاني المتمركز في مناطق جبلية بشمال العراق وحذرت من توغل جديد في المنطقة. وكان الصراع يدور منذ فترة طويلة بشكل رئيسي في المناطق الريفية بجنوب شرقي تركيا، لكنه يركز الآن بشكل أكبر على جبال إقليم كردستان، حيث يتمركز مقاتلو حزب العمال الكردستاني. وكان العراق في السابق يقول إن العمليات تنتهك سيادته، لكن أنقرة تقول إنها تحمي حدودها. ويقول المحلل السياسي سعد البديري إن هذه الاتفاقية إذا حصلت مناقشات مستفيضة حولها، من الممكن أن تشبه إلى حدٍ ما الاتفاقية المبرمة مع الجانب الإيراني مع اختلاف التفاصيل. وأضاف أن العراق يعمل على التوصل إلى اتفاقية شاملة مع أنقرة تتضمن جميع الملفات الأمنية والاقتصادية والسياسية وصولا إلى تأمين حصته من المياه، وخروج القوات التركية من الأراضي العراقية. وبحسب المصادر فإن المباحثات ناقشت تحويل المنطقة التي تتوزع فيها القواعد العسكرية التركية في إقليم كردستان "حزاماً أمنياً" أو منطقة عازلة يصل إلى جميع المناطق التي ينشط فيها حزب العمال، بما في ذلك منطقة جبل قنديل. وأضافت إن بغداد وأنقرة توصلتا إلى تصور مشترك بشأن "مخاطر حزب العمال"، والأتراك عبّروا عن قلقهم من أن استمرار نشاط هذا الحزب سيمنع إنشاء طريق التنمية. وتريد تركيا أن تنهي مشكل حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وأن تقيم حزاماً أمنياً بعمق يتراوح بين 30 و40 كيلومتراً على غرار ما تفعل في سوريا، وأن تضمن من خلال هذه العملية قطع الصلة بين العمال الكردستاني في شمال العراق ووحدات حماية الشعب الكردي في شمال سوريا. وفي يوم 13 سبتمبر/ أيلول من العام 2023 صرّح وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان، بالتزام الجانب العراقي بالاتفاقية الأمنية المبرمة بين الجانبين، وإبعاد المجموعات والأحزاب الكردية المناهضة للنظام في طهران عن الحدود المتاخمة للبلدين. وفي أوقات سابقة قام الحرس الثوري الإيراني بقصف مواقع في إقليم كردستان وقال حينها أنه استهدف جماعات مسلحة كردية تهدد الأمن الإيراني. واعتبر وزير داخلية إقليم كردستان ريبر أحمد، في شهر فبراير/ شباط من العام 2024، أن إيران انتهكت الاتفاق الأمني المبرم مع العراق بالقصف الذي شنته على اربيل بالصواريخ الباليستية في منتصف شهر يناير/كانون الثاني الماضي وأسفر عن سقوط عدد من الضحايا المدنيين. ومن المقرر أن يجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة رسمية مرتقبة إلى بغداد وكذلك أربيل بعد الانتخابات البلدية التركية، وبهذا الصدد كان فلاح مصطفى كبير مستشاري رئيس اقليم كردستان قد صرح في مطلع شهر مارس/ آذار الجاري، بأن هذه الزيارة ستكون عاملا لتعزيز العلاقات الثنائية مع العراق بشكل عام وإقليم كردستان خاصة. وتتعرض مناطق حدودية في إقليم كردستان العراق إلى هجمات متعددة من الجيش التركي بذريعة مطاردة حزب العمال الكردستاني؛ و تشن المقاتلات الحربية والمدفعية التركية ضربات جوية تستهدف بها قرى ومرتفعات جبلية في الإقليم.
مشاركة :