القاهرة – بدأت جولة جديدة من المفاوضات اليوم الأحد في القاهرة سعيا للتوصل إلى هدنة بعد مرور ستة أشهر تقريبا على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في وقت يتواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث قتل عشرات الفلسطينيين، بينما وقعت مأساة جديدة أثناء توزيع الغذاء على السكان الذين يعانون من الجوع وأسفرت عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل. وذكرت قناة القاهرة الإخبارية القريبة من السلطات المصرية، أن "مصدرا أمنيا مصريا أكد لـ"القاهرة الإخبارية" استئناف مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس بالقاهرة" الأحد. وأضافت القناة أن مصر وقطر اللتين تقومان بدور وساطة في هذا الصدد "تواصلان جهودهما المشتركة لإحراز تقدم في المفاوضات بين الجانبين". وفي مواجهة الضغوط الدولية، بما في ذلك تلك التي تمارسها الولايات المتحدة وعائلات الرهان الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة "الموافقة على جولة من المفاوضات في الأيام المقبلة في الدوحة والقاهرة... للمضي قدماً". وقال مسؤول إسرائيلي لـ"رويترز"، إن إسرائيل سترسل وفدا إلى القاهرة، الأحد، لكن مسؤولاً من "حماس" قال إن الحركة ستنتظر أولاً للاستماع إلى الوسطاء المصريين في شأن نتيجة محادثاتهم مع الجانب الإسرائيلي. وتكثف إسرائيل وحماس المفاوضات التي تتوسط فيها قطر ومصر بهدف تعليق الحملة العسكرية الإسرائيلية لمدة ستة أسابيع مقابل إطلاق سراح 40 رهينة من أصل 130 ما زالت الحركة الفلسطينية تحتجزهم في غزة. وتسعى حماس لاستغلال أي اتفاق لإنهاء القتال وانسحاب القوات الإسرائيلية. وتستبعد إسرائيل ذلك، وتقول إنها ستستأنف في نهاية المطاف جهودها الرامية إلى تفكيك قدرات حماس العسكرية وإنهاء حكمها في غزة. وترغب حماس أيضاً في السماح لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين فروا من مدينة غزة والمناطق المحيطة بها باتجاه الجنوب خلال المرحلة الأولى من الحرب بالعودة إلى الشمال. وقال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل منفتحة على مناقشة السماح بعودة "بعض" النازحين فقط. وقُتل 75 شخصاً على الأقل ليل السبت الأحد في الغارات الإسرائيلية، حسبما أفادت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007. وعلى الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، إلّا أنّ القتال لم يتوقّف في القطاع المحاصر والمدمّر، حيث بلغت حصيلة القتلى أكثر من 32700 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً للوزارة. كما تهدد المجاعة سكّانه البالغ عددهم 2.4 مليون شخص فيما تدخل المساعدات الإنسانية التي تخضع لرقابة من الجانب الإسرائيلي، بكميات قليلة إليه. وفي مواجهة خطر المجاعة، غادر أسطول صغير قبرص السبت باتجاه غزة لنقل 400 طن من المساعدات الإنسانية، وذلك بعد فتح ممر بحري بين قبرص وغزة في منتصف مارس. وفي مؤشر الى التدهور الكبير للوضع الإنساني، أفاد مسؤول في الهلال الأحمر الفلسطيني عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة العشرات جراء إطلاق نار وتدافع أثناء توزيع مساعدات فجر السبت في قطاع غزة. غير أنّ الجيش الإسرائيلي قال في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية، إنه "ليس على علم بالحادث". وتحوّل العديد من عمليات توزيع المساعدات في هذه المدينة إلى مأساة منذ فبراير، حيث أسفرت عن مقتل أكثر من مئة شخص. وقبل بضعة أيام، لقي 18 فلسطينياً حتفهم من بينهم 12 غرقاً، فيما كانوا يحاولون الحصول على مساعدات غذائية أُنزلت بمظلات إلى القطاع وسقط بعضها في البحر. ويأتي ذلك فيما أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل الخميس بـ"ضمان توفير مساعدة إنسانية عاجلة" لقطاع غزة من دون تأخير مؤكدة أنّ "المجاعة وقعت". واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر، إثر هجوم نفّذته حركة حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1160 شخصاً معظمهم من الأطفال والنساء، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصاً ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم. وتعهّدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس وهي تشنّ منذ ذلك الحين عملية عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزة. وتجمّع آلاف الأشخاص السبت في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح الرهائن، كما من المقرّر تنظيم تظاهرة حاشدة جديدة الأسبوع المقبل. وقالت شيرا إلباغ التي خُطفت ابنتها ليري (19 عاماً) خلال هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، "حان الوقت للخروج والكفاح ضدّ اللامبالاة ومن أجل الحياة. أطلب منكم الآن النزول إلى الشوارع معنا ورفع صوت موحّد وواضح: أعيدوهم إلى ديارهم الآن!". وعُقدت في الأشهر الأخيرة مفاوضات عدّة عبر الوسطاء الدوليين مصر وقطر والولايات المتحدة، ولكن من دون نتيجة فيما تبادل الطرفان الاتهامات بعرقلتها. ومنذ بداية الحرب، تمّ التوصّل إلى هدنة واحدة لمدّة أسبوع في نهاية نوفمبر، سمحت بالإفراج عن حوالي مئة رهينة، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل. وفي انتظار تحقيق اختراق جديد في هذا الإطار، يتواصل القتال في القطاع الفلسطيني خصوصاً في محيط عدد من المستشفيات التي أصبح معظمها خارج الخدمة، والتي يتهم الجيش الإسرائيلي مقاتلي حماس بالاختباء فيها. وأعلن الجيش السبت قتل عدد من المقاتلين من بينهم قيادي في الحركة الفلسطينية، في "العملية" التي ينفّذها منذ 14 يوماً في مجمّع الشفاء الطبي في مدينة غزة، والذي يعدّ الأكبر في القطاع. وأفادت الحركة بأنّ 107 مرضى لا يزالون "محتجزين" في المستشفى، بينما أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أنّه لا يزال هناك مئة مريض و50 عاملاً صحياً. كذلك، أفادت حركة حماس بأنّ القوات الإسرائيلية تتواجد في مجمّع مستشفى ناصر في جنوب قطاع غزة، فيما ذكر الهلال الأحمر الفلسطيني أنّ عمليات تجري في مستشفى الأمل الواقع في جنوب القطاع أيضاً. من جهته، أشار مدير مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، إلى أنّ هذا المستشفى يعدّ المؤسسة "الوحيدة المتاحة للحالات الحرجة"، ولكنّه يواجه حالياً نقصاً في الدم.
مشاركة :